للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّاعَةُ.

واخْتَصَرَهُ شُعْبَةُ عَنْ قَتادَةَ: سَمِعْتُ أنسا عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَيلك {وَمَا أَعدَدْت لَهَا؟) وَعَمْرو بن عَاصِم الْقَيْسِي الْبَصْرِيّ، وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى الْأَزْدِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن هَارُون بن عبد الله بالقصة الْأَخِيرَة: مر غُلَام للْمُغِيرَة، وَلم يذكر أول الحَدِيث.

قَوْله: (إِن رجلا من أهل الْبَادِيَة) وَفِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أنس عِنْد مُسلم: أَن رجلا من الْأَعْرَاب قَالَ: مَتى السَّاعَة قَائِمَة. قَالَ الْكرْمَانِي: قَائِمَة، بِالنّصب وَلم يبين وَجهه، وَقَالَ بَعضهم: يجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب وَلم يبين وجههما. قلت: أما النصب فعلى الْحَال. تَقْدِيره: مَتى وَقعت السَّاعَة حَال كَونهَا قَائِمَة؟ وَأما الرّفْع فعلى أَنه خبر السَّاعَة، وَمَتى ظرف مُتَعَلق بِهِ. قَوْله: (وَيلك} مَا أَعدَدْت لَهَا؟) قَالَ شيخ شَيْخي الطَّيِّبِيّ: سلك مَعَ السَّائِل طَرِيق الأسلوب الْحَكِيم لِأَنَّهُ سَأَلَ عَن وَقت السَّاعَة. وَأجَاب بقوله: مَا أَعدَدْت لَهَا؟ يَعْنِي: إِنَّمَا يهمك أَن تهتم بأهبتها وتعتني بِمَا ينفعك عِنْد قِيَامهَا من الْأَعْمَال الصَّالِحَة، فَقَالَ هُوَ: مَا أَعدَدْت لَهَا؟ قَوْله: (إِنَّك مَعَ من أَحْبَبْت) أَي: مُلْحق بهم وداخل فِي زمرتهم، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَلَفظ: إلَاّ إِنِّي أحب الله يحْتَمل أَن يكون اسْتثِْنَاء مُتَّصِلا ومنقطعاً، وَسبب فَرَحهمْ أَن كَونهم مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدل على أَنهم من أهل الْجنَّة، ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: دَرَجَته فِي الْجنَّة أَعلَى من درجاتهم، فَكيف يكونُونَ مَعَه؟ قلت: الْمَعِيَّة لَا تَقْتَضِي عدم التَّفَاوُت فِي الدَّرَجَات. انْتهى. قلت: لَو فسر قَوْله: (مَعَ من أَحْبَبْت) بِمَا فسرناه لما احْتَاجَ إِلَى هَذَا السُّؤَال وَلَا إِلَى هَذَا الْجَواب. قَوْله: (للْمُغِيرَة) يَعْنِي: الْمُغيرَة بن شُعْبَة الثَّقَفِيّ. قَوْله: (وَكَانَ من أقراني) أَي: سنه مثل سني، وَقَالَ ابْن التِّين: الْقرن الْمثل فِي السن، وَهُوَ بِفَتْح الْقَاف وَكسرهَا الْمثل فِي الشجَاعَة، قَالَ: وَفعل بِفَتْح أَوله وَسُكُون ثَانِيه إِذا كَانَ صَحِيحا لَا يجمع على أَفعَال إلَاّ ألفاظاً لم يعدوا هَذَا مِنْهَا، وَقَالَ ابْن بشكوال: إسم هَذَا الْغُلَام مُحَمَّد، وَاحْتج بِمَا أخرجه مُسلم من رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَتى تقوم السَّاعَة؟ وَغُلَام من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ: مُحَمَّد ... الحَدِيث، قَالَ: وَقيل اسْمه سعد، ثمَّ أخرج من طَرِيق الْحسن عَن أنس: أَن رجلا سَأَلَ عَن السَّاعَة فَذكر حَدِيثا قَالَ: فَينْظر إِلَى غُلَام من دوس يُقَال لَهُ: سعد، وَهَذَا أخرجه الْمَاوَرْدِيّ فِي (الصَّحَابَة) قلت: الظَّاهِر أَن الْقِصَّة لَهَا تعدد. قَوْله: (إِن آخر هَذَا) أَي: لم يمت هَذَا فِي صغره ويعيش لَا يهرم حَتَّى تقوم السَّاعَة. قَوْله: (فَلَنْ يُدْرِكهُ هَذَا) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فَلم يُدْرِكهُ، وَفِي رِوَايَة مُسلم كَرِوَايَة الْكشميهني، وَقَالَ بَعضهم: وَهِي أولى، وليت شعري مَا وَجه الْأَوْلَوِيَّة؟ وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا تَوْجِيه هَذَا الْخَبَر إِذْ هُوَ من المشكلات؟ ثمَّ أجَاب بقوله: هَذَا تَمْثِيل لقرب السَّاعَة وَلم يرد مِنْهُ حَقِيقَته أَو الْهَرم لأحد لَهُ أَو الْجَزَاء مَحْذُوف، وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: المُرَاد بالساعة ساعتهم أَي: موت أُولَئِكَ الْقرن، أَو أُولَئِكَ المخاطبون. وَقَالَ النَّوَوِيّ: يحْتَمل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، علم أَن هَذَا الْغُلَام لَا يُؤَخر وَلَا يعمر وَلَا يهرم.

