وَأسْندَ فِيهِ حَدِيثا يدل على صِحَّته. فَإِن قلت: لم يعلم من هَذِه الْآيَة إلَاّ أصل فَرضِيَّة الصَّوْم، وَلم يعلم الْعدَد، وَلَا كَونه فِي شهر رَمَضَان؟ قلت: لما علم فِيهَا أصل الْفَرْض نزل قَوْله: {أَيَّامًا معدودات}(الْبَقَرَة: ٤٨١) . فَعلم من ذَلِك أَن الْفَرْض أَيَّام معدودات، وَلما نزل:{شهر رَمَضَان الَّذِي أنزل فِيهِ الْقُرْآن}(الْبَقَرَة: ٥٨١) . علم أَن ذَلِك الْعدَد هُوَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا، لِأَنَّهُ فرض فِي رَمَضَان، والشهر ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَإِن نقص فَحكمه حكمه، وَعَن هَذَا قَالُوا: إِن الشَّهْر مَرْفُوع على أَنه بدل من قَوْله: {الصّيام}(الْبَقَرَة: ٣٨١) . فِي قَوْله:{كتب عَلَيْكُم الصّيام}(الْبَقَرَة: ٣٨١) . وقرىء بِالنّصب على: صُومُوا شهر رَمَضَان، أَو على أَنه بدل من قَوْله:{أَيَّامًا معدودات}(الْبَقَرَة: ٤٨١) . وانتصاب: أَيَّامًا، على الظَّرْفِيَّة، أَي: كتب عَلَيْكُم الصّيام فِي أَيَّام معدودات، وَبَينهَا بقوله:{شهر رَمَضَان}(الْبَقَرَة: ٥٨١) . فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي التَّنْصِيص على الثَّلَاثِينَ الَّتِي هِيَ الشَّهْر الْكَامِل؟ قلت: قَالُوا: لما أكل آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الشَّجَرَة الَّتِي نهى عَنْهَا، بَقِي شَيْء من ذَلِك فِي جَوْفه ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا تَابَ الله عَلَيْهِ أمره بصيام ثَلَاثِينَ يَوْمًا بلياليهن، ذكره فِي (خُلَاصَة الْبَيَان فِي تَلْخِيص مَعَاني الْقُرْآن) .
١٩٨١ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ عنْ أبِي سُهَيْلٍ عنْ أبِيهِ عنْ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله أنَّ أعْرَابِيّا جاءَ إلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثائِرَ الرَّأسِ فَقَالَ يَا رسولَ الله أخْبِرْنِي ماذَا فرَضَ الله عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فَقَالَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسُ إلَاّ أَن تطَوَّعَ شيْئَا فَقَالَ أخبِرْنِي مَا فَرَض الله عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ فَقَالَ شَهْرَ رَمَضَانَ إلَاّ أنْ تَطَوَّعَ شَيْئا فَقَالَ أخبِرْنِي بِمَا فَرَضَ الله عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَالَ فأخْبَرَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرَائِعَ الإسْلامِ قَالَ والَّذِي أكْرَمَكَ لَا أتَطَوَّعُ شَيْئا وَلَا أنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ الله عَلَيَّ شَيْئا فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفْلَحَ إنْ صَدَقَ أوْ دَخَلَ الجَنَّةَ إنْ صَدَقَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:(أَخْبرنِي مَا فرض الله عَليّ من الصّيام؟ فَقَالَ: شهر رَمَضَان) ، وَهَذَا الحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب الزَّكَاة من الْإِسْلَام، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك بن أنس عَن عَمه أبي سُهَيْل بن مَالك عَن أَبِيه أَنه سمع طَلْحَة بن عبيد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الحَدِيث، وَلَا يَخْلُو عَن زِيَادَة ونقصان فِي الْمَتْن، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى، وَإِسْمَاعِيل بن جَعْفَر أَبُو إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ الْمدنِي، وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان، وَأَبُو سُهَيْل مصغر: السهل نَافِع ابْن مَالك بن عَامر، مر فِي: بَاب عَلَامَات الْمُنَافِق، وَأَبوهُ مَالك بن أبي عَامر أَو أنس الأصبحي الْمدنِي جد مَالك بن أنس، وَطَلْحَة ابْن عبيد الله أحد الْعشْرَة المبشرة.