قبلا أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا} ثمَّ قَالَ قبلا جمع قبيل، وَفِي التَّفْسِير: قبلا جمع قَبيلَة، يَعْنِي: فوجا فوجا وَصِنْفًا صنفا. وَقَالَ الْأَخْفَش: أَي قبيلاً قبيلاً. والقبيل فِي غير هَذَا الْموضع بِمَعْنى الْكَفِيل، وَبِمَعْنى العريف وَبِمَعْنى الْجَمَاعَة يكون من الثَّلَاثَة فَصَاعِدا من قوم شَتَّى مثل الرّوم والزنج وَالْعرب، وَالْجمع: قبل، بِضَمَّتَيْنِ قَوْله: وَالْمعْنَى أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى قبيل ضروب يَعْنِي أنواعا للعذاب كل ضرب أَي كل نوع من تِلْكَ الضروب، قبيل: أَي نوع، وَقَرَأَ بَعضهم: قبلا بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء من الْمُقَابلَة والمعاينة. وَقَرَأَ آخَرُونَ قبلا بضمهما بِمَعْنى عيَانًا قَالَه عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَبِه قَالَ قَتَادَة وَعبد الرَّحْمَن ابْن أبي زيد بن أسلم. وَقَالَ مُجَاهِد: قبلا أَفْوَاجًا قبيلاً قبيلاً.
زُخْرُفَ الْقَوْلِ كلُّ شَيْءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ فَهُوَ زُخْرُفٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يُوحى بَعضهم إِلَى بعض زخرف القَوْل} ثمَّ فسر، زخرف القَوْل بقوله: كل شَيْء إِلَى آخِره، فَقَوله: كل شَيْء مُبْتَدأ وحسنته صفة لشَيْء ووشيته عطف عَلَيْهِ من التوشية وَهُوَ التزيين، وروى: زينته. قَوْله: وَهُوَ بَاطِل جملَة إسمية وَقعت حَالا. قَوْله: فَهُوَ زخرف خبر الْمُبْتَدَأ وَدخلت الْفَاء فِيهِ لتضمن الْمُبْتَدَأ معنى الشَّرْط، وأصل الزخرف التزيين والتحسين وَمِنْه سمى الذَّهَب زخرفا. وَقَالَ ابْن جرير: قَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة إِن كفار الْجِنّ شياطين يوحون إِلَى شياطين الْإِنْس زخرف القَوْل غرُورًا وَعَن ابي ذران رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَا أَبَا ذَر هَل تعوذت بِاللَّه من شَرّ شياطين الانس؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! هَل للإنس من شياطين؟ قَالَ: نعم. رَوَاهُ ابْن جرير بِإِسْنَادِهِ إِلَى أبي ذَر.
وَحَرْثٌ حِجْرٌ حَرَامٌ وَكِلُّ مَمْنُوعٍ فَهُوَ حجر مَحْجُورٌ: وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ حِجْرٌ وَيُقالُ لِلْعَقْلِ حِجرٌ وَحَجَى: وأمَّا الْحِجْرُ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حَجْرٌ وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ كأنَّهُ مُشْتَقٌ مِنْ مَحْطُومٍ مِثْلُ قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ وَأمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ فَهُوَ مَنْزِلٌ.
هَذَا مُكَرر بِلَا فَائِدَة جَدِيدَة لِأَنَّهُ ذكره فِي قصَّة ثَمُود فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَإِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا} (الْأَعْرَاف: ٧٣) {كذب أَصْحَاب الْحجر} (الْحجر: ٨٠) الْحجر مَوضِع ثَمُود، وَأما حرث حجر حرَام إِلَى آخِره مثل مَا ذكره هُنَا وَلِهَذَا لم يذكرهُ أَبُو ذَر والنسفي هُنَا. وَهَذَا أولى.
٩ - (بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ نَفْسا إيمانُها} (الْأَنْعَام: ١٥٨)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْم لَا ينفع نفسا إيمَانهَا} وَقَبله: {يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل} الْآيَة مَعْنَاهُ: إِذا أنشأ الْكَافِر إِيمَانًا يَوْمئِذٍ لَا يقبل مِنْهُ، وَأما من كَانَ مُؤمنا قبل ذَلِك فَإِن كَانَ مصلحا فِي عمله فَهُوَ بِخَير عَظِيم، وَإِن كَانَ مخلطا فاحدث تَوْبَة لم تقبل تَوْبَته.
٠١ - (بابٌ: {هَلُمْ شُهَدَاءَكُمْ لُغَةُ أهْلِ الْحِجازِ هَلُمَّ لِلْوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ وَالجَمِيعِ} )
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {قل هَلُمَّ شهداءكم الَّذين يشْهدُونَ أَن الله حرم هَذَا} (الْأَنْعَام: ١٥٠) الْآيَة. أَي: قل يَا مُحَمَّد: أحضروا شهداءكم الَّذين يشْهدُونَ أَن الله حرم هَذَا أَي: هَذَا الَّذِي حرمتموه وكذبتم واقتربتم على الله فِيهِ قَوْله هَلُمَّ، فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء بِتَقْدِير لفظ هَلُمَّ وَقَوله لُغَة أهل الْحجاز، خَبره قَوْله: (هَلُمَّ للْوَاحِد) ، يَعْنِي لفظ هَلُمَّ يصلح للْوَاحِد وللاثنين وللجماعة، هَذَا عِنْد أهل الْحجاز، وَأهل نجد يَقُولُونَ للْوَاحِد: هَلُمَّ، وللمرأة هَلُمِّي، وللاثنين: هلما وللجماعة الذُّكُور: هلموا، وللنساء هلممن. وعَلى اللُّغَة الأولى يكون أسما للْفِعْل وَبني لوُقُوعه موقع الْأَمر الْمَبْنِيّ، وعَلى اللُّغَة الثَّانِيَة يكون فعلا.
٤٦٣٥ - ح دَّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ حدَّثنا عمارَةُ حدَّثنا أبْو زُرْعَةَ