حَتَّى خرجَ مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبْلِ الكَعْبَةِ وَقَالَ: (هَذِهِ القِبْلَة) . (الحَدِيث ٨٩٣ أَطْرَافه فِي: ١٠٦١، ١٥٣٣، ٢٥٣٣، ٨٨٢٤) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (قبل الْكَعْبَة) ، وَالْمرَاد: مُقَابل الْكَعْبَة، وَهُوَ مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: إِسْحَاق بن نصر، ذكر فِي (أَسمَاء رجال الصَّحِيحَيْنِ) إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر أَبُو إِبْرَاهِيم السَّعْدِيّ، وَكَانَ ينزل الْمَدِينَة، وروى عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع فِي كِتَابه، مرّة يَقُول: حدّثنا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن سعد، وَمرَّة يَقُول: حدّثنا إِسْحَاق بن نصر، فينسبه إِلَى جده. الثَّانِي: عبد الرَّزَّاق بن همام. الثَّالِث: عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج. الرَّابِع: عَطاء بن أبي رَبَاح. الْخَامِس: عبد ابْن عَبَّاس.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين والإخبار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: السماع. وَفِيه: إِسْحَاق وَقع مَنْسُوبا فِي الرِّوَايَات كلهَا، وَبِذَلِك جزم الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم وَابْن مَسْعُود وَآخَرُونَ، وَذكر أَبُو الْعَبَّاس فِي (الْأَطْرَاف) لَهُ: أَن البُخَارِيّ أخرجه عَن إِسْحَاق غير مَنْسُوب، وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَأَبُو نعيم فِي (مستخرجيهما) من طَرِيق إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن عبد الرَّزَّاق شيخ إِسْحَاق بن نصر فِيهِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا، فَجعله من رِوَايَة ابْن عَبَّاس عَن أُسَامَة بن زيد، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج، وَهُوَ الْأَرْجَح. قلت: هَذَا يدل على أَن هَذَا الحَدِيث من مَرَاسِيل ابْن عَبَّاس، وَأَيْضًا لم يثبت أَن ابْن عَبَّاس دخل الْكَعْبَة مَعَ النَّبِي. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مدنِي وصنعاني ومكي.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الْمَنَاسِك عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعبد بن حميد، كِلَاهُمَا عَن مُحَمَّد بن بكر عَن ابْن جريج عَن عَطاء بِهِ، وَفِيه قصَّة، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن خشيش بن أَصْرَم عَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج بِإِسْنَادِهِ، وَرَوَاهُ عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي دَاوُد عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن أُسَامَة، وَلم يذكر ابْن عَبَّاس.
ذكر مَعَانِيه قَوْله: (فِي نواحيه) جمع: نَاحيَة وَهِي الْجِهَة. قَوْله: (ركع) أَي: صلى، أطلق الْجُزْء وَأَرَادَ الْكل. قَوْله: (فِي قبل الْكَعْبَة) ، بِضَم الْقَاف وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وتضم الْبَاء وتسكن أَي: مقابلها وَمَا استقبلك مِنْهَا. قَوْله: (هَذِه الْقبْلَة) ، الْإِشَارَة إِلَى الْكَعْبَة. وَقَالَ الْخطابِيّ: مَعْنَاهُ أَن أَمر الْقبْلَة قد اسْتَقر على اسْتِقْبَال هَذَا الْبَيْت فَلَا ينْسَخ بعد الْيَوْم فصلوا إِلَيْهِ أبدا، وَيحْتَمل أَنه علمهمْ سنة موقف الإِمَام فَإِنَّهُ يقف فِي وَجههَا دون أَرْكَانهَا وجوانبها الثَّلَاثَة، وَإِن كَانَت الصَّلَاة فِي جَمِيع جهاتها مجزئة. وَيحْتَمل أَنه دلّ بِهَذَا القَوْل على أَن حكم من شَاهد الْبَيْت وعاينه خلاف حكم الْغَائِب عَنهُ فِيمَا يلْزمه من مواجهته عيَانًا دون الِاقْتِصَار على الِاجْتِهَاد، وَذَلِكَ فَائِدَة مَا قَالَ: هَذِه الْقبْلَة، وَإِن كَانُوا قد عرفوها قَدِيما وَأَحَاطُوا بهَا علما. وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَيحْتَمل معنى آخر وَهُوَ: أَن مَعْنَاهُ: هَذِه الْكَعْبَة هِيَ الْمَسْجِد الْحَرَام أمرْتُم باستقباله، لَا كل الْحرم وَلَا مَكَّة وَلَا الْمَسْجِد الَّذِي هُوَ حول الْكَعْبَة، بل هِيَ الْكَعْبَة نَفسهَا فَقَط. فَإِن قلت: روى الْبَزَّار من حَدِيث عبد ابْن حبشِي الْخَثْعَمِي قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله يُصَلِّي إِلَى بَاب الْكَعْبَة وَهُوَ يَقُول: أَيهَا النَّاس إِن الْبَاب قبْلَة الْبَيْت) . قلت: هَذَا مَحْمُول على النّدب لقِيَام الْإِجْمَاع على جَوَاز اسْتِقْبَال الْبَيْت من جَمِيع جهاته، كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ.
وَوجه التَّوْفِيق بَين هَذِه الرِّوَايَة وَالَّتِي قبلهَا قد مر مُسْتَوفى.
١٣ - (بابُ التَّوَجُّهِ نَحْوَ القِبْلَةِ حَيْث كانَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان التَّوَجُّه إِلَى جِهَة الْقبْلَة حَيْثُ كَانَ الْمُصَلِّي، أَي: حَيْثُ وجد فِي سفر أَو حضر، وَكَانَ، تَامَّة فَلذَلِك: اقْتصر على اسْمه، وَالْمرَاد بِهِ: فِي صَلَاة الْفَرِيضَة، وَذَلِكَ لقَوْله تَعَالَى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} (الْبَقَرَة: ٤٤١، ٠٥١) .
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَكَبِّرْ) .
هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي قصَّة الْمُسِيء فِي صلَاته، سَاقه البُخَارِيّ بِهَذَا اللَّفْظ فِي كتاب الاسْتِئْذَان.
٩٩٣٣٦ - ح دّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَجاءٍ قَالَ حدّثنا إسْرَائِيلُ عنْ أبِي إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي اعنهما قَالَ كانَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّة عَشَرَ أوْ سَبْعَةَ