للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّتِي يطيقها وَأخذ كَسبه مِنْهَا. وَفِيه: بَيَان مَا كَانُوا فِيهِ من شظف الْعَيْش وَقلة الشَّيْء. وَأَنَّهُمْ كَانُوا يؤثرون بِمَا عِنْدهم. وَفِيه: تَأْكِيد إطْعَام الطَّعَام والضيافة خُصُوصا لمن علم حَاجته لذَلِك. وَفِيه: أَن من صنع طَعَاما لغيره فَلَا بَأْس أَن يَدعُوهُ إِلَى منزله ليَأْكُل مَعَه عِنْده، وَلَكِن هَل الأولى أَن يَدعُوهُ إِلَى الطَّعَام أَو يُرْسِلهُ إِلَيْهِ؟ اخْتَار مَالك إرْسَاله إِلَيْهِ ليَأْكُل مَعَ أَهله إِن كَانَ لَهُ أهل، فَقَالَ فِي الرجل يَدْعُو الرجل: يلْزمه إِذا أَرَادَ أَن يبْعَث بِمثل ذَلِك إِلَيْهِ ليأكله مَعَ أَهله، فَإِنَّهُ قَبِيح بِالرجلِ أَن يذهب يَأْكُل الطَّيِّبَات وَيتْرك أَهله. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي لمن دَعَا من لَهُ منزلَة إِلَى طَعَامه أَن يَدْعُو مَعَه أَصْحَابه الَّذين هم أهل مُجَالَسَته، كَمَا فعل أَبُو شُعَيْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي لمن أَرَادَ أَن يَدْعُو جمَاعَة أَن يصنع لَهُم من الطَّعَام كفايتهم وَلَا يضيق عَلَيْهِم، محتجا بِأَن طَعَام الْوَاحِد يَكْفِي الْإِثْنَيْنِ وَطَعَام الْإِثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَة وَطَعَام الْأَرْبَعَة يَكْفِي الثَّمَانِية، لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّقْصِير على الضَّيْف، وَرُبمَا جَاءَ من لم يَدعه كَمَا وَقع فِي قصَّة أبي شُعَيْب. وَفِيه: إِجَابَة الْمَدْعُو للداعي وَأَنه لم ينص على اسْمه بل ذَلِك تبعا لغيره، كجلساء فلَان وَأَصْحَابه، إِذْ لم ينْقل أَنه سمى مَعَه جلساءه، لَكِن يحْتَمل أَن أَبَا شُعَيْب حِين رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعرف فِي وَجهه الْجُوع، أَنه رأى مَعَه أَرْبَعَة جالسين، فَكَانَ ذَلِك تَخْصِيصًا لَهُم. وَفِيه: أَنه لَو دَعَا رجلا إِلَى وَلِيمَة أَو طَعَام، سَوَاء قُلْنَا بِالْوُجُوب أَو بالاستحباب وَكَانَ مَعَ الْمَدْعُو حَالَة الدعْوَة غَيره لم يدْخل فِي الدعْوَة، وَلَيْسَ كالهدية عِنْد قوم يشركونه فِيهَا، للْحَدِيث الْوَارِد فِي ذَلِك: من أهدي لَهُ هَدِيَّة عِنْد قوم يشركونه فِيهَا، والْحَدِيث غير صَحِيح. وَفِيه: أَنه لَا بَأْس لمن وجد جمَاعَة يذهبون إِلَى مَكَان أَن يتبعهُم لِأَنَّهُ لَو كَانَ هَذَا مُمْتَنعا لنهاه النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ولرده، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنع دُخُوله مَعَه بِغَيْر إِذن صَاحب الدعْوَة وَرضَاهُ. وَفِيه: أَنه لَا يَنْبَغِي للمدعو أَن يرد من تبعه إِلَى الدعْوَة، بل يَسْتَأْذِنهُ عَلَيْهِ لجَوَاز أَن يَأْذَن لَهُ. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي للمدعو أَن يسْتَأْذن صَاحب الْمنزل فِيمَن تبعه إِلَى الدعْوَة، لِئَلَّا ينكسر خاطره مَا لم يكن ثمَّة دَاع لعدم دُخُوله. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي للمدعو إِذا اسْتَأْذن لمن تبعه أَن يتلطف فِي الاسْتِئْذَان وَلَا يتحكم على صَاحب الْمنزل بقوله: إيذن لهَذَا، وَنَحْو ذَلِك. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي للمدعو إِذا اسْتَأْذن لمن تبعه أَن يعلم صَاحب الدعْوَة أَن الْأَمر فِي الْإِذْن إِلَيْهِ، وَأَنه لَيْسَ للمدعو أَن يحتكم عَلَيْهِ وَيَدْعُو مَعَه من أَرَادَ لقَوْله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (وَإِن شِئْت رَجَعَ هَذَا) مَعَ كَونه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَهُ أَن يتَصَرَّف فِي مَال كل من الْأمة بِغَيْر حُضُوره وَبِغير رِضَاهُ، وَلكنه لم يفعل ذَلِك إلَاّ بِالْإِذْنِ تطييبا لقُلُوبِهِمْ. وَفِيه: أَنه يَنْبَغِي للداعي إِذا اسْتَأْذن الْمَدْعُو فِيمَن تبعه أَن يَأْذَن لَهُ، كَمَا فعل أَبُو شُعَيْب. وَهَذَا من مَكَارِم الْأَخْلَاق. وَفِيه: فِي قَوْله: (إِن هَذَا قد تبعنا) ، دَلِيل على أَنه لَو كَانَ مَعَهم حَالَة الدعْوَة لدخل فِيهَا وَلم يحْتَج إِلَى الإستئذان. وَفِيه: قَالَ القَاضِي عِيَاض: فِيهِ: تَحْرِيم طَعَام الطفيليين. وَقَالَ أَصْحَاب الشَّافِعِي: لَا يجوز التطفل إلَاّ إِذا كَانَ بَينه وَبَين صَاحب الدَّار انبساط، وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من مَشى إِلَى طَعَام لم يدع إِلَيْهِ مَشى فَاسِقًا وَأكل حَرَامًا وَدخل سَارِقا وَخرج مغيرا) . وروى الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنه) من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من دخل على قوم لطعام لم يدع إِلَيْهِ فَأكل دخل فَاسِقًا وَأكل مَا لَا يحل لَهُ) ، وَفِي إِسْنَاده يحيى بن خَالِد وَهُوَ مَجْهُول.

٢٢ - (بابُ مَا يَمْحَقُ الكَذِبَ والْكِتْمَانُ فِي الْبَيْعِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يمحق، أَي: الشَّيْء الَّذِي يمحق أَي: يفْسد وَيبْطل الْكَذِب من البَائِع فِي مدح سلْعَته، وَمن المُشْتَرِي فِي التَّقْصِير فِي وَفَاء الثّمن. قَوْله: (والكتمان) ، بِالرَّفْع عطف على الْكَذِب وَهُوَ الْإخْفَاء من البَائِع عَن عيب سلْعَته وَمن المُشْتَرِي عَن وصف الثّمن.

٢٨٠٢ - حدَّثنا بَدَلُ بنُ المُحَبَّرِ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ أبَا الخَلِيلِ يُحَدِّثُ عنْ عَبْدِ الله بنِ الحَارِثِ عنْ حَكِيمِ بنُ حِزَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْبَيِّعَان بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أوْ قَالَ حَتَّى يتَفَرَّقَا فإنْ صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا وإنْ كَتَما وكذَبَا محِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا. .

<<  <  ج: ص:  >  >>