للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ فسره بقوله: (لَا هِيَ أيم) الأيم، بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمَكْسُورَة. وَهِي امْرَأَة لَا زوج لَهَا بكرا كَانَت أَو ثَيِّبًا وَيُقَال أَيْضا رجل أيم، وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق يزِيد النَّحْوِيّ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {فتذروها كالمعلقة} (النِّسَاء: ١٢٩) قَالَ: لَا هِيَ أيم وَلَا ذَات زوج.

نُشُوزا بُغْضا

أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا} وَفَسرهُ بقوله: (بغضا) وَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم، من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ فِيهِ: يَعْنِي بغضا. وَقَالَ الْفراء: النُّشُوز يكون من قبل الْمَرْأَة وَالرجل، وَهُوَ هُنَا من قبل الرجل.

٤٦٠١ - ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقَاتِلٍ أخْبَرنا عَبْدُ الله أخبرنَا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا وَإن امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزا أوْ إعْرَاضا قَالَتِ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْها يُرِيدُ أنْ يُفَارِقَها فَتَقُولُ أجْعَلُكَ مِنْ شأنِي فِي حِلت فَنَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِك.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك، وَعُرْوَة وَابْن الزبير بن الْعَوام.

والْحَدِيث مضى فِي الصُّلْح عَن مُحَمَّد وَلم ينْسبهُ عَن ابْن الْمُبَارك بِهِ، وَفِيه أَيْضا عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ.

قَوْله: (لَيْسَ بمستكثر مِنْهَا) أَي: من الْمَرْأَة فِي الْمحبَّة والمعاشرة والملازمة. قَوْله: (يُرِيد) أَي: الرجل. قَوْله: (فَتَقول) أَي: الْمَرْأَة. قَوْله: (من شأني) أَي: مِمَّا يتَعَلَّق بأَمْري من النَّفَقَة وَالْكِسْوَة وَالصَّدَاق تَجْعَلهُ فِي حل ليفارقها. قَوْله: (فَنزلت الْآيَة) أَي: الْمَذْكُورَة، وَزَاد أَبُو ذَر عَن غير الْمُسْتَمْلِي: (وَإِن امْرَأَة خَافت من بَعْلهَا نُشُوزًا أَو إعْرَاضًا) الْآيَة. وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، نزلت فِي الْمَرْأَة تكون عِنْد الرجل تكره مُفَارقَته فيصطلحان على أَن يجيئها كل ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة، وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بأطول مِنْهُ، وروى الْحَاكِم من طَرِيق ابْن الْمسيب عَن رَافع بن خديج أَنه كَانَت تَحْتَهُ امْرَأَة فَتزَوج عَلَيْهَا شَابة فآثر الْبكر عَلَيْهَا فنازعته وَطَلقهَا، ثمَّ قَالَ لَهَا: إِن شِئْت رَاجَعتك وَصَبَرت. فَقَالَت: راجعني، فَرَاجعهَا ثمَّ لم تصبر فَطلقهَا. قَالَ: فَذَلِك الصُّلْح الَّذِي بلغنَا أَن الله تَعَالَى أنزل فِيهِ هَذِه الْآيَة، وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق سماك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: خشيت سَوْدَة أَن يطلقهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَت: يَا رَسُول الله: لَا تُطَلِّقنِي وَاجعَل يومي لعَائِشَة، فَفعل وَنزلت هَذِه الْآيَة. وَقَالَ: حسن غَرِيب. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الدغولي فِي أول مُعْجَمه، حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا الدستوَائي حَدثنَا الْقَاسِم بن أبي بردة. قَالَ: بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سَوْدَة بنت زَمعَة بِطَلَاقِهَا، فَلَمَّا أَتَاهَا جَلَست لَهُ على طَرِيق عَائِشَة، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَت لَهُ: أنْشدك بِالَّذِي أنزل عَلَيْك كِتَابه واصطفاك على خلقه لما راجعتني، فَإِنِّي قد كَبرت وَلَا حَاجَة لي فِي الرِّجَال، ابْعَثْ مَعَ نِسَائِك يَوْم الْقِيَامَة، فَرَاجعهَا، فَقَالَت: إِنِّي قد جعلت يومي وليلتي لحبة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قلت: هَذَا غَرِيب ومرسل.

٢٥ - (بابٌ: {إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النِّسَاء: ١٤٥)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} وَلَيْسَ لغير أبي ذَر لَفْظَة: بَاب. قَوْله: {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة جَزَاء على كفرهم الغليظ. وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عَاصِم عَن ذكوات أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} قَالَ: فِي توابيت ترتج عَلَيْهِم كَذَا رَوَاهُ ابْن جرير عَن وَكِيع عَن يحيى ابْن يمَان عَن سُفْيَان بِهِ، وَيُقَال: النَّار دركات كَمَا أَن الْجنَّة دَرَجَات، والدرك بِفَتْح الرَّاء وإسكانها لُغَتَانِ، وَقَرَأَ حَمْزَة بِالسُّكُونِ. وَاخْتَارَ الزّجاج الْفَتْح، قَالَ: وَعَلِيهِ المحدثون، والدركات للنار والدرجات للجنة، وَالنَّار سَبْعَة أطباق فَوق طبق، وَيُقَال معنى: فِي الدَّرك الْأَسْفَل، أَسْفَل درج جَهَنَّم، وَعبارَة مقَاتل يَعْنِي: الهاوية.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أسْفَلِ النَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>