صِيغَة الْمَجْهُول بِالنّصب حول قَوْله: (فيتقم) يجوز فِيهِ النصب وَالرَّفْع فالنصب عطف على تنتهك وَالرَّفْع على التَّقْدِير فَهُوَ ينْتَقم لله
١١ - (بابُ إقامَةِ الحُدُودِ على الشَّرِيفِ والوضِيعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وجوب إِقَامَة الْحُدُود على الشريف أَي: على الرجل الْوَجِيه الْمُحْتَرَم عِنْد النَّاس، والوضيع أَي: الحقير الَّذِي لَا يُبَالِي بِهِ يَعْنِي: لَا يفرق بَينهمَا فَيتْرك الشريف وَيحد الوضيع. وَقَالَ الْمُهلب: لَا يحل للأئمة ترك الْحُدُود على الشريف لوضيع وَأَن من ترك ذَلِك من الْأَئِمَّة فقد خَالف سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرغب عَن اتِّبَاع سَبيله.
٧٨٧٦ - حدّثنا أبُو الوَلِيدِ حدّثنا اللَّيْثُ عنِ ابْن شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ أنَّ أُسامَةَ كَلَّمَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي امْرَأةٍ فَقَالَ: قَوْله: (إنّما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كانُوا يُقيمُونَ الحَدَّ عَلى الوَضِيعِ وَيَتُرُكُونَ الشرِيفَ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ {لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ فَعَلَتْ ذالِكَ لَقَطَعْتُ يَدَهَا) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث. وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك الطَّيَالِسِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي ذكر بني إِسْرَائِيل وَفِي فضل أُسَامَة عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة، وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد بن حَارِثَة مولى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَبَوَيْهِ.
قَوْله: (كلم النَّبِي فِي امْرَأَة) يَعْنِي: شفع فِيهَا، وَهِي فَاطِمَة المخزومية. قَوْله: (والوضيع) وَقع هُنَا بِلَفْظ: الوضيع، وَفِي الطَّرِيق الَّذِي يَلِيهِ بِلَفْظ: الضَّعِيف. وَهِي رِوَايَة الْأَكْثَرين فِي هَذَا الحَدِيث، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا بِلَفْظ: الضَّعِيف، وَفِي رِوَايَة لَهُ بِلَفْظ: الدون الضَّعِيف. قَوْله: (ويتركون الشريف) أَي: يتركون إِقَامَة الْحَد على الشريف، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: ويتركون على الشريف، أَي: يتركون الْحَد الَّذِي وَجب عَلَيْهِ. قَوْله: (أَن فَاطِمَة فعلت ذَلِك) كَذَا وَقع فِي الْأُصُول، وَأوردهُ ابْن التِّين بِحَذْف: أَن، ثمَّ قَالَ: تَقْدِيره: لَو فعلت ذَلِك لِأَن: لَو، يَليهَا الْفِعْل دون الِاسْم، وَقد أنكر بَعضهم على ابْن التِّين إِيرَاده هُنَا بِحَذْف: أَن، وَلَيْسَ بموجه، لِأَن ذَلِك ثَابت هُنَا فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن غير الْكشميهني، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَوَقع عِنْد النَّسَائِيّ: لَو سرقت فَاطِمَة، وَفَاطِمَة هَذِه هِيَ بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٢١ - (بابُ كَراهِيَةِ الشَّفاعَةِ فِي الحَدِّ إِذا رُفِعَ إِلَى السُّلْطانِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَرَاهِيَة الشَّفَاعَة فِي الْحَد يَعْنِي فِي تَركه إِذا رفع إِلَى السُّلْطَان، وتقييده بقوله: إِذا رفع إِلَى السُّلْطَان، يدل على جَوَاز الشَّفَاعَة فِي الْحُدُود قبل وصولها إِلَى السُّلْطَان، رُوِيَ ذَلِك عَن أَكثر أهل الْعلم، وَبِه قَالَ الزبير بن الْعَوام وَابْن عَبَّاس وعمار، وَقَالَ بِهِ من التَّابِعين: سعيد بن جُبَير وَالزهْرِيّ، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ، قَالُوا: لَيْسَ على الإِمَام التَّجَسُّس على مَا لم يبلغهُ، وَكره ذَلِك طَائِفَة، فَقَالَ ابْن عمر: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من حَالَتْ شَفَاعَته دون حد من حُدُود الله فقد ضاد الله فِي حكمه، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأحمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ.
٨٨٧٦ - حدّثنا سَعِيدُ بنُ سُلَيْمانَ حدّثنا اللَّيْثُ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أنَّ قُرَيْشاً أهَمَّهُمُ المَرْأةُ المَخْزُومِيةُ الّتِي سَرَقَتْ، فقالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ ومَنْ يَجْترِى عَلَيهِ إلاّ أسُامَةُ حِبُّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَكَلَّمَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (أتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟) ثُمَّ قامَ فَخَطَبَ، قَالَ: (يَا أيُّها النَّاس} إنّما ضَلَّ مِنْ قَبْلَكُمْ أنّهُمْ كانُوا إِذا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذا سَرقَ الضَّعِيفُ فِيهِمْ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وأيْمُ الله لَوْ أنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا) .