للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٠٣٤٣ - حدَّثنا هُدْبَةُ بنُ خَالِدٍ حدَّثنا هَمَّامُ بنُ يَحْيَى حدَّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عنْ مالِكِ بنِ صَعْصَعَةَ أنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدَّثَهُمْ عنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ثُمَّ صَعِدَ حتَّى أتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نعَمْ فلَمَّا خَلَصْتُ فإذَا يَحْيَى وعِيسَى وهُمَا ابْنَا خالَةٍ قَالَ هذَا يَحْيَى وعيسَى فسَلَّم عَلَيْهِمَا فسَلَّمْتُ فَرَدَّا ثُمَّ قالَا مَرْحَباً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبيِّ الصَّالِحِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن يحيى مَذْكُور فِي قصَّة زَكَرِيَّا، وَهَذِه قِطْعَة من حَدِيث مطول قد مضى فِي: بَاب ذكر الْمَلَائِكَة، وَمر الْكَلَام فِيهِ. قَوْله: (فَلَمَّا خلصت) أَي: للصعود إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة ووصلت إِلَيْهَا. قَوْله: (وهما) أَي: يحيى وَعِيسَى، وَلَعَلَّ الْقَرَابَة الَّتِي كَانَت بَينهمَا كَانَت سَببا لِكَوْنِهِمَا فِي سَمَاء وَاحِد مُجْتَمعين.

٤٤ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {واذْكُرْ فِي الكِتَابِ مَرْيَمَ إذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أهْلِهَا مَكانَاً شَرْقِيّاً} (مَرْيَم: ٦١) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الله تَعَالَى: {وَاذْكُر ... } إِلَى آخِره، يَعْنِي: أذكر يَا مُحَمَّد فِي الْكتاب أَي: فِي الْقُرْآن مَرْيَم بنت عمرَان بن ماثان. قَوْله: (إِذا انتبذت) ، كلمة: إِذْ، بدل من: مَرْيَم، بدل الاشتمال، انتبذت أَي: اعتزلت وانفردت وَجَلَست وتخلت لِلْعِبَادَةِ من أَهلهَا مَكَانا أَي: فِي مَكَان شرقياً مِمَّا يَلِي شَرْقي الْمُقَدّس، أَو شرقياً من دارها، وَقيل: قعدت فِي مشرقة للاغتسال من الْحيض، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ: اتَّخذت النَّصَارَى الْمشرق قبْلَة لِأَن مَرْيَم انتبذت مَكَانا شرقياً.

{إِذْ قالَتِ المَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ} (آل عمرَان: ٥٤) .

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: إِذْ قَالَت، بدل من {وَإِذ قَالَت الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِن الله اصفاك وطهرك} (آل عمرَان: ٢٤) . وَيجوز أَن يُبدل من: إِذْ، يختصمون، على أَن الِاعْتِصَام والبشارة وَقعا فِي زمَان. قَوْله: (بِكَلِمَة مِنْهُ) ، أَي: بِولد يكون وجوده بِكَلِمَة من الله، أَي: بقوله: كن فَيكون اسْمه الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم، يَعْنِي: يكون مَشْهُورا بِهَذَا فِي الدُّنْيَا يعرفهُ الْمُؤْمِنُونَ بذلك.

{إنَّ الله اصْطَفى آدَمَ ونُوحَاً وآلَ إبْرَاهِيمَ وآلَ عِمْرَانَ علَى العَالَمِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (آل عمرَان: ٣٣) .

يخبر تَعَالَى أَنه اصْطفى آدم أَي: اخْتَار آدم لِأَنَّهُ خلقه بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه وأسجد لَهُ مَلَائكَته وَعلمه أَسمَاء كل شَيْء وَأَسْكَنَهُ جنته وَاصْطفى نوحًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجعله أول رَسُول بَعثه إِلَى أهل الأَرْض لما عبد النَّاس الْأَوْثَان، وَاصْطفى آل إِبْرَاهِيم وَمِنْهُم سيد الْبشر وَخَاتم الْأَنْبِيَاء مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمِنْهُم آل عمرَان وَالِد مَرْيَم بنت عمرَان أم عِيسَى ابْن مَرْيَم، صلوَات الله عَلَيْهِم. قَوْله: (إِلَى قَوْله) أَي: إقرأ إِلَى قَوْله: (يرْزق من يَشَاء) ، وَهُوَ: {ذُرِّيَّة بَعْضهَا من بعض وَالله سميع عليم} ، وَبعده ثَلَاث آيَات أُخْرَى آخرهَا: {بِغَيْر حِسَاب} (آل عمرَان: ٣٣) .

قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ وآلُ عِمْرَانَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ آلِ إبْرَاهِيمَ وآلِ عِمْرَانَ وآلِ يَاسِينَ وآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ {إنَّ أوْلَى النَّاسُ بإبْرَاهِيمَ لِلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} (آل عمرَان: ٨٦) . وهم الْمُؤْمِنُونَ

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان} ، عَام وَأُرِيد بِهِ الْخُصُوص، وَهُوَ أَن المُرَاد الْمُؤْمِنُونَ من آل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان، كَمَا قَالَ ابْن عَبَّاس. قَوْله: (وَآل ياسين) ، المُرَاد مِنْهُم الَّذين فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن إلْيَاس لمن الْمُرْسلين} (آل عمرَان: ٨٦) . وَقيل: إِدْرِيس، وَقيل: غَيره. قَوْله: (يَقُول إِن أولى النَّاس بإبراهيم) إِلَى آخِره، أَي: يَقُول ابْن عَبَّاس: {أَن أولى النَّاس بإبراهيم للَّذين اتَّبعُوهُ} (آل عمرَان: ٨٦) . وهم الْمُؤْمِنُونَ وَالَّذين لم يتبعوه لَا يعدون من الْآل، وَحَاصِل هَذَا التَّأْكِيد بِأَن المُرَاد من هَذَا الْعُمُوم الْخُصُوص كَمَا ذكرنَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>