للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة) ، وَقَالَ النّحاس: ذهب غَيره أَنه لَيْسَ هُنَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ، وَأَن الْآيَة الأولى توجب إِذا نفر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو احْتِيجَ إِلَى الْمُسلمين واستنفروا لم يسع أحد التَّخَلُّف، وَإِذا بعث النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة خلفت طَائِفَة.

١١٨٢ - حدَّثنا إسْحَاقُ قَالَ أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حدَّثنا يَحيى ابنُ حَمْزَةَ قَالَ حدَّثني يَزِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ أخْبرَنا عبَايَةُ بنُ رافِعِ بنِ خَدِيجٍ قَالَ أَخْبرنِي أَبُو عَبْسٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ جَبْرٍ أنَّ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَا اغْبَرَّتْ قَدَما عَبْدٍ فِي سَبيلِ الله فَتَمَسَّهُ النَّارُ.

(انْظُر الحَدِيث ٧٠٩) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي كتاب صَلَاة الْجُمُعَة فِي: بَاب الْمَشْي إِلَى الْجُمُعَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن الْوَلِيد بن مُسلم عَن يزِيد بن أبي مَرْيَم عَن عبابة بن رِفَاعَة، قَالَ: أدركني أَبُو عبس، وَأَنا أذهب إِلَى الْجُمُعَة فَقَالَ: سَمِعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من اغبرت قدماه فِي سَبِيل الله حرمه الله على النَّار. وَأَبُو عبس كنية: عبد الرَّحْمَن ابْن جبر بن عَمْرو بن زيد الْأنْصَارِيّ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. وَإِسْحَاق هُوَ ابْن مَنْصُور، قَالَ الجياني: نسبه الْأصيلِيّ إِلَى ابْن مَنْصُور، وَيزِيد بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف، وعباية، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وَرِفَاعَة بِكَسْر الرَّاء وَتَخْفِيف الْفَاء ابْن رَافع بِالْفَاءِ وبالعين الْمُهْملَة وَأَبُو عبس بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره سين مُهْملَة وجبر بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون البارء الْمُوَحدَة. قَوْله: (من اغبرت) ، كَذَا هُوَ على الأَصْل فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي (مَا اغبرتا) ، وَهِي لُغَة.

٧١ - (بابُ مَسْحِ الغُبَارِ عنِ النَّاسِ فِي السَّبِيلِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عدم كَرَاهَة مسح الْغُبَار عَن رَأس النَّاس حَال كَونه فِي سَبِيل الله، نَحْو الْجِهَاد وَغَيره من أَبْوَاب الطَّاعَة. وَوَقع فِي بعض النّسخ: عَن النَّاس، قيل: هَذَا تَصْحِيف، وَالصَّوَاب: عَن الرَّأْس. قلت: لَا وَجه لدعوى التَّصْحِيف، لِأَنَّهُ إِذا كره مسح الْغُبَار عَن رَأس من كَانَ فِي سَبِيل الله فَكَذَلِك فِي مَسحه عَن غير الرَّأْس.

٢١٨٢ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قَالَ أخبرَنا عبْدُ الوهَّابِ قَالَ حدَّثنا خالِدٌ عَن عِكْرِمَةَ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ قَالَ لَهُ ولِعَلِيِّ بنِ عَبْدِ الله ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ فأتَيْنَاهُ وهْوَ وأخُوهُ فِي حائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِ فلَمَّا رآنَا جاءَ فاحْتَبَى وجَلَسَ فقالَ كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ المَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً وكانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَسَحَ عنْ رأْسِه الغُبَارَ وَقَالَ وَيْحُ عَمَّارٍ تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ عمَّارٌ يدْعُوهُمْ إِلَى الله ويَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ.

(انْظُر الحَدِيث ٣٤٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَمسح عَن رَأسه الْغُبَار) وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ، يعرف بالصغير وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وخَالِد هُوَ الْحذاء.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب التعاون فِي بِنَاء الْمَسْجِد. قَوْله: (وَهُوَ وَأَخُوهُ) ، قَالَ الْحَافِظ الدمياطي: لم يكن لأبي سعيد أَخ بِالنّسَبِ إلَاّ قَتَادَة بن النُّعْمَان الظفري، فَإِنَّهُ كَانَ أَخَاهُ لأمه، وَقَتَادَة مَاتَ زمن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ عمر أبي سعيد أَيَّام بِنَاء الْمَسْجِد عشر سِنِين أَو دونهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: إِن صَحَّ ذَلِك فَالْمُرَاد بِهِ أَخُوهُ من الرضَاعَة، وَلَا أقل من أَخ فِي الْإِسْلَام: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أخوة} (الحجرات: ٠١) . قلت: بنى جَوَابه هَذَا على قَوْله: إِن صَحَّ ذَلِك وَلم يَصح ذَلِك فَلَا يَصح الْجَواب. قَوْله: (فاحتبى) ، يُقَال: احتبى الرجل إِذا جمع ظَهره وساقيه بعمامته، وَقد يحتبي بِيَدِهِ. قَوْله: (عَن رَأسه) ، ويروى على رَأسه، وَهُوَ مُتَعَلق بالغبار، أَي: الْغُبَار الَّذِي على رَأسه. قَوْله: (وَيْح) ، كلمة رَحْمَة مَنْصُوب بإضمار فعل. قَوْله: (يَدعُوهُم إِلَى الله) ، قَالَ ابْن بطال: يُرِيد وَالله أعلم أهل مَكَّة الَّذين أخرجُوا عماراً من دياره وعذبوه فِي ذَات الله، قَالَ: وَلَا يُمكن أَن يتَأَوَّل ذَلِك على الْمُسلمين، لأَنهم أجابوا دَعْوَة الله عز وَجل، وَإِنَّمَا يدعى إِلَى الله من

<<  <  ج: ص:  >  >>