ذِي الْيَدَيْنِ، وروى عَنهُ ترك الْأَخْذ بِهِ، وَأَنه كَانَ يسْتَحبّ أَن يُعِيد وَلَا يَبْنِي. قَالَ: وَإِنَّمَا تكلم النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَصْحَابه لأَنهم ظنُّوا أَن الصَّلَاة قصرت وَلَا يجوز ذَلِك لِأَحَدِنَا الْيَوْم. وَقَالَ الْحَارِث بن مِسْكين: أَصْحَاب مَالك كلهم قَالُوا: كَانَ هَذَا أول الْإِسْلَام، وَأما الْآن فَمن تكلم فِيهَا أَعَادَهَا.
الْخَامِس: فِيهِ دَلِيل على أَن من قَالَ نَاسِيا: لم أفعل كَذَا، وَكَانَ قد فعله، أَنه غير كَاذِب.
السَّادِس: فِيهِ جَوَاز التلقيب الَّذِي سَبيله التَّعْرِيف دون التهجين.
السَّابِع: فِيهِ الْإِجْزَاء بسجدتين عَن السهوات لِأَنَّهُ سَهَا عَن الرَّكْعَتَيْنِ وَتكلم نَاسِيا وَاقْتصر على السَّجْدَتَيْنِ.
الثَّامِن: فِيهِ دَلِيل على جَوَاز تشبيك الْأَصَابِع فِي الْمَسْجِد، على مَا ترْجم عَلَيْهِ الْبَاب.
الأسئلة والأجوبة الأول: كَيفَ تكلم ذُو الْيَدَيْنِ وَالْقَوْم وهم فِي الصَّلَاة بعد؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُم لم يَكُونُوا على الْيَقِين من الْبَقَاء فِي الصَّلَاة، لأَنهم كَانُوا مجوزين نسخ الصَّلَاة من أَربع إِلَى رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِن هَذَا كَانَ خطابا للنَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وجواباً، وَذَلِكَ لَا يبطل عندنَا غَيرنَا، وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح: (إِن الْجَمَاعَة أَو مأوا) ، أَي: أشاروا نعم، فعلى هَذِه الرِّوَايَة لم يتكلموا.
الثَّانِي: قيل: فِيهِ إِشْكَال على مَذْهَب الشَّافِعِي، لِأَن عِنْدهم أَنه لَا يجوز للْمُصَلِّي الرُّجُوع فِي قدر صلَاته إِلَى قَول غَيره إِمَامًا أَو مَأْمُوما، وَلَا يعْمل إلَاّ على يَقِين نَفسه؟ وَأجَاب: النَّوَوِيّ عَن ذَلِك: بِأَنَّهُ، سَأَلَهُمْ ليتذكر، فَلَمَّا ذَكرُوهُ تذكر فَعلم السَّهْو فَبنى عَلَيْهِ، لَا أَنه رَجَعَ إِلَى مُجَرّد قَوْلهم، وَلَو جَازَ ترك يَقِين نَفسه وَالرُّجُوع إِلَى قَول غَيره لرجع ذُو الْيَدَيْنِ حِين قَالَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لم تقصر وَلم أنس) قلت: هَذَا لَيْسَ بِجَوَاب مخلص لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من الرُّجُوع، سَوَاء كَانَ رُجُوعه للتذكرة أَو لغيره، وَعدم رُجُوع ذِي الْيَدَيْنِ كَانَ لأجل كَلَام الرَّسُول لَا لأجل يَقِين نَفسه. وَقَالَ ابْن الْقصار: اخْتلف الروَاة فِي هَذَا عَن مَالك، فَمرَّة قَالَ: يرجع إِلَى قَوْلهم، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، لِأَنَّهُ قَالَ: يَبْنِي على غَالب ظَنّه. وَقَالَ مرّة أُخْرَى: يعْمل على يقينه وَلَا يرجع إِلَى قَوْلهم، كَقَوْل الشَّافِعِي.
الثَّالِث: قد رُوِيَ فِي بعض رِوَايَات مُسلم فِي قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: (بَينا أَنا أُصَلِّي مَعَ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صَلَاة الظّهْر)
الحَدِيث، وَهَذَا صَرِيح أَنه حضر تِلْكَ الصَّلَاة؟ وَالْجَوَاب: عَنهُ قد ذَكرْنَاهُ عَن الطَّحَاوِيّ عَن قريب، وَقيل: يحْتَمل أَن بعض الروَاة فهم من قَول أبي هُرَيْرَة فِي إِحْدَى رواياته: (صلى بِنَا) ، أَنه كَانَ حَاضرا، فَروِيَ الحَدِيث بِالْمَعْنَى على زَعمه، وَقَالَ: بَينا أَنا أُصَلِّي.
الرَّابِع: فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَنه دخل منزله، وَلَا يجوز لأحد الْيَوْم أَن ينْصَرف عَن الْقبْلَة، وَيَمْشي وَقد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من الصَّلَاة؟ أُجِيب: بِأَنَّهُ فعل ذَلِك وَهُوَ لَا يرى أَنه فِي الصَّلَاة فَإِن قيل: فَيلْزم على هَذَا لَو أكل أَو شرب أَو بَاعَ أَو اشْترى وَهُوَ لَا يرى فِي الصَّلَاة أَنه لَا يُخرجهُ ذَلِك مِنْهَا؟ قلت: هَذَا كُله مَنْسُوخ فَلَا يعْمل بِهِ الْيَوْم، وَا أعلم.
٩٨ - (بابُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ وَالمَوِاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيها النبيُّ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْمَسَاجِد فِي الطّرق الَّتِي بَين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَمَكَّة المشرفة، وَفِي أَكثر النّسخ على طرق الْمَدِينَة، والمواضع الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي.
٣٨٤٠٤١ - ح دّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ قَالَ حدّثنا فضيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدّثنا مُوسَى ابنُ عُقْبَةَ قالَ رَأيْتُ سالِمَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيها وَيُحَدِّثُ أنَّ أباهُ كانَ يُصَلِّي فِيها وأنَّهُ رَأى النبيُّ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ حدّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ كانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ وَسألْتُ سالما فَلا أعْلَمْهُ إلَاّ وَافَقَ نافِعاً فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أنَّهُما اخْتَلَفا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الروْحاءَ. (الحَدِيث ٣٨٤ أَطْرَافه فِي: ٥٣٥١، ٦٣٣٢، ٥٤٣٧) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم، على وزن اسْم الْمَفْعُول،