للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تجعلها) ، يرجع إِلَى: بيرحاء، وَمضى تَفْسِيره هُنَاكَ.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: لَمَّا نَزَلَتْ {وأنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} (الشُّعَرَاء: ٤١٢) . وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معْشَرَ قُرَيْشٍ

ذكر هَذَا مُخْتَصرا مُعَلّقا، