للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ كَانَ وَاسِعًا يدْخل المَاء برقته إِلَيْهِ.

الثَّانِي: مَذَاهِب الْعلمَاء فِيهِ، فَقَالَ أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة: تَحْرِيك الْخَاتم الضّيق من سنَن الْوضُوء لِأَنَّهُ فِي معنى تَخْلِيل الْأَصَابِع، وَإِن كَانَ وَاسِعًا لَا يحْتَاج إِلَى تَحْرِيك، وَبِهَذَا التَّفْصِيل قَالَ الشَّافِعِي وَأحمد. قَالَ ابْن الْمُنْذر: وَبِه أَقُول. قَالَ: وَكَانَ ابْن سِيرِين وَعَمْرو بن دِينَار وَعُرْوَة وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَالْحسن وَابْن عُيَيْنَة وَأَبُو ثَوْر يحركونه فِي الْوضُوء. قلت: ذكر فِي (مُصَنف) ابْن أبي شيبَة هَكَذَا: عَن أبي تَمِيم الجيشاني وَعبد الله بن هُبَيْرَة السبائي وَمَيْمُون ابْن مهْرَان، وَكَانَ حَمَّاد يَقُول فِي الْخَاتم: أزاله. قَالَ ابْن الْمُنْذر خص فِيهِ مَالك وَالْأَوْزَاعِيّ، وَرُوِيَ ذَلِك عَن سَالم، وَقد روى ابْن مَاجَه حَدِيثا فِيهِ ضعف عَن أبي رَافع: (كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذا تَوَضَّأ حرك خَاتمه) . وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: والاعتماد فِي هَذَا الْبَاب على أَن الْأَثر عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (أَنه كَانَ إِذا تَوَضَّأ حرك خَاتمه) . وَحكي أَيْضا عَن ابْن عمر وَعَائِشَة بنت سعد بن أبي وَقاص، وَفِي (غَرِيب الحَدِيث) لِابْنِ قُتَيْبَة من طَرِيق ابْن لَهِيعَة عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ لرجل يتَوَضَّأ: عَلَيْك بالمنشلة، قَالَ: يَعْنِي مَوضِع الْخَاتم من الإصبع. قلت: المنشلة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَاللَّام.

الثَّالِث: قَوْله: (وَكَانَ ابْن سِيرِين) ، الْوَاو فِيهِ للاستفتاح، وَابْن سِيرِين: هُوَ مُحَمَّد بن سِيرِين من أكَابِر التَّابِعين، وَهُوَ كَلَام إضافي إسم: كَانَ. وَقَوله: (يغسل مَوضِع الْخَاتم) جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر: كَانَ. فان قلت: كَانَ للماضي، وَيغسل: للمضارع، فَكيف يَجْتَمِعَانِ؟ قلت: يغسل للاستمرار أَو لحكاية حَال الْمَاضِي على سَبِيل الاستحضار. قَوْله: (اذا تَوَضَّأ) ، يجوز أَن تكون إِذا، للشّرط، وَأَن تكون للظرف. فَقَوله: كَانَ جَزَاء الشَّرْط: إِذا، كَانَ: إِذا للشّرط، وَهُوَ الْعَامِل فِيهِ إِذا كَانَ للظرف، وَيجوز أَن يكون قَوْله: يغسل، وَالْأول أوجه.

الرَّابِع: وَجه دُخُول هَذَا فِي هَذَا الْبَاب من حَيْثُ إِنَّه يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بذلك أَنه لَو أدَار الْخَاتم وَهُوَ فِي إصبعه لَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمَمْسُوح، وَفرض الْأصْبع الْغسْل فقاس الْمسْح، فِي الْأصْبع على مسح الرجلينن فَإِنَّهُ قد فهم من الحَدِيث الْمسْح على مَا مر وَبَوَّبَ عَلَيْهِ كَمَا سلف.

١٦٥ - حدّثنا آدَمُ بنُ أبي إيَاسٍ قالَ حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدثنَا مُحمَّدُ بنُ زِيادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ وَكانَ يَمُرُّ بِنَا والنَّاسُ يَتَوَضَّؤُنَ مِنَ المِطْهَرَةِ قالَ أَسْبِغُوا الوُضُوءَ فَانَّ أبَا القاسِمِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّار.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .

بَيَان رِجَاله وهم اربعة: الأول: آدم بن أبي إِيَاس، بِكَسْر الْهمزَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَقد مر. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج، وَقد تقدم. الثَّالِث: مُحَمَّد بن زِيَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف: أَبُو الْحَارِث الجُمَحِي الْمدنِي الأَصْل، سكن الْبَصْرَة، مولى عُثْمَان بن مَظْعُون، بالظاء الْمُعْجَمَة: تَابِعِيّ ثِقَة روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

بَيَان لطائف اسناده مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث وَالسَّمَاع. وَمِنْهَا: أَنه من رباعيات البُخَارِيّ. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين خراساني وبصري ومدني.

بَيَان من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن قُتَيْبَة وَأبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب، ثَلَاثَتهمْ عَن وَكِيع عَن شُعْبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن يزِيد بن زُرَيْع، وَعَن مُؤَمل بن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل ابْن علية، كِلَاهُمَا عَن وَكِيع عَن شُعْبَة.

بَيَان اللُّغَات: قَوْله: (المطهرة) بِكَسْر الْمِيم وَفتحهَا: الأداوة، وَالْفَتْح أَعلَى، وَيجمع على: مظَاهر. وَفِي الحَدِيث: (السِّوَاك مطهرة للفم مرضاة للرب) . قَوْله: (أَسْبغُوا الْوضُوء) من الإسباغ وَهُوَ: إبلاغه موَاضعه وإيفاء كل عُضْو حَقه، والتركيب يدل على تَمام الشَّيْء وكماله. قَوْله: (لِلْأَعْقَابِ) جمع عقب، وَقد مر تَفْسِيره مُسْتَوفى.

بَيَان الْإِعْرَاب قَوْله: (وَكَانَ يمر بِنَا) جملَة وَقعت حَالا من مفعول: سَمِعت، وَهُوَ قَوْله: (أَبَا هُرَيْرَة) ، وَالضَّمِير فِي: كَانَ، يرجع إِلَيْهِ وَهُوَ اسْمه. وَقَوله: (يمر بِنَا) جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا خبر لَهُ. قَوْله: (وَالنَّاس) مُبْتَدأ و: (يتوضؤن) خَبره، وَالْجُمْلَة حَال من فَاعل: كَانَ، وَهُوَ إِمَّا من الْأَحْوَال المتداخلة وَأما من الْأَحْوَال المترادفة. قَوْله: (فَقَالَ) إِلَى آخِره، قَائِله أَبُو هُرَيْرَة، ويروي: قَالَ، بِدُونِ: الْفَاء فَإِن

<<  <  ج: ص:  >  >>