قَوْله: (وَاخْتَصَرَهُ شُعْبَة) أَي: اختصر الحَدِيث شُعْبَة، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى شَيْئَيْنِ: (أَولهمَا:) أَن شُعْبَة اختصر من الحَدِيث مَا زَاده همام من قَوْله: (فَقُلْنَا وَنحن كَذَلِك؟ قَالَ: نعم ففرحنا يومئذٍ فَرحا شَدِيدا) . وَالْآخر: تَصْرِيح سَماع قَتَادَة عَن أنس رَضِي الله عَنهُ

٩٦ - (بابُ عَلامَةِ حُبِّ الله عَزَّ وَجَلَّ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عَلامَة حب الله عز وَجل، وَفِي بعض النّسخ: بَاب عَلامَة الْحبّ فِي الله تَعَالَى، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا اللَّفْظ يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ محبَّة الله تَعَالَى للْعَبد فَهُوَ الْمُحب، وَأَن يُرَاد محبَّة العَبْد لله تَعَالَى فَهُوَ المحبوب. قلت: هَذَا الترديد ينشأ من إِضَافَة حب الله، فَإِن كَانَت الْإِضَافَة للْفَاعِل وَالْمَفْعُول مطوي فَهُوَ المُرَاد الأول، وَإِن كَانَت إِلَى الْمَفْعُول وَذكر الْفَاعِل مطوي فَهُوَ المُرَاد الثَّانِي، والمحبة من الله إِرَادَة الثَّوَاب وَمن العَبْد إِرَادَة الطَّاعَة، وَهنا وَجه آخر على مَا ذكره الْكرْمَانِي، وَهُوَ أَن يُرَاد الْمحبَّة بَين الْعباد فِي ذَات الله تَعَالَى، وجهته لَا يشوبه الرِّيَاء والهوى.

لِقَوْلِهِ: {) إِن كُنْتُم تحبون ... يحببكم الله} (آل عمرَان: ٣١)

أَرَادَ بإيراد هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة أَن عَلامَة حب الله أَن يُحِبُّوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا اتبعُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شَرِيعَته وسنته يُحِبهُمْ الله عز وَجل، فَيَقَع الِاسْتِدْلَال بهَا فِي الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين بِاعْتِبَار الْإِضَافَة فِي حب الله تَعَالَى. وَعَن الْحسن وَابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>