ِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وأرْسلْتَ إلَيَّ بِهاذِهِ الجُبَّةِ فَقَالَ لَهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَبِيعُهَا وتُصِيبُ بِهَا حاجَتَكَ. .
مطابقته للجزء الْأَخير من التَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله بِهَذَا النسق قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان: الحكم بن نَافِع وَالزهْرِيّ: هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب.
وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي الزِّينَة عَن عبيد الله بن فضَالة عَن أبي الْيَمَان بِهِ، وَقد مر أَكثر الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الْجُمُعَة فِي: بَاب مَا يلبس أحسن مَا يجد. ١ قَوْله: (أَخذ عمر) ، بِهَمْزَة وخاء وذال معجمتين، كَذَا هُوَ فِي مُعظم الرِّوَايَات، وَفِي بعض النّسخ: (وجد عمر) ، بواو وجيم، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي (مُسْند الشاميين) وَغير وَاحِد من طرق إِلَى أبي الْيَمَان شيخ البُخَارِيّ، فِيهِ. قيل: هُوَ الصَّوَاب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَرَادَ من أَخذ ملزومه وَهُوَ الشِّرَاء، قلت: الشِّرَاء لم يَقع وَلَكِن إِن أَرَادَ بِهِ السّوم فَلهُ وَجه. قَوْله: (جُبَّة) الْجُبَّة، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء، مَعْرُوفَة وَجَمعهَا: جباب. قَالَ الْجَوْهَرِي: الْجبَاب مَا يلبس من الثِّيَاب. قَوْله: (من استبرق) الاستبرق، بِكَسْر الْهمزَة: الغليظ من الديباج، والديباج: الثِّيَاب المتخذة من الإبريسم فَارسي مُعرب، وَقد تفتح داله وَيجمع على: دياييج ودبابيج بِالْيَاءِ وَالْبَاء، لِأَن أَصله دباج، بِالتَّشْدِيدِ. قَوْله: (تبَاع فِي السُّوق) جملَة فِي مَحل الْجَرّ لِأَنَّهَا صفة: لاستبرق. قَوْله: (فَأَخذهَا) أَي: عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَهَذَا من الْأَخْذ بِلَا خلاف، وَفَائِدَة التّكْرَار التَّأْكِيد إِذا كَانَ الْأَخْذ فِي الْمَوْضِعَيْنِ سَوَاء، وَأما على نُسْخَة: وجد، فَلَا يَجِيء معنى التَّأْكِيد. قَوْله: (ابْتَاعَ هَذِه) إِشَارَة إِلَى الْجُبَّة الْمَذْكُورَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذِه إِشَارَة إِلَى نوع تِلْكَ الْجُبَّة لَا إِلَى شخصها. قلت: ظَاهر التَّرْكِيب يشْهد لصِحَّة مَا ذكرته. وَقَوله: (ابْتَاعَ) أَمر وَقِيَاسه حذف الْألف، وَلَكِن بعض الروَاة أشْبع فَتْحة التَّاء فَصَارَ: ابْتَاعَ، وَهَذِه رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، وَرِوَايَة الْأَكْثَرين: ابتع، بِحَذْف الْألف على الأَصْل، وعَلى الْوَجْهَيْنِ. قَوْله: (تجمل) ، مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمر، وأصل: تجمل تتجمل، بتاءين، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {نَارا تلظَّى} (اللَّيْل: ١٤) . أَصله: تتلظى، وَقيل: آبتاع؟ بِهَمْزَة اسْتِفْهَام ممدودة على صِيغَة لفظ الْمُتَكَلّم، وَمَعْنَاهُ: أأشتري؟ فعلى هَذَا يكون: تجمل، مَرْفُوعا. قَوْله: (للعيد والوفود) وَتقدم فِي كتاب الْجُمُعَة للْجُمُعَة بدل الْعِيد، وَهِي رِوَايَة نَافِع، وَالَّتِي هُنَا رِوَايَة سَالم، وَكَانَ ابْن عمر ذكرهمَا مَعًا، فَأخذ كل راوٍ وَاحِدًا مِنْهُمَا، والوفود جمع وَفد. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْقِصَّة وَاحِدَة وَالْجُمُعَة أَيْضا عيد. قَوْله: (تبيعها وتصيب بهَا حَاجَتك) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (أَو تصيب) ، وَمعنى الأول تنْتَفع بِثمنِهَا، وَمعنى الثَّانِي تجعلها لبَعض نِسَائِك مثلا.
وَمن فَوَائده: اسْتِحْبَاب التجمل بالثياب فِي أَيَّام الأعياد وَالْجمع، وملاقاة النَّاس، وَلِهَذَا لم يُنكر الشَّارِع إلاّ كَونهَا حَرِيرًا، وَهَذَا على خلاف بعض المتقشفين، وَقد رُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه خرج يَوْمًا وَعَلِيهِ حلَّة يمَان، وعَلى فرقد جُبَّة صوف، فَجعل فرقد ينظر ويمس حلَّة الْحسن ويسبح، فَقَالَ لَهُ: يَا فرقد ثِيَابِي ثِيَاب أهل الْجنَّة وثيابك ثِيَاب أهل النَّار يَعْنِي القسيسين والرهبان، ثمَّ قَالَ لَهُ: يَا فرقد التَّقْوَى لست فِي هَذَا الكساء، وَإِنَّمَا التَّقْوَى مَا وقر فِي الصَّدْر وَصدقه الْعَمَل. وَفِيه: اسْتِفْهَام الصَّحَابَة عِنْد اخْتِلَاف القَوْل وَالْفِعْل ليعلموا الْوَجْه الَّذِي ينْصَرف إِلَيْهِ الْأَمر. وَفِيه: ائتلاف الصَّحَابَة بالعطاء وَقبُول الْعَطِيَّة إِذا لم يجر عَن مَسْأَلَة وَفضل الكفاف. وَفِيه: جَوَاز بيع الْحَرِير للرِّجَال وَالنِّسَاء وهبته، وَهَذَا الحَدِيث أغْلظ حَدِيث جَاءَ فِي لبس الْحَرِير.
٢ - (بابُ الحِرَابِ والدَّرَق يَوْمَ العِيدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر الحراب والدرق اللَّذين جَاءَ ذكرهمَا فِي الحَدِيث يَوْم الْعِيد، فَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن يَوْم الْعِيد يَوْم انبساط وانشراح يغْتَفر فِيهِ مَا لَا يغْتَفر فِي غَيره، والحراب، بِكَسْر الْحَاء: جمع حَرْبَة، والدرق بِفتْحَتَيْنِ: جمع درقة وَهِي الترس الَّذِي يتَّخذ من الْجُلُود
٢ - (حَدثنَا أَحْمد قَالَ حَدثنَا ابْن وهب قَالَ أخبرنَا عَمْرو أَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute