بن الْأَكْوَع رَاوِي الحَدِيث أَي: لَا أعلم جَوَازه كَانَ خَاصّا بالصحابة أَو كَانَ عَاما للْأمة؟ وَوَقع فِي حَدِيث أبي ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، التَّصْرِيح بالاختصاص، أخرجه الْبَيْهَقِيّ عَنهُ، قَالَ: إِنَّمَا أحلّت لنا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتْعَة النِّسَاء ثَلَاث أَيَّام ثمَّ نهى عَنْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ أبُو عبْدِ الله: وبَيَّنَهُ عَلِيٌّ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ مَنْسُوخٌ
أَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ هَذَا، أَي: وَقد بَين عَليّ بالتصريح بِالنَّهْي عَنْهَا بعد الْإِذْن فِيهَا، وَرُوِيَ عبد الرَّزَّاق عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، من وَجه آخر: نسخ رَمَضَان كل صَوْم، وَنسخ الْمُتْعَة الطَّلَاق وَالْعدة وَالْمِيرَاث.
٢٣ - (بابُ عَرْضِ المَرْأَةِ نَفسَها علَى الرَّجُلِ الصَّالحِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز عرض الْمَرْأَة نَفسهَا على الرجل الصَّالح رَغْبَة لصلاحه، قيل: لما علم البُخَارِيّ الخصوصية فِي قصَّة الواهبة نَفسهَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استنبط من الحَدِيث مَا لَا خُصُوصِيَّة فِيهِ، وَهُوَ جَوَاز عرض الْمَرْأَة نَفسهَا للرجل الصَّالح. انْتهى. قلت: لما علم فِي قصَّة الواهبة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَخْصُوص بِهَذَا، كَيفَ يستنبط مِنْهَا مَا لَا خُصُوصِيَّة فِيهِ؟ فَفِي مَا قَالَه لَا خُصُوصِيَّة لأح، فَإِن قيل: الْعرض غير الْهِبَة. أُجِيب: فِي حَدِيث سهل بن سعد مَا جَاءَ إلَاّ بِلَفْظ الْعرض، وَهُوَ عبارَة عَن الْهِبَة أَو هُوَ مُقَدّمَة الْهِبَة، فَلَا طائل تَحت قَوْله.
٠٢١٥ - حدَّثنا عَلِيٌّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا مَرْحُومٌ قَالَ: سَمِعْتُ ثابِتا البُنانِيَّ قَالَ: كُنْتُ عِنْد أنَسٍ وعِنْدَهُ ابْنَةٌ لهُ، قَالَ أنَسٌ: جاءَتِ امْرَأةٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَعْرِضُ علَيْهِ نَفْسَها، قالَتْ: يَا رسولَ الله! ألكَ بِي حاجةٌ؟ فقالتْ بنْتُ أنسٍ: مَا أقَلَّ حَياءَها، واسَوْأتاه واسَوْأتاه. قَالَ: هيَ خيْرٌ مِنْكَ، رَغِبَتْ فِي النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَرَضَتْ علَيْهِ نَفْسَها.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (تعرض عَلَيْهِ نَفسهَا) وَفِي قَوْله: (فعرضت عَلَيْهِ نَفسهَا) وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ومرحوم، على صِيغَة اسْم الْمَفْعُول من الرَّحْمَة: ابْن عبد الْعَزِيز بن مهْرَان الْبَصْرِيّ مولى آل أبي سُفْيَان ثِقَة، مَاتَ سنة سبع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَأورد الحَدِيث أَيْضا فِي الْأَدَب بِهَذَا الْإِسْنَاد، وثابت الْبنانِيّ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي النِّكَاح عَن ابْن الْمثنى وَغَيره، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن بكر بن خلف وَغَيره.
قَوْله: (حَدثنَا مَرْحُوم) كَذَا فِي رِوَايَة الأكثين مَذْكُور بِغَيْر نِسْبَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر مَرْحُوم بن عبد الْعَزِيز بن مهْرَان. قَوْله: (وَعِنْده ابْنة لَهُ) أَي: ابْنة لأنس وَلم يدر اسْمهَا، وَقيل بِالظَّنِّ، لَعَلَّهَا أمينة بِالتَّصْغِيرِ. قَوْله: (جَاءَت امْرَأَة) لم يدر اسْمهَا، وَقَالَ بَعضهم: وأشبه من رَأَيْت بِقِصَّتِهَا مِمَّن تقدم ذكر اسمهن فِي الواهبات ليلى بنت قيس بن الخطيم. قلت: هَذَا حَدِيث أنس وَهُوَ غير حَدِيث سهل بن سعد، فَتخلف صَاحِبَة الْقِصَّة. قَوْله: (واسوأتاه) الْوَاو فِيهِ للنداء، وَلَكِن هِيَ الْوَاو الَّتِي تخْتَص بالندبة وَالْألف فِيهِ للندبة وَالْهَاء للسكت نَحْو: أزيداه، والسوأة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا همزَة وَهِي الفعلة الْفَاحِشَة والفضيحة، وَيُطلق على الْفرج أَيْضا، وَالْمرَاد هُنَا لأوّل، وَهِي هُنَا مكررة. قَوْله: (هِيَ خير مِنْك) فِيهِ دَلِيل على جَوَاز عرض الْمَرْأَة نَفسهَا على الرجل الصَّالح وتعرف رغبتها فِيهِ لصلاحه وفضله، أَو لعلمه وشرفه، أَو لخصلة من خِصَال الدّين، وَأَنه لَا عَار عَلَيْهَا فِي ذَلِك، بل ذَلِك يدل على فَضلهَا، وَبنت أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، نظرت إِلَى ظَاهر الصُّورَة وَلم تدْرك هَذَا الْمَعْنى حَتَّى قَالَ أنس: هِيَ خير مِنْك، وَأما الَّتِي تعرض نَفسهَا على الرجل لأجل غَرَض من الْأَغْرَاض الدنياوية فأقبح مَا يكون من الْأَمر وأفضحه.
١٢١٥ - حدَّثنا سَعيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ حَدثنَا أبُو غَسَّانَ قَالَ: حدّثني أبُو حازِمٍ عنْ سَهْل