مَا جَاءَ من المدود على مِثَال فاعولاء اسْما وَلم يَأْتِ صفة عَاشُورَاء مَعْرُوفَة وَيُقَال أَصَابَتْهُم ضاروراء مُنكرَة من الضّر قَوْله " وَأمر بصيامه " يدل على أَنه كَانَ فرضا ثمَّ نسخ بِفَرْض رَمَضَان قَوْله " وَكَانَ عبد الله " أَي ابْن عمر رَاوِي الحَدِيث لَا يَصُومهُ أَي لَا يَصُوم يَوْم عَاشُورَاء بعد فرض رَمَضَان وَذَلِكَ كَرَاهِيَة أَن يعظم فِي الْإِسْلَام كَمَا كَانَ يعظم فِي الْجَاهِلِيَّة وَتَركه صَوْم عَاشُورَاء لَا يدل على عدم جَوَاز صَوْمه فَإِن من صَامَهُ مبتغيا بصومه ثَوَاب الله وَلَا يُرِيد بِهِ إحْيَاء سنة أهل الشّرك فَلهُ عِنْد الله أجر عَظِيم وكراهية ابْن عمر صَوْم عَاشُورَاء نَظِيره كَرَاهِيَة من كره صَوْم رَجَب إِذا كَانَ شهرا يعظمه الْجَاهِلِيَّة فكره أَن يعظم فِي الْإِسْلَام مَا كَانَ يعظم فِي الْجَاهِلِيَّة من غير تَحْرِيم صَوْمه على من صَامَهُ وَلَا يؤيسه من الثَّوَاب الَّذِي وعد الله للصائمين قَوْله " إِلَّا أَن يُوَافق صَوْمه " أَي صَوْمه الَّذِي كَانَ يعتاده وغرضه أَنه كَانَ لَا يَعْتَقِدهُ تنفلا فِي عَاشُورَاء وَاخْتلف فِي السَّبَب الْمُوجب لصيام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَاشُورَاء فَروِيَ أَنه كَانَ يَصُومهُ فِي الْجَاهِلِيَّة وَفِي البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة فَرَأى الْيَهُود تصومه قَالُوا يَوْم صَالح نجى الله فِيهِ بني إِسْرَائِيل من عدوهم فصامه مُوسَى فَقَالَ نَحن أَحَق بمُوسَى مِنْكُم وَيحْتَمل أَن تكون قُرَيْش كَانَت تصومه كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصُومهُ مَعَهم قبل أَن يبْعَث فَلَمَّا بعث تَركه فَلَمَّا هاجرا علم أَنه من شَرِيعَة مُوسَى فصامه وَأمر بِهِ فَلَمَّا فرض رَمَضَان قَالَ من شَاءَ فليصمه وَمن شَاءَ أفطر على مَا فِي حَدِيث عَائِشَة الْآتِي عَن قريب -
٣٩٨١ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي حَبيبٍ أنَّ عِرَاكَ بنَ مَالِكٍ حدَّثَهُ أنَّ عُرْوَةَ أخْبَرَهُ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ قُرَيشا كانَتْ تَصُومُ عَاشُورَاءَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ أمَرَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِصِيامِهِ حَتَّى فُرِضَ رَمضانُ وقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ شاءَ فَلْيَصُمْهُ ومنْ شاءَ أفْطَرَ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَتَّى فرض رَمَضَان) ، وَرِجَاله قد ذكرُوا، و: عرَاك، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء، قد مر فِي الصَّلَاة على الْفراش.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم عَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح كِلَاهُمَا عَن اللَّيْث. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج، وَفِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة بِهِ.
قَوْله: (أفطر) ، فَائِدَة تَغْيِير أسلوب الْكَلَام حَيْثُ قَالَ فِي الصَّوْم بِلَفْظ الْأَمر، وَفِي الْإِفْطَار بقوله: أفطر، بَيَان أَن جَانب الصَّوْم أرجح، وَكَأَنَّهُ مَطْلُوب. وَفِيه: إِشْعَار بِكَوْنِهِ مَنْدُوبًا.
٢ - (بابُ فَضْلِ الصَّوْمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل الصَّوْم.
٤٩٨١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ عنْ أبِي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الصِّيامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ ولَا يَجْهَلْ وَإنِ امْرُءٌ قاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ الله تعَالى مِنْ رِيحِ المِسْكِ يَتْرُكْ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ وشَهْوَتَهُ مِنْ أجْلِي الصَّيامُ لِي وَأَنا أجْزِي بِهِ والحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثالِهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّوْم عَن القعْنبِي بِهِ، وَلم يذكر: الصّيام جنَّة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِهِ، وَقَالَ: الصّيام جنَّة، وروى التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز حَدثنَا عبد الْوَارِث ابْن سعيد عَن عَليّ بن زيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن ربكُم يَقُول: كل حَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، وَالصَّوْم لي وَأَنا أجزي بِهِ، وَالصَّوْم جنَّة من النَّار، ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من