عَم أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ ابْن إِسْحَاق هُوَ ابْن عَمه وَالْأول أشهر قَوْله على جَيش أَي أَمِيرا عَلَيْهِم وَذَلِكَ أَن هوَازن بعد الْهَزِيمَة اجْتمع بَعضهم فِي أَوْطَاس فَأَرَادَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استئصالهم فَبَعثه إِلَيْهِم قَوْله " فلقي دُرَيْد بن الصمَّة " دُرَيْد بِضَم الدَّال مصغر الدرد بالمهملتين وَالرَّاء والصمة بِكَسْر الصَّاد الْمُهْملَة وَتَشْديد الْمِيم ابْن بكر بن عَلْقَمَة وَيُقَال ابْن الْحَارِث بن عَلْقَمَة الْجُشَمِي بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة من بني جشم بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن والصمة لقب لِأَبِيهِ واسْمه الْحَارِث ودريد شَاعِر مَشْهُور قَوْله " فَقتل دُرَيْد " على صِيغَة الْمَجْهُول وَاخْتلف فِي قَاتله فَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَتله ربيعَة بن رفيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة ابْن وهبان بن ثَعْلَبَة بن ربيعَة السّلمِيّ وَكَانَ يُقَال لَهُ ابْن الذعنة بِمُعْجَمَة ومهملة وَيُقَال بِالْعَكْسِ وَهِي أمه وَقَالَ ابْن هِشَام يُقَال اسْمه عبد بن قبيع بن أهبان وَيُقَال لَهُ أَيْضا ابْن الدغنة وَلَيْسَ هُوَ ابْن الدغنة الْمَذْكُور فِي قصَّة أبي بكر فِي الْهِجْرَة وروى الْبَزَّار فِي مُسْند أنس بِإِسْنَاد حسن مَا يشْعر بِأَن قَاتل دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الزبير بن الْعَوام وَلَفظه لما انهزم الْمُشْركُونَ انحاز دُرَيْد بن الصمَّة فِي سِتّمائَة نفس على أكمة فَرَأَوْا كَتِيبَة فَقَالَ خلوهم فخلوهم فَقَالَ هَذِه قضاعة وَلَا بَأْس عَلَيْكُم ثمَّ رَأَوْا كَتِيبَة مثل ذَلِك فَقَالُوا هَذِه سليم ثمَّ رَأَوْا فَارِسًا وَحده فَقَالَ خلوه لي فَقَالُوا معتجر بعمامة سَوْدَاء فَقَالَ هَذَا الزبير بن الْعَوام وَهُوَ قاتلكم ومخرجكم من مَكَانكُمْ هَذَا قَالَ فَالْتَفت الزبير فَقَالَ علام هَؤُلَاءِ هَهُنَا فَمضى إِلَيْهِم وَتَبعهُ جمَاعَة فَقتلُوا مِنْهُم ثَلَاثمِائَة وحز رَأس دُرَيْد بن الصمَّة فَجعله بَين يَدَيْهِ وَكَانَ دُرَيْد لما قتل ابْن عشْرين وَيُقَال ابْن سِتِّينَ وَمِائَة قَوْله قَالَ أَبُو مُوسَى وبعثني أَي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ أبي عَامر أَي إِلَى من التجأ إِلَى أَوْطَاس قَوْله " فَرمي " على صِيغَة الْمَجْهُول قَوْله " جشمي " أَي رجل جشمي يَعْنِي من بني جشم بِضَم الْجِيم وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَاخْتلف فِي اسْم هَذَا الْجُشَمِي فَقَالَ ابْن إِسْحَق زَعَمُوا أَن سَلمَة بن دُرَيْد بن الصمَّة هُوَ الَّذِي رمى أَبَا عَامر بِسَهْم فَأصَاب ركبته فَقتله وَأخذ الرَّايَة أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فَقَاتلهُمْ فَفتح الله عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن هِشَام حَدثنِي من أَثِق بِهِ أَن الَّذِي رمى أَبَا عَامر أَخَوان من بني جشم وهما أوفى والْعَلَاء ابْنا الْحَارِث فَأصَاب أَحدهمَا ركبته وقتلهما أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وروى الطَّبَرِيّ فِي الْأَوْسَط من وَجه آخر عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ بِإِسْنَاد حسن لما هزم الله الْمُشْركين يَوْم حنين بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على خيل الْمطلب أَبَا عَامر الْأَشْعَرِيّ وَأَنا مَعَه فَقتل ابْن دُرَيْد أَبَا عَامر فعدلت إِلَيْهِ فَقتلته وَأخذت اللِّوَاء الحَدِيث فَهَذَا يُؤَيّد مَا ذكره ابْن إِسْحَق قَوْله " ولى " أَي أدبر قَوْله " فَأَتْبَعته " ضبط بِقطع الْألف وَصَوَابه بوصلها وَتَشْديد التَّاء لِأَن مَعْنَاهُ سرت فِي أَثَره وَمعنى أتبعته بِقطع الْألف لحقته وَالْمرَاد هُنَا سرت فِي أَثَره قَوْله فَكف أَي توقف وكف نَفسه يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى قَوْله " فنزا مِنْهُ المَاء " أَي انصب من مَوضِع السهْم وَقَالَ الْكرْمَانِي فنزا أَي وثب قلت لَيْسَ كَذَلِك وَالصَّوَاب مَا ذَكرْنَاهُ قَوْله يَا ابْن أخي هَذَا يرد قَول ابْن إِسْحَق أَنه ابْن عَمه قَوْله مرمل بِضَم الْمِيم وَفتح الرَّاء وَتَشْديد الْمِيم أَي مَعْمُول بالرمال وَهِي حبال الْحَصِير الَّتِي يظفر بهَا الأسرة قَوْله وَعَلِيهِ فرَاش قَالَ ابْن التِّين وَأنْكرهُ الشَّيْخ أَبُو الْحسن وَقَالَ الصَّوَاب مَا عَلَيْهِ فرَاش فَسَقَطت مَا قيل لَا يلْزم من كَونه رقد على غير فرَاش أَن لَا يكون على سَرِيره دَائِما فرَاش قَوْله فَوق كثير من خلقك أَي فِي الْمرتبَة وَفِي رِوَايَة ابْن عَائِذ فِي الْأَكْثَرين يَوْم الْقِيَامَة من النَّاس قَالَ الْكرْمَانِي تَعْمِيم بعد تَخْصِيص قلت بَيَان لقَوْله " من خلقك " لِأَن الْخلق أَعم من أَن يكون من النَّاس وَغَيرهم قَوْله " قَالَ أَبُو بردة " مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " إِحْدَاهمَا " أَي الدعوتين -
٤٣٢١ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسفَ أخبرَنا مالِكٌ عنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ عنْ عُمَرَ بنِ كَثيرِ بنِ أفْلحَ عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى قَتَادَةَ عنْ أبي قَتادَةَ قَالَ خَرَجْنا معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عامَ حُنَيْنٍ فلَمَّا الْتقَيْنا كانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جوْلَةٌ فَرَأيْتُ رجُلاً منَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ فَضَرَبْتُهُ مِنْ ورَائِهِ عَلَى جَبْلِ عاتِقِهِ بالسَّيْفِ فقَطَعْتُ الدِّرْعَ وأقْبَلَ عَلَيَّ فضَمَّني ضَمَّةً وجَدْتُ مِنْها رِيحَ المَوْتِ ثُمَّ أدْرَكَهُ المَوْتُ فأرْسَلَني فَلَحِقْتُ عُمَرَ فقُلْتُ مَا بالُ النَّاسِ قَالَ أمْرُ الله عَزَّ وجَلَّ ثُمَّ رجَعُوا وجَلَسَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهدُ ثُمَّ جلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ فَقُمْتُ فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لي ثُمَّ جَلَسْتُ قَالَ ثُمَّ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ فقُمْتُ فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا قَتادَةَ فأخْبَرْتُهُ فَقَالَ رجُلٌ صَدقَ وسَلبُهُ عِنْدِي فأرْضِهِ مِنِّي فَقَالَ أبُو بَكْرٍ لَا هَا