ويلازمه عِنْد البيانيين أَي: إِن طعنتم فِيهِ تأثمتم بذلك لِأَنَّهُ لم يكن حَقًا، وَالْغَرَض أَنه كَانَ خليقاً بالإمارة، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: وَايْم الله ... إِلَى آخِره، وَلَفظ: ايم الله، من أَلْفَاظ الْقسم كَقَوْلِك: وَالله، وفيهَا لُغَات كَثِيرَة، وتفتح همزتها وتكسر وهمزتها همزَة وصل، وَقد تقطع، وَأهل الْكُوفَة من النُّحَاة يَزْعمُونَ أَنَّهَا جمع يَمِين، وَغَيرهم يَقُول: هُوَ اسْم مَوْضُوع للقسم. قَوْله: إِن كَانَ لَفظه: إِن، مُخَفّفَة من المثقلة أَصله، إِنَّه كَانَ، أَي: إِن زيد بن أُسَامَة كَانَ لخليقاً أَي لائقاً للإمرة ومستحقاً لَهَا، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: للإمارة. قَوْله: وَإِن كَانَ أَي: وَإنَّهُ كَانَ لمن أحب النَّاس إليّ بتَشْديد الْيَاء. قَوْله: وَإِن هَذَا أَي: وَإِن زيدا هَذَا وَأَشَارَ إِلَيْهِ لمن أحب النَّاس إليّ بعده أَي: بعد أُسَامَة. فَإِن قلت: قد طعن على أُسَامَة وَأَبِيهِ مَا لَيْسَ فيهمَا وَلم يعْزل الشَّارِع وَاحِدًا مِنْهُمَا، بل بيَّن فضلهما، وَلم يعْتَبر عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِهَذَا القَوْل فِي سعد وعزله حِين قذفه أهل الْكُوفَة بِمَا هُوَ بَرِيء مِنْهُ. قلت: عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يعلم من مغيب أَمر سعد مَا علمه الشَّارِع من أَمر زيد وَأُسَامَة، وَإِنَّمَا قَالَ عمر لسعد حِين ذكر أَن صلَاته تشبه صَلَاة رَسُول الله ذَلِك الظَّن بك، وَلم يقطع على ذَلِك كَمَا قطع رَسُول الله فِي أَمر زيد: إِنَّه خليق للإمارة، وَقيل: الطاعنون فيهمَا من استصغار سنهما على من قدما عَلَيْهِ من مشيخة الصَّحَابَة، وَقيل: هم المُنَافِقُونَ الَّذِي كَانُوا يطعنون على رَسُول الله ويقبحون آراءه.
٣٤ - (بابُ الألَدِّ الخَصِمِ، وهْوَ الدَّائِمُ فِي الخُصُومَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر الألد بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام وَتَشْديد الدَّال الْخصم بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الصَّاد الْمُهْملَة، وَفَسرهُ البُخَارِيّ بقوله وَهُوَ الدَّائِم الْخُصُومَة، أَرَادَ أَن خصومته لَا تَنْقَطِع.
{لُدّاً عُوجاً}
إِلَى قَوْله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلَسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً} واللد بِضَم اللَّام جمع أَلد، والعوج بِضَم الْعين جمع أَعْوَج، وَفَسرهُ بِهِ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَلد: أَعْوَج، وَفِي تَفْسِير عبد بن حميد من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة فِي قَوْله: قَالَ: جدلاً بِالْبَاطِلِ.
٧١٨٨ - حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سَعِيدٍ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ ابنَ أبي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عنْها، قالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبْغَضُ الرَّجال إِلَى الله الألَدُّ الخَصِمُ
انْظُر الحَدِيث ٢٤٥٧ وطرفه
التَّرْجَمَة والْحَدِيث وَاحِد. وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله، وَاسم أبي مليكَة بِضَم الْمِيم زُهَيْر.
والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم عَن أبي عَاصِم وَفِي التَّفْسِير عَن قبيصَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَالَ الْكرْمَانِي: الأبغض هُوَ الْكَافِر، ثمَّ قَالَ: مَعْنَاهُ أبْغض الْكفَّار وَالْكَافِر المعاند، وَأبْغض الرِّجَال المخاصمين الألد الْخصم، وَقيل: الْمَعْنى الثَّانِي هُوَ الأصوب، وَهُوَ أَعم من أَن يكون كَافِرًا أَو مُسلما.
٣٥ - (بابٌ إذَا قَضَى الحاكِمُ بِجَوْرٍ أوْ خِلَافِ أهْل العِلْمِ فَهْوَ ردٌّ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا قضى الْحَاكِم بجور أَي بظُلْم، أَو قضى بِحكم هُوَ يُخَالف أهل الْعلم. قَوْله: قَوْله: فَهُوَ رد جَوَاب: إِذا، أَي: مَرْدُود، يَعْنِي: ينْقض، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ بَين أهل الْعلم، فَإِن كَانَ وَجه الِاجْتِهَاد والتأويل كَمَا صنع خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله عَنهُ، على مَا يَأْتِي الْآن، فَإِن الْإِثْم فِيهِ سَاقِط وَالضَّمان لَازم فِي ذَلِك عِنْد عَامَّة أهل الْعلم، إلَاّ أَنهم اخْتلفُوا فِيهِ، فَقَالَت طَائِفَة: إِذا أَخطَأ الْحَاكِم فِي حكمه فِي قتل أَو جراح فديَّة ذَلِك فِي بَيت المَال، وَكَذَا عِنْد الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة وَأحمد وَإِسْحَاق، وَعند الْأَوْزَاعِيّ وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ: على عَاقِلَة الإِمَام.