زيد بن عَاصِم. أخرجه مَوْصُولا فِي بَاب غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ على مَا يَأْتِي عَن قريب. فَإِن قلت: إِلَى مَا يرجع الضَّمِير فِي: قَالَه؟ قلت: يرجع إِلَى الْمَضْمَضَة، وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث، أَو يكون تذكير الضَّمِير بِاعْتِبَار الْمَذْكُور. فان قلت: مقول القَوْل يَنْبَغِي أَن يكون جملَة، وَهَهُنَا مُفْرد. قلت: القَوْل هَهُنَا بِمَعْنى الْحِكَايَة كَمَا فِي: قلت شعرًا، وَقلت قصيدة، وَالْمعْنَى حَكَاهُ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَلَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير بِقَوْلِك: أَي قَالَ بالمضمضة ابْن عَبَّاس، كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْكرْمَانِي. فَافْهَم.
١٦٤ - حدّثنا أبُو اليَمَانِ قالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي عَطَاءُ بنُ يَزِيدَ عَنْ حُمْرَانَ مَوْلى عُثْمان بن عَفَّانَ أنَّهُ رَأَى عُثْمانَ دَعَا بِوَضُوءِ فَأَفْرغَ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الوَضُوءِ ثُمَّ تمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَر ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً وَيَدَيْهِ إلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاثاً ثُمَّ مَسَحَ بِرَأسِهِ ثُمَّ غَسَلَ كُلَّ رِجْلٍ ثَلاثاً ثُمَّ قالَ رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَوَضَّأْ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا وقالَ مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبِهِ.
(انْظُر الحَدِيث: ١٥٩ واطرافه) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ تمضمض) .
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة. الأول: أَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع. الثَّانِي: شُعَيْب بن ابي حَمْزَة. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: عَطاء بن يزِيد، من الزِّيَادَة. الْخَامِس: حمْرَان بن أبان، وَالْكل قد ذكرُوا.
بَيَان لطائف اسناده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الْجمع والإفراد والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة حمصي عَن حمصي، وهما الْأَوَّلَانِ، والبقية مدنيون.
وَبَقِيَّة الْكَلَام سلفت فِي بَاب: الْوضُوء ثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَلَا تفَاوت بَينهمَا، أَي: بَين الْحَدِيثين إلَاّ بِزِيَادَة لفظ: (واستنشق) هَهُنَا، وَزِيَادَة: (رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتوضؤ نَحْو وضوئي هَذَا) قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل التَّفَاوُت بَينهمَا فِي غير مَا ذكره أَيْضا، فَإِن هُنَاكَ: (دَعَا بِإِنَاء) وَهَهُنَا: (دَعَا بِوضُوء) . وَهن فأفرغ على كفيه ثَلَاث مرَارًا وَهَهُنَا فافرغ عَليّ يَدَيْهِ من إنائه وَهُنَاكَ فغسلهما ثمَّ ادخلهما وَهَهُنَا فغسلهما ثَلَاث مَرَّات) وَهُنَاكَ: (ثمَّ أَدخل يَمِينه فِي الْإِنَاء) . وَهنا: (فِي الْوضُوء) ، وَهُنَاكَ: (فَمَضْمض) ، وَهَهُنَا: (ثمَّ تمضمض) وَهُنَاكَ: (ثمَّ غسل رجلَيْهِ) ، وَهَهُنَا. (ثمَّ غسل كل رجل) ، وَهَذِه رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ والكشميهني: (ثمَّ غسل كل رجل) ، وَفِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر: (كلتا رجلَيْهِ) . وَهِي الرِّوَايَة الَّتِي اعتمدها صَاحب (الْعُمْدَة) وَفِي نُسْخَة: (كل رجلَيْهِ) ، وَالْكل يرجع إِلَى معنى وَاحِد، غير أَن رِوَايَة: (كل رجله) ، تفِيد تَعْمِيم كل رجل بِالْغسْلِ. قَوْله: (غفر الله لَهُ) ، هَذِه رِوَايَة، الْمُسْتَمْلِي، وَفِي رِوَايَة غَيره: (غفر لَهُ) ، على بِنَاء الْمَجْهُول، وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَة يُونُس فِي هَذَا الحَدِيث: قَالَ الزُّهْرِيّ: (كَانَ عُلَمَاؤُنَا يَقُولُونَ: هَذَا الْوضُوء اسبغ مَا يتَوَضَّأ بِهِ أحد للصَّلَاة) .
٢٩ - (بابُ غَسْلِ الَاعْقَابِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الأعقاب، وَهِي جمع عقب، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف مِثَال: كبد، وَهُوَ الْعظم الْمُتَأَخر الَّذِي يمسك مُؤخر شِرَاك النَّعْل، وَقد مر تَحْقِيق الْكَلَام فِيهِ.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة، وَهِي أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي حكم من أَحْكَام الْوضُوء.
وَكانَ ابنُ سِيرينَ يَغْسِلُ مَوْضِعَ الخَاتَمِ إذَا تَوَضَّأَ
الْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع: الأول: أَن هَذَا تَعْلِيق أخرجه ابْن شيبَة فِي (مُصَنفه) بِسَنَد صَحِيح مَوْصُولا عَن هشيم عَن خَالِد عَن ابْن سِيرِين، وَكَذَا أخرجه البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي (التَّارِيخ) عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن مهْدي بن مَيْمُون عَنهُ: (أَنه كَانَ إِذا تَوَضَّأ حرك خَاتمه) . فَإِن قيل: رُوِيَ عَن ابْن سِيرِين أَنه أدَار الْخَاتم فِي إصبعه: قيل: لَعَلَّ ذَلِك حَالَة أُخْرَى