الله إِذا لَا يَعْمِدُ إِلَى أسَدٍ مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلُ عَن الله ورسُولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَدْقَ فأعْطِهِ فأعْطانِيهِ فابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفاً فِي بَني سَلِمَةَ فإنَّهُ لأوَّلُ مالٍ تأثَّلْتُهُ فِي الإسْلَامِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى بن سعيد هُوَ الْأنْصَارِيّ قَاضِي الْمَدِينَة، وَعمر بن كثير ضد الْقَلِيل ابْن أَفْلح الْمدنِي مولى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَغَيره من التَّابِعين الصغار، وَلَكِن ذكره ابْن حبَان فِي أَتبَاع التَّابِعين وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد، وحرف يحيى بن يحيى الأندلسي فِي رِوَايَته فَقَالَ: عَمْرو بن كثير، بِفَتْح الْعين وَالصَّوَاب: عمر، بِضَم الْعين، وَأَبُو مُحَمَّد اسْمه نَافِع بن عَبَّاس مَعْرُوف باسمه وكنيته وَهُوَ مولى أبي قَتَادَة، وَيُقَال: مولى عقيلة بنت طلق، وَيُقَال: عبلة بنت طلق، وَأَبُو قَتَادَة اسْمه الْحَارِث بن ربعي، وَقيل: غَيره.
والْحَدِيث مضى فِي الْخمس فِي: بَاب من لم يُخَمّس الأسلاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (جَوْلَة) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو، أَي: تقدم وَتَأَخر، وَفِي الْعبارَة لطف حَيْثُ لم يقل: هزيمَة، وَهَذِه الجولة كَانَت فِي بعض الْمُسلمين لَا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن حواليه. قَوْله: (قد علا رجلا) أَي: ظهر على قَتله. قَوْله: (على حَبل عَاتِقه) . العاتق: مَوضِع الرِّدَاء من الْمنْكب، وَالْحَبل العصب. قَوْله: (بِالسَّيْفِ) ، ويروى بِسيف، بِدُونِ الْألف وَاللَّام. قَوْله: (فَقطعت الدرْع) أَي: اللّبْس الَّذِي كَانَ لابسه. قَوْله: (وجدت مِنْهَا) أَي: من تِلْكَ الضمة (ريح الْمَوْت) أَي: من شدتها. قَوْله: (فأرسلني) ، أَي: أطلقني. قَوْله: (فلحقت عمر رَضِي الله عَنهُ) ، فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَانْهَزَمَ الْمُسلمُونَ وانهزمت مَعَهم، فلحقت عمر. قَوْله: (مَا بَال النَّاس؟) أَي: مَا حَالهم؟ قَوْله: (قَالَ أَمر الله) ، أَي: قَالَ عمر: حكم الله تَعَالَى وَمَا قضا بِهِ، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: مَحْذُوف، أَي: هَذَا الَّذِي أَصَابَهُم أَمر الله. قَوْله: (ثمَّ رجعُوا) أَي: ثمَّ تراجعوا، وَهَكَذَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة، وَكَيْفِيَّة رجوعهم قد تقدّمت عَن قريب قَوْله: (من قتل قَتِيلا) أَي: مشرفاً على الْقَتْل، فَهُوَ مجَاز بِاعْتِبَار المَال قَالَ الْكرْمَانِي: وَيحْتَمل أَن يكون حَقِيقَة بِأَن يُرَاد بالقتيل الْقَتِيل بِهَذَا الْقَتْل لَا بقتل سَابق، كَمَا قَالَ المتكلمون فِي جَوَاب المغالطة الْمَشْهُورَة، وَهُوَ أَن إِيجَاد الْمَعْدُوم محَال لِأَن الإيجاد إِمَّا حَال الْعَدَم، فَهُوَ جمع بَين النقيضين، وَإِمَّا حَال الْوُجُود. وَهُوَ تَحْصِيل للحاصل أَن إِيجَاد الْمَوْجُود بِهَذَا الْوُجُود لَا بِوُجُود مُتَقَدم. قَوْله: (فأرضه مني) هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره. فأرضه