٩١٠٣ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونُسَ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعيدِ ابنِ المُسَيَّبِ وَأبي سلَمَةَ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ قرَصَتْ نَمْلَةٌ نِبِيَّاً مِنَ الأنْبِيَاءِ فأمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فأحْرِقَتْ فأوْحَى الله إلَيْهِ أنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أحْرَقَتْ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسَبِّحُ الله.
(الحَدِيث ٩١٠٣ طرفه فِي: ٩١٣٣) .
وَجه مناسبته بِمَا قبله من حَيْثُ إِنَّه لَا يجوز الْمُجَاوزَة بالتحريق إِلَى من لَا يسْتَحق ذَلِك، فَإِنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخبر فِيهِ أَن الله، عز وَجل، عَاتب هَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإحراقه تِلْكَ الْأمة من النَّمْل، وَلم يكتف بإحراق النملة الَّتِي قرصته، فَلَو أحرقها وَحدهَا لما عوتب عَلَيْهِ.
وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة. والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحَيَوَان عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وحرملة بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن صَالح. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّيْد عَن وهب بن بَيَان. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن أبي الطَّاهِر وَأحمد بن عِيسَى وَعَن مُحَمَّد بن يحيى.
قَوْله:(قرصت) بِالْقَافِ أَي: لدغت. قَوْله:(نَبيا) قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: ذَلِك النَّبِي كَانَ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَوْله:(بقرية النَّمْل) ، الْقرْيَة: الْمُجْتَمع. قَوْله:(أَن قرصتك؟) بِفَتْح الْهمزَة وبهمزة الِاسْتِفْهَام ملفوظة أَو مقدرَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ جَازَ إحراق النَّمْل قصاصا وَهُوَ لَيْسَ بمكلف، ثمَّ إِن جَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا، ثمَّ إِن القارص نملة وَاحِدَة، وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى. قلت: لَعَلَّه كَانَ فِي شَرعه جَائِزا، وَيُقَال: المؤذي طبعا يقتل شرعا قِيَاسا على الأفعى. فَإِن قلت: لَو كَانَ جَائِزا لما ذمّ عَلَيْهِ. قلت: يحْتَمل أَن يذل على ترك الأولى وحسنات الْأَبْرَار سيئات المقربين. انْتهى. قلت: قَوْله: لَعَلَّه كَانَ فِي شَرعه جَائِزا، فِيهِ نظر، لِأَنَّهُ حكم بالتخمين، وَالْأولَى أَن يُقَال: لَعَلَّه لم يكن يعلم حِينَئِذٍ أَنه لَا يجوز، وَقَوله: المؤذي طبعا، لَيْسَ النَّمْل بمؤذ طبعا، لِأَن قرصها يحْتَمل أَنه كَانَ على سَبِيل الِاتِّفَاق. وَقَوله: يحْتَمل أَن يذم على ترك الأولي، لَا يُقَال فِي حق نَبِي أَن الله ذمه على فعل بل يُقَال: عاتبه.