٥١٦٦ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِنانٍ حدّثنا فُليْحٌ حَدثنَا عَبْدَةُ بنُ أبي لُبابَةَ عَنْ ورَّادٍ مَوْلَى المغِيرَةِ ابنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَتَبَ مُعاوِيَةُ إِلَى المُغِيرَةِ: أكْتُبْ إلَيَّ مَا سَمعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ خَلْفَ الصّلَاة، فأمْلَى عَليَّ المُغِيرَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: خَلْفَ الصّلَاةِ: (لَا إلَهَ إلاّ الله وحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُمَّ لَا مانِعَ لِما أعْطَيْتَ ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجدِّ مِنْكَ الجَدُّ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِن كَانَ بَينهمَا نوع تَغْيِير. وَمُحَمّد بن سِنَان بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وبالنونين، وفليح مصغر الفلح بِالْفَاءِ والحاء الْمُهْملَة ابْن سُلَيْمَان، وَكَانَ اسْمه عبد الْملك وفليح لقبه فغلب على اسْمه، وَعَبدَة ضد الْحرَّة ابْن أبي لبَابَة بِضَم اللَّام وبالباءين الموحدتين الْأَسدي الْكُوفِي سكن دمشق، ووراد بِفَتْح الْوَاو وَتَشْديد الرَّاء مولى الْمُغيرَة بن شُعْبَة وكاتبه.
والْحَدِيث مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الذّكر بعد الصَّلَاة. وَأخرجه فِي مَوَاضِع كَثِيرَة فِي الِاعْتِصَام وَفِي الرقَاق وَفِي الدَّعْوَات وَغَيرهَا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي الصَّلَاة.
قَوْله: (الْجد) وَهُوَ مَا جعل الله للْإنْسَان من الحظوظ الدُّنْيَوِيَّة، وَكلمَة: من، تسمى من الْبَدَلِيَّة. كَقَوْلِه تَعَالَى: {أرضيتم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا من الْآخِرَة} (التَّوْبَة: ٨٣) أَي: بدل الْآخِرَة، أَي: المحظوظ لَا يَنْفَعهُ حَظه بذلك أَي: بدل طَاعَتك، وَقَالَ الرَّاغِب: قيل: أَرَادَ بالجد أَب الْأَب أَي: لَا ينفع أحدا نسبه. وَقَالَ النَّوَوِيّ: مِنْهُم من رَوَاهُ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الِاجْتِهَاد أَي: لَا ينفع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اجْتِهَاده إِنَّمَا يَنْفَعهُ رحمتك.
وَقَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: أخبَرني عَبْدَةُ أنَّ ورَّاداً أخْبَرَهُ بهاذَا، ثُمَّ وفَدْتُ بَعْدُ إِلَى مُعاوِيَةَ فَسَمِعْتُهُ يأمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ القَوْلِ.
ابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن الْعَزِيز بن جريج، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَحْمد وَمُسلم من طَرِيق ابْن جريج، وَالْمَقْصُود من هَذَا التَّعْلِيق التَّصْرِيح بِأَن وراداً أخبر بِهِ عَبدة لِأَنَّهُ وَقع فِي الرِّوَايَة الأولى بالعنعنة. قَوْله: ثمَّ وفدت، الْقَائِل بِهَذَا عَبدة، ووفدت من الْوُفُود وَهُوَ قصد الْأُمَرَاء لزيارة واسترفاد وانتجاع وَغير ذَلِك، يُقَال: وَفد يفد فَهُوَ وَافد. قَوْله: بعد، مَبْنِيّ على الضَّم أَي: بعد أَن سمعته من وراد. قَوْله: إِلَى مُعَاوِيَة، هُوَ ابْن أبي سُفْيَان لما كَانَ فِي الشَّام حَاكما. قَوْله: بذلك القَوْل، أَشَارَ بِهِ إِلَى القَوْل الَّذِي كَانَ يَقُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ الدُّعَاء الْمَذْكُور عقيب الصَّلَاة.
٣١ - (بابُ مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّه مِنْ درَكِ الشَّقاءِ وسُوءِ القَضاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَمر المتعوذ من هذَيْن الشَّيْئَيْنِ. أَحدهمَا: دَرك الشَّقَاء، بِفَتْح الرَّاء: اللحاق والتبعة والشقاء بِالْفَتْح وَالْمدّ الشدَّة والعسر وَهُوَ يتَنَاوَل الدِّينِيَّة والدنياوية. وَالْآخر: سوء الْقَضَاء، أَي الْمقْضِي إِذْ حكم الله كُله حسن.
وقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ} (الفلق: ١ ٢) .
أَشَارَ بِذكر هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة إِلَى الرَّد على من زعم أَن العَبْد يخلق فعل نَفسه، لِأَنَّهُ لَو كَانَ السوء الْمَأْمُور بالاستعاذة مِنْهُ مخترعاً لفَاعِله لما كَانَ للاستعاذة بِاللَّه مِنْهُ معنى، لِأَنَّهُ لَا يَصح التَّعَوُّذ إلَاّ بِمن قدر على إِزَالَة مَا استعيذ بِهِ مِنْهُ.
٦١٦٦ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا سُفيانُ عنْ سُمَيّ عنْ أبي صالحٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (تَعَوَّذُوا بِاللَّه مِنْ جَهْدِ البلَاءِ ودَرَكِ الشَّقاءِ وسُوءِ القَضاءِ وشَماتَةِ الاعْدَاءِ) .
(انْظُر الحَدِيث ٧٤٣٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَسمي بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء مولى أبي بكر المَخْزُومِي، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الدَّعْوَات فِي: بَاب التَّعَوُّذ من جهد الْبلَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سفاين عَن سمي ... إِلَى آخِره.
قَوْله: (جهد الْبلَاء) بِضَم الْجِيم أشهر وَهُوَ الْحَالة الَّتِي يخْتَار عَلَيْهَا الْمَوْت، وَقيل: هُوَ قلَّة