مِنْهُ. قَوْله: (فَقَالَ أَبُو بكر) أَي: الصّديق، رَضِي الله عَنهُ قَوْله: (لَا هَا الله) كلمة: هَا، للتّنْبِيه، وَقد يقسم بهَا يُقَال: لَا هَا الله مَا فعلت أَي: لَا وَالله، وَقَالَ ابْن مَالك: فِيهِ شَاهد على جَوَاز الِاسْتِغْنَاء عَن وَاو الْقسم بِحرف التَّنْبِيه. قَالَ: وَلَا يكون ذَلِك إلَاّ مَعَ الله، أَي: لم يسمع: لَا هَا الرَّحْمَن، كَمَا سمع لَا والرحمن وَحكى ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ أَنه روى رفع: الله، وَالْمعْنَى: يَأْبَى الله، وَقيل: إِن ثبتَتْ الرِّوَايَة بِالرَّفْع فَيكون هَا، للتّنْبِيه وَالله، مُبْتَدأ. وَقَوله: (لَا يعمد) خَبره، وَفِيه تَأمل. قَوْله: (إِذا) ، بِكَسْر الْهمزَة وبالذال الْمُعْجَمَة المنونة، وَقَالَ الْخطابِيّ: هَكَذَا نرويه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامهم أَي: العربَ لَا هَا الله، يَعْنِي بِدُونِ الْهمزَة فِي أَوله، وَالْهَاء فِيهِ بِمَنْزِلَة الْوَاو، وَالْمعْنَى: لَا وَالله لَا يكون ذَا وَقَالَ عِيَاض فِي (الْمَشَارِق) : عَن إِسْمَاعِيل القَاضِي أَن الْمَازِني قَالَ: قَول الروَاة: لَا هَا الله إِذا، خطأ، وَالصَّوَاب: لَا هَا الله ذَا يَمِيني وقسمي، وَقَالَ أَبُو زيد لَيْسَ فِي كَلَامهم: لَا هَا الله إِذا، وَإِنَّمَا هُوَ: لَا هَا الله ذَا، وَذَا صلَة فِي الْكَلَام، والمعني: لَا وَالله هَذَا مَا أقسم بِهِ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ثَبت فِي الرِّوَايَة: لَا هَا الله إِذا، فَحَمله بعض النَّحْوِيين على أَنه من تَعْبِير بعض الروَاة لِأَن الْعَرَب لَا تسْتَعْمل: لَا هَا الله، بِدُونِ ذَا، وَإِن سلم اسْتِعْمَاله بِدُونِ ذَا فَلَيْسَ هَذَا مَوضِع إِذا لِأَنَّهَا حرف جَزَاء، وَمُقْتَضى الْجَزَاء أَن لَا يذكر إِلَّا فِي قَوْله: (لَا يعمد) ، بل كَانَ يَقُول: إِذا يعمد إِلَى أَسد ليَصِح جَوَابا لطَالب السَّلب انْتهى وَقد أَطَالَ بَعضهم الْكَلَام فِي هَذَا جدا، مختلطاً بعضه بِبَعْض من غير تَرْتِيب، فالناظر فِيهِ إِن كَانَ لَهُ يَد يشمئز خاطره من ذَلِك وإلَاّ فَلَا يفهم شَيْئا أصلا، وَالَّذِي يُقَال بِمَا يجدي النَّاظر أَنه إِن كَانَ إِذا، على مَا هُوَ الْمَوْجُود فِي الْأُصُول يكون مَعْنَاهُ حينئذٍ وَإِن كَانَ ذَا بِدُونِ الْهمزَة، فوجهه مَا تقدم فَلَا يحْتَاج إِلَى الإطالة الْغَيْر الطائلة قَوْله: (لَا يعمد) ، أَي: لَا يقْصد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى رجل كَأَنَّهُ أَسد فِي الشجَاعَة يُقَاتل عَن دين الله وَرَسُوله، فَيَأْخُذ حَظه ويعطيكه بِغَيْر طيبَة من نَفسه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويعمد، بالغيبة والتكلم وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) أَن الَّذِي خَاطب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بذلك عمر، وَلَفظه فِيهِ: فَقَالَ عمر: وَالله لَا يفيئها الله على أَسد ويعطيكها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صدق عمر. قلت: صَاحب الْقِصَّة أَبُو قَتَادَة فَهُوَ اتقن لما وَقع فِيهَا من غَيره، وَقيل: يحْتَمل الْجمع بِأَن يكون عمر أَيْضا قَالَ ذَلِك تَقْوِيَة لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ. قَوْله: (فابتعت بِهِ) ، أَي: اشْتريت بذلك السَّلب وَقَالَ الْوَاقِدِيّ بَاعه الحاطب بن أبي بلتعة بِسبع أَوَاقٍ. قَوْله: (مخرفاً) ، بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء بَينهمَا خاء مُعْجمَة، قيل: يجوز فِيهِ كسر الْخَاء وَهُوَ الْبُسْتَان، وَسمي بذلك لِأَنَّهُ يخْتَرف مِنْهُ التَّمْر أَي: يجني، وَذكر الْوَاقِدِيّ أَن هَذَا الْبُسْتَان كَانَ يُقَال لَهُ: الودنيين، والمخرف، بِكَسْر الْمِيم إسم الْآلَة الَّتِي يجتني بهَا. قَوْله: (فِي بني سَلمَة) بِكَسْر اللَّام: بطن من الْأَنْصَار وهم ثوم أبي قَتَادَة. قَوْله: (تأثلته) ، بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَضم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: اتخذته أصل المَال واقتنيته، وأثلة كل شَيْء: أَصله.
٤٣٢٢ - وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني يحْيَى بنُ سَعِيدٍ عنْ عُمَرَ بن كَثِيرِ بن أفْلَحَ عنْ أبي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبي قتَادَةَ أنَّ أَبَا قتادَةَ قَالَ لمَّا كانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقاتِلُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ وآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ ورَائِهِ مِنْ ورَائِهِ لِيَقْتُلَهُ فأسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ فرَفَعَ يَدهُ لِيَضْرِبَنِي وأضْرِبُ يدَهُ فقَطَعْتُها ثُمَّ أخَذَنِي فَضَمَّني ضَمًّا شَدِيداً حَتَّى تَخَوَّفْتُ ثُمَّ تَرَكَ فَتَحَلَّلَ ودَفَعْتُهُ ثُمَّ قتَلْتُهُ وانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ وانهَزَمْتُ معَهُمْ فإِذَا بِعُمَرَ بن الخَطَّابِ فِي النَّاسِ فقُلْتُ لَهُ مَا شأنُ النَّاسِ قَالَ أمْرُ الله ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقال رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ أقامَ بيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ فَقُمْتُ لألْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلي فَلَمْ أرَ أَحَداً يَشْهَدُ لي فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أمْرَهُ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقال رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ سِلَاحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي فأرْضِهِ منهُ فَقال أبُو بَكْرٍ كَلَاّ لَا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ منْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أسَداً مِنْ أُسْدِ الله يُقاتِلَ عنِ الله ورسولِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فَقامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأدَّاهُ إليَّ فاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافاً فَكانَ أوَّلَ مالٍ تَاثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَامِ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور وَهُوَ مُعَلّق وَصله البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث وَيحيى بن سعد هُوَ الْأنْصَارِيّ.
قَوْله: (يختله) ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: أَي يخدعه. قَوْله: (حَتَّى تخوفت) أَي: الْهَلَاك، وَهُوَ مفعول قد حذف. قَوْله: (بدالي) أَي: ظهر لي قَوْله: (الَّذِي يذكر) ، أَي: أَبُو قَتَادَة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الَّذِي ذكره. قَوْله: (كلا) كلمة ردع. قَوْله: (لَا يُعْطه) ، أَي: لَا يُعْطي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلَاح الرجل الَّذِي هُوَ سلبه. قَوْله: (أصيبغ) بِضَم الْهمزَة وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا الْغَيْن الْمُعْجَمَة: وَهُوَ نوع من الطير ضَعِيف شبهه بِهِ لعَجزه وَهُوَ أَنه، وَقيل: شبهه بالصبغاء، وَهُوَ نبت مَعْرُوف، وَقيل: نبت ضَعِيف كالثمام إِذا طلع من الأَرْض يكون أول مَا يَلِي الشَّمْس مِنْهُ أصفر، هَذَا الضَّبْط رِوَايَة الْقَابِسِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة، وعَلى رِوَايَته هُوَ تَصْغِير: الضبع، على غير قِيَاس، كَأَنَّهُ لما عظم أَبَا قَتَادَة بِأَنَّهُ أَسد صغر خَصمه وَشبهه بالضبع لضعف افتراسه وَمَا يُوصف بِهِ من الْعَجز، وَقَالَ ابْن مَالك: أضيبع، بالضاد الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة تَصْغِير: أضبع ويكنى بِهِ عَن الضَّعِيف. قَوْله: (ويدع) ، أَي: يتْرك وَهُوَ بِالنّصب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويدع، بِالرَّفْع والجر نَحْو: لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن.
٥٦ - (بابُ غَزْوةٍ أوْطاسٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غَزْوَة أَوْطَاس، قَالَ عِيَاض: هُوَ وَاد فِي ديار هوَازن وَهُوَ مَوضِع حَرْب حنين، وَهُوَ من وطست الشَّيْء موطساً إِذا كددته وأثرت فِيهِ، والوطيس: نقرة فِي حجر توقد حوله النَّار فيطبخ بِهِ اللَّحْم، والوطيس: التَّنور.
٥٧ - (بابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غَزْوَة الطَّائِف، وَهُوَ بلد كَبِير مَشْهُور كثير الأعناب والنخيل على ثَلَاث مراحل أَو اثْنَتَيْنِ من مَكَّة من جِهَة الْمشرق، وأصل تَسْمِيَته بِالطَّائِف أَن هشاماً ذكر أَن رجلا من الصدف يُقَال لَهُ: لدمون بن عبيد بن مَالك قتل ابْن عَم لَهُ يُقَال لَهُ عمر بحضرموت ثمَّ هرب، وَرَأى مَسْعُود بن معتب الثَّقَفِيّ يعرج وَمَعَهُ مَال كثير وَكَانَ تَاجِرًا. فَقَالَ: أحالفكم لتزوجوني، وأزوجكم وأبني عَلَيْكُم طوفاً مثل الْحَائِط لَا يصل إِلَيْكُم أحد من الْعَرَب؟ فَبنى بذلك المَال طوفاً عَلَيْهِم، فَسُمي بِهِ الطَّائِف. وَحكى السُّهيْلي: أَن الْجنَّة الَّتِي ذكرهَا الله تَعَالَى فِي قَوْله: {فَطَافَ عَلَيْهَا طائف من رَبك وهم نائمون} (الْقَلَم: ١٩) هِيَ: الطَّائِف