٦٩٥٦ - حدّثنا آدَمُ حدّثنا شُعْبَةُ حَدثنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بنَ عَبْدِ الله بنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ عنْ عِمْرانَ بن حُصْنٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله! أيُعْرَفُ أهْلُ الجَنّةِ مِنْ أهْلِ النّارِ؟ قَالَ: (نَعَمْ) . قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُ العامِلُونَ؟ قَالَ: (كُلٌّ يَعْمَلُ لما خُلِقَ لهُ أوْ لِما يُسِّرَ لهُ) .
الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، وَيزِيد من الزِّيَادَة الرشك بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالكاف مَعْنَاهُ القسام، وَقَالَ الغساني: هُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ الغيور، وَقيل: هُوَ كَبِير اللِّحْيَة، يُقَال: بلغ طول لحيته إِلَى أَن دخلت فِيهَا عقرب وَمَكَثت ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يدْرِي بهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الرشك بِالْفَارِسِيَّةِ الْقمل الصَّغِير يلتصق بأصول الشّعْر، فعلى هَذَا الْإِضَافَة إِلَيْهِ أولى من الصّفة، وَمَا ليزِيد فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث هُنَا، وَفِي الِاعْتِصَام، ومطرف على وزن اسْم الْفَاعِل من التطريف ابْن عبد الله بن الشخير بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء، وَهَذَا من صِيغ الْمُبَالغَة لمن يشخر كثيرا كالسكير لمن يسكر كثيرا.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن أبي معمر. وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن النَّضر.
قَوْله: (قَالَ: قَالَ رجل) هُوَ عمرَان بن حُصَيْن رَاوِي الْخَبَر، بَينه عبد الْوَارِث بن سعيد عَن يزِيد الرشك عَن عمرَان بن حُصَيْن. قَالَ: قلت: يَا سَوَّلَ الله ... فَذكره. قَوْله: (أيعرف أهل الْجنَّة من أهل النَّار) . أَي: أيميز بَينهمَا؟ قيل: الْمعرفَة إِنَّمَا هِيَ بِالْعَمَلِ لِأَنَّهُ إِمَارَة فَمَا وَجه سُؤَاله؟ وَأجِيب: بِأَن معرفتنا بِالْعَمَلِ أما معرفَة الْمَلَائِكَة مثلا فَهِيَ قبل الْعَمَل، فالغرض من لفظ: أيعرف: أيميز وَيفرق بَينهمَا تَحت قَضَاء الله وَقدره؟ قَوْله: (فَلم يعْمل الْعَامِلُونَ؟) وَفِي رِوَايَة حَمَّاد: فَفِيمَ؟ وَهُوَ اسْتِفْهَام، وَالْمعْنَى: إِذا سبق الْقَلَم بذلك فَلَا يحْتَاج الْعَامِل إِلَى الْعَمَل لِأَنَّهُ سيصير إِلَى مَا قدر لَهُ. قَوْله: (كل يعْمل) أَي: كل أحد يعْمل (لما خلق لَهُ) على صِيغَة الْمَجْهُول، وَكلمَة: مَا، مَوْصُولَة أَي: للَّذي خلق لَهُ، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد: (كل ميسر لَهُ خلق لَهُ) وَقد جَاءَ بِهَذَا اللَّفْظ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة. مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد حسن بِلَفْظ: كل امرىء مُهَيَّأ لما خلق لَهُ. قَوْله: (أَو لما يسر لَهُ) شكّ من الرَّاوِي أَي: كل يعْمل لما يسر لَهُ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَشْديد السِّين الْمَكْسُورَة وَفتح الرَّاء، هَذَا هَكَذَا وَرِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: لما ييسر لَهُ، بِضَم الْيَاء الأولى وَفتح الثَّانِيَة وَتَشْديد السِّين، وَحَاصِل معنى هَذَا، أَن العَبْد لَا يدْرِي مَا أمره فِي الْمَآل لِأَنَّهُ يعْمل مَا سبق فِي يُعلمهُ تَعَالَى، فَعَلَيهِ أَن يجْتَهد فِي عمل مَا أَمر بِهِ فَإِن عمله إِمَارَة إِلَى مَا يؤول إِلَيْهِ أمره.
٣ - (بابٌ الله أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلِينَ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين، وَالضَّمِير فِي: كَانُوا، يرجع إِلَى أَوْلَاد الْمُشْركين لِأَن صدر الحَدِيث سُؤال عَن أَوْلَاد الْمُشْركين، وَقد مضى فِي آخر كتاب الْجَنَائِز: بَاب مَا قيل فِي أَوْلَاد الْمُشْركين، وَذكر فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس الَّذِي ذكر فِي هَذَا الْبَاب.
٧٩٥٦ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حَدثنَا غُنْدَرٌ قَالَ: حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أبي بِشرٍ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: سُئِل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ أوْلادِ المُشْرِكِينَ فَقَالَ: (الله أعْلَمُ بِما كانُوا عامِلينَ) . (انْظُر الحَدِيث ٣٨٣١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وغند بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية إِيَاس الْيَشْكُرِي الوَاسِطِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي آخر الْجَنَائِز فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن حبَان عَن عبد الله عَن شُعْبَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: أَطْفَال الْمُشْركين فيهم ثَلَاثَة مَذَاهِب: فالأكثرون على أَنهم فِي النَّار، وتوقفت طَائِفَة، وَالثَّالِث وَهُوَ الصَّحِيح: أَنهم من أهل الْجنَّة.