(إلَاّ) ، وَجه هَذَا الِاسْتِثْنَاء الدّلَالَة على أَن الْخلَافَة لَيست فِي النُّبُوَّة، لِأَنَّهُ لَا نَبِي بعده.
وَقَالَ أبُو دَاوُدَ حَدثنَا شُعْبَة عَن الحَكَمِ سَمِعْتُ مُصْعَباً.
أَي: قَالَ أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن دَاوُد الطَّيَالِسِيّ من أَفْرَاد مُسلم، أَرَادَ بذلك بَيَان التَّصْرِيح بِالسَّمَاعِ فِي رِوَايَة الحكم عَن مُصعب، وَأخرج التَّعْلِيق الْبَيْهَقِيّ فِي (دلائله) من حَدِيث يُونُس بن حبيب: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا شُعْبَة ... فَذكره.
٤٤١٧ - ح دّثنا عُبَيْدُ الله بنُ سعِيدٍ حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَكْرٍ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطاء يُخْبرُ قَالَ أخبرَنِي صَفْوَانُ بنُ يَعْلَى بنِ أُمَيَّةَ عنْ أبِيهِ قَالَ غَزَوْتُ معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العُسْرَةَ قَالَ كَانَ يَعْلَى يَقُولُ تِلْك الغَزْوَةُ أوثَقُ أعْمالِي عِنْدي قَالَ عَطاءٌ فَقَالَ صَفْوَانُ قَالَ يَعْلَى فكانَ لِي أجِيرٌ فَقاتَلَ إنْساناً فعَضَّ أحَدُهُما يَدَ الآخَرِ قَالَ عَطاءٌ فلَقَدْ أخبرَني صَفْوَانُ أيُّهُما عَضَّ الآخَرَ فَنِسيتُهُ قَالَ فانْتَزَعَ المَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي العاضِّ فانْتَزَعَ إحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ فأتَيا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ قَالَ عَطاءٌ وحسِبْتُ أنَّهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُها كأنَّها فِي فحْلٍ يَقْضَمُها. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (غزوت مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعسرَة) ، لِأَن الْعسرَة هِيَ غَزْوَة تَبُوك كَمَا مر فِيمَا مضى، وَعبيد الله بن سعيد بن يحيى أَبُو قدامَة الْيَشْكُرِي، وَمُحَمّد بن بكر بن عُثْمَان البرْسَانِي، وَابْن جريج عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب الْأَجِير، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان عَن ابْن جريج ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (الْعسرَة) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: العسيرة، بِالتَّصْغِيرِ، وَهِي غَزْوَة تَبُوك. قَوْله: (أوثق أعمالي عِنْدِي) ، وَقد تقدم فِي الْإِجَارَة: أوثق أحمالي، وبالعين الْمُهْملَة أصح. قَوْله: (فعض) من الغض بالأسنان وَأَصله عضض، من بَاب علم يعلم، وَقيل: من بَاب ضرب يضْرب، وَالْأول أصح لقَوْله تَعَالَى: {وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ} (الْفرْقَان: ٢٧) قَوْله: (إِحْدَى ثنيتيه) ، وَهِي تَثْنِيَة ثنية، وَهِي مقدم الْأَسْنَان وَهن أَرْبَعَة: ثِنْتَانِ من الْأَعْلَى وثنتان من الْأَسْفَل. قَوْله: (أفيدع؟) أَي: أفيترك؟ الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على وَجه الْإِنْكَار. قَوْله: (تقضمها) أَي: تمضغها، بِفَتْح الضَّاد، يُقَال: قضمت الدَّابَّة شعيرها تقضمه أَي: تَأْكُله. قَوْله: (كَأَنَّهَا فِي فِي فَحل) أَي: فِي فَم فَحل.
٨٠ - (فِي حديثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ)
أَي: هَذَا فِي بَيَان حَدِيث كَعْب بن مَالك بن أبي كَعْب، واسْمه عَمْرو بن الْقَيْن بن كَعْب بن سَواد بن غنم بن كَعْب بن سَلمَة بن سعد بن عدي بن أَسد بن ساردة بن يزِيد بن جشم بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ، يكنى أَبَا عبد الله، شهد الْعقبَة الثَّانِيَة وَاخْتلف فِي شُهُوده بَدْرًا، وَشهد أحدا والمشاهد كلهَا حاشا تَبُوك، فَإِنَّهُ تخلف عَنْهَا، وَكَانَ أحد الشُّعَرَاء فِي الْجَاهِلِيَّة، وَتُوفِّي فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة خمسين، وَقيل: ثَلَاث وَخمسين، وَهُوَ ابْن سبع وَسبعين، وَكَانَ قد عمي فِي آخر عمره، ويعد فِي الْمَدَنِيين، وروى عَنهُ جمَاعَة من التَّابِعين.
وقَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: {وعَلى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} (التَّوْبَة: ١١٨) .
أَي: وَفِي بَيَان قَول الله عز وَجل: {وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} (التَّوْبَة: ١١٨) وَالثَّلَاثَة هم: كَعْب بن مَالك الْمَذْكُور، وهلال بن أُميَّة، ومرارة بن الرّبيع، تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك فَتَابَ الله عَلَيْهِم وَعذرهمْ، وَأنزل فِي حَقهم {وعَلى الثَّلَاثَة خلفوا} أَي: عَن غَزْوَة تَبُوك، أَي: وَتَابَ الله على الثَّلَاثَة، وَهُوَ عطف على مَا قبله، وَهُوَ قَوْله: (لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار) إِلَى قَوْله: {رؤوف