للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ترسل بِهِ أَي ترسل فَاطِمَة بذلك السّتْر إِلَى آل فلَان، ويروى: إِلَى فلَان، بِدُونِ ذكر آل وَترسل، بِضَم اللَّام فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر، ترسل بِهِ، بِالْبَاء وبحذف النُّون من غير عِلّة، وَهِي لُغَة. قَوْله: (أهل بَيت) ، بِالْجَرِّ على الْبَدَل.

وَفِيه كره النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْحَرِير لفاطمة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، لِأَنَّهَا مِمَّن يرغب لَهَا فِي الْآخِرَة وَلَا يرضى لَهَا بتعجيل طيباتها فِي حَيَاتهَا الدُّنْيَا وَأَن النَّهْي عَنهُ إِنَّمَا هُوَ من جِهَة الْإِسْرَاف قَالَ الْكرْمَانِي وَأَقُول لِأَن فِيهَا صوراً ونقوشاً وَالله أعلم. وَفِيه كَرَاهِيَة دُخُول الْبَيْت الَّذِي فِيهِ مَا يكره وروى ابْن حببان من حَدِيث سفينة قَالَ لم يكن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل بَيْتا مزوقاً.

٤١٦٢ - حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبرنِي عَبْدُ المَلِكِ بنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ وهْبٍ عنْ عَلِيٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أهْدَى إلَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُلَّةً سِيَرَاءَ فلَبِسْتُهَا فَرَأيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه) فَإِنَّهُ كره لبسهَا لعَلي مَعَ أَنه أهداها إِلَيْهِ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي النَّفَقَات عَن حجاج بن منهال وَفِي اللبَاس عَن سُلَيْمَان بن حَرْب وَعَن بنْدَار عَن غنْدر. وَأخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن غنْدر بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن بنْدَار بِهِ.

قَوْله: (فِي حلَّة سيراء) ، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف مَمْدُود: وَهُوَ نوع من البرود يخالطه حَرِير كالسيور، وَهُوَ فعلاء من السّير، وَهُوَ الْقد، هَكَذَا يرْوى على الصّفة، وَقيل: على الْإِضَافَة، وَاحْتج بِأَن سِيبَوَيْهٍ قَالَ: لم تأت فعلاء صفة لَكِن إسماً، وَشرح السيراء بالحرير الصافي مَعْنَاهُ حلَّة حَرِير. قَوْله: (فَرَأَيْت الْغَضَب فِي وَجهه) ، ظَاهره التَّحْرِيم، وَأما أَبُو عبد الله أَخُو الْمُهلب فَقَالَ: هُوَ دَال على أَن النَّهْي للكراهة فَقَط، وَلَو كَانَ تَحْرِيمًا لما عرف الْكَرَاهَة من وَجهه بل نَهَاهُ. فَإِن قلت: من الْمهْدي هَذِه الْحلَّة؟ قلت: قَالُوا: أكيدر دومة، قَالَ ابْن الْأَثِير: دومة الجندل مَوضِع، بِضَم الدَّال وتفتح. قَوْله: (فشققتها بَين نسَائِي) ، وَالْمرَاد بِهِ نسَاء قومه، وَلَا يُرِيد بِهِ زَوْجَاته إِذْ لم يكن لعَلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، زَوْجَة فِي حَيَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سوى فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَذكر ابْن أبي الدُّنْيَا فِي كتاب (الْهَدَايَا) تأليفه، عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: فشققت مِنْهَا أَرْبَعَة أخمرة لفاطمة بنت أَسد أُمِّي، ولفاطمة زَوْجَتي، ولفاطمة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب. قَالَ: وَنسي الرَّاوِي الرَّابِعَة. قَالَ عِيَاض: يشبه أَن تكون فَاطِمَة بنت شيبَة بن ربيعَة امْرَأَة عقيل أخي عَليّ، وَعند أبي الْعَلَاء بن سُلَيْمَان: فَاطِمَة بنت أبي طَالب المكناة أم هانىء، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قيل: فَاطِمَة بنت الْوَلِيد بن عقبَة، وَقيل: فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة.

٨٢ - (بابُ قَبولِ الْهَدِيَّةِ مِنَ المُشْرِكِينَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز قبُول الْهَدِيَّة من الْمُشْركين، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى ضعف الحَدِيث الْوَارِد فِي رد هَدِيَّة الْمُشرك، وَهُوَ مَا أخرجه مُوسَى بن عقبَة فِي الْمَغَازِي عَن ابْن شهَاب عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك وَرِجَال من أهل الْعلم أَن عَامر بن مَالك الَّذِي يدعى: ملاعب الأسنة. قدم على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ مُشْرك فأهدى لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَا أقبل هَدِيَّة مُشْرك ... الحَدِيث، رِجَاله ثِقَات إلَاّ أَنه مُرْسل، وَقد وَصله بَعضهم عَن الزُّهْرِيّ وَلَا يَصح. وَفِي الْبَاب عَن عِيَاض بن حمَار أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا من طَرِيق قَتَادَة عَن يزِيد بن عبد الله عَن عِيَاض. قَالَ: أهديث للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَاقَة فَقَالَ: أسلمت؟ قلت: لَا، قَالَ: إِنِّي نهيت عَن زبد الْمُشْركين. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَمعنى قَوْله: إِنِّي نهيت عَن زبد الْمُشْركين، يَعْنِي: هداياهم. قلت الزّبد، بِفَتْح الزَّاي وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره دَال مُهْملَة: وَهُوَ الرفد وَالعطَاء، يُقَال مِنْهُ: زبده يزبده، بِالْكَسْرِ، فَأَما يزبده بِالضَّمِّ فَهُوَ: إطْعَام الزّبد. وَقَالَ الْخطابِيّ: يشبه أَن يكون هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخا لِأَنَّهُ قبل هَدِيَّة غير وَاحِد من الْمُشْركين، أهْدى لَهُ الْمُقَوْقس مَارِيَة وَالْبَغْلَة، وَأهْدى لَهُ أكيدر دومة فَقبل مِنْهُمَا. وَقيل: إِنَّمَا رد هديته ليغيظه بردهَا فيحمله ذَلِك على الْإِسْلَام. وَقيل: ردهَا لِأَن للهدية موضعا من الْقلب، وَلَا يجوز أَن يمِيل بِقَلْبِه

<<  <  ج: ص:  >  >>