عَلَيْهِ وَسلم، أَنه نهى عَن الْهِجْرَة فَوق ثَلَاث؟ قَوْله: (وَالله لَا أشفع فِيهِ) بِكَسْر الْفَاء الْمُشَدّدَة، أَي: لَا أقبل الشَّفَاعَة فِيهِ. قَوْله: (أبدا) ، هنو رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره أحدا، وَجمع بَين اللَّفْظَيْنِ فِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَرِوَايَة معمر. قَوْله: (وَلَا اتحنث إِلَى نذري) أَي: لَا أتحنث فِي نذري منتهياً إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة معمر: وَلَا أحنث فِي نذري. قَوْله: (فَلَمَّا طَال ذَلِك) أَي: هجر عَائِشَة على عبد الله ابْن الزبير كلم الْمسور بِكَسْر الْمِيم ابْن مخرمَة بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة الزُّهْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن أسود بن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ وَكَانَا من أخوال رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (أنشدكما الله) بِضَم الدَّال من أنشدت فلَانا إِذا قلت لَهُ: نشدتك الله، أَي: سَأَلتك بِاللَّه. قَوْله: (لما) بتَخْفِيف الْمِيم وَمَا زَائِدَة وبتشديدها وَهُوَ بِمَعْنى: إلَاّ، كَقَوْلِه تَعَالَى: { (٦٨) إِن كل نفس لما عَلَيْهَا حَافظ} (الطارق: ٤) وَمَعْنَاهُ: مَا أطلب مِنْكُمَا إلاّ الإدخال. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: نشدتك بِاللَّه إلَاّ فعلت، مَعْنَاهُ: مَا أطلب مِنْك إلَاّ فعلك، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: إِلَّا أدخلتماني، وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ: فَسَأَلَهُمَا أَن يشتملا عَلَيْهِ بأرديتهما. قَوْله: (فَإِنَّهَا) أَي: فَإِن الْحَالة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَإِنَّهُ، أَي: فَإِن الشان. قَوْله: (تنذر قطيعتي) أَي: قطع صلَة الرَّحِم لِأَن عَائِشَة كَانَت خَالَته، وَهِي الَّتِي كَانَت تتولى تَرْبِيَته غَالِبا. قَوْله: (أندخل؟) الْهمزَة فِيهِ للاستخبار. قَوْله: (كلنا) وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ، قَالَا: وَمن مَعنا؟ قَالَت: وَمن مَعَكُمَا. قَوْله: (وطفق) أَي: جعل يناشدها. قَوْله: (بناشدانها إلَاّ مَا كَلمته) أَي: مَا يطلبان مِنْهَا إلَاّ التَّكَلُّم مَعَه وَقبُول الْعذر مِنْهُ. قَوْله: (من الْهِجْرَة) بَيَان مَا قد علمت. قَوْله: (من التَّذْكِرَة) ، أَي: من التَّذْكِير بالصلة بِالْعَفو وبكظم الغيظ. قَوْله: (والتحريج) أَي: التَّضْيِيق وَالنِّسْبَة إِلَى الْحَرج بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْجِيم. قَوْله: (وأعتقت فِي نذرها ذَلِك أَرْبَعِينَ رَقَبَة) ، علم مِنْهُ أَن المُرَاد بِالنذرِ الْيَمين، وَفِي (التَّوْضِيح) قَول عَائِشَة: عَليّ نذر أَن لَا أكلم ابْن الزبير أبدا، هَذَا أنذر فِي غير الطَّاعَة فَلَا يجب عَلَيْهَا شَيْء عِنْد مَالك وَغَيره، وَاخْتلف إِذا قَالَ: عَليّ نذر لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فكفارته كَفَّارَة بَين، وَهُوَ قَول مَالك وَغير وَاحِد من التَّابِعين، وَعَن ابْن عَبَّاس: عَلَيْهِ أغْلظ الْكَفَّارَات كالظهار لِأَنَّهُ لم يسم الْيَمين بِاللَّه وَلَا نَوَاهَا، وَقيل: إِن شَاءَ صَامَ يَوْمًا أَو أطْعم مِسْكينا أَو صلى رَكْعَتَيْنِ، وَالله أعلم.
٦٠٧٦ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَن ابنِ شهَاب عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا تَباغضُوا وَلَا تَحاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وكُونُوا عِبادَ الله إخْوَاناً وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَ لَيَال. (انْظُر الحَدِيث ٦٠٦٥) .
هَذَا الحَدِيث مضى فِي: بَاب مَا ينْهَى عَن التحاسد، عَن أبي هُرَيْرَة وَمضى أَيْضا عَنهُ فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مستقصًى، وَهُنَاكَ روى مَالك عَن أبي الزِّنَاد، وَهنا روى عَن ابْن شهَاب.
٦٠٧٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَنِ ابنِ شهابٍ عَنْ عَطاء بنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أبي أيُّوبَ الأنْصارِيِّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيالٍ يَلْتَقيانِ فَيُعْرِضُ هاذَا وَيُعْرِضُ هاذَا وَخَيْرُهُما الَّذِي يَبْدَأ بالسَّلَامِ. (انْظُر الحَدِيث ٦٠٧٧ طرفه فِي: ٦٢٣٧) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ اسْمه خَالِد بن زيد بن كُلَيْب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الإستئذان عَن عَليّ عَن سُفْيَان. وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى عَن مَالك وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي عَن مَالك بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن مُحَمَّد بن يحيى، وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي: هَكَذَا رَوَاهُ غير، وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ وَهُوَ الْمَحْفُوظ، وَرَوَاهُ عقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي بن كَعْب، وَرَوَاهُ أَحْمد بن شبيب عَن أَبِيه عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله أَو عبد الرَّحْمَن عَن أبي بن كَعْب، وَكِلَاهُمَا خطأ، أما رِوَايَة عقيل فَلم يُتَابِعه عَلَيْهَا أحد وَلَعَلَّه كَانَ فِي كِتَابه عَن أبي وَسقط مِنْهُ أَيُّوب فَظَنهُ أبي بن كَعْب، وَأما رِوَايَة أَحْمد بن شبيب عَن أَبِيه فقد رَوَاهُ ابْن وهب عَن يُونُس كَرِوَايَة الْجَمَاعَة.
قَوْله: (فَيعرض) بِضَم الْيَاء من إِعْرَاض الْوَجْه. قَوْله: (وخيرهما) أَي: أفضلهما الَّذِي يبْدَأ بِالسَّلَامِ أَي: بِالسَّلَامِ عَلَيْكُم.
وَفِيه: أَن الْهِجْرَة تَنْتَهِي بِالسَّلَامِ، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
٦٣ - (بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الهِجرَانِ لِمَنْ عَصَى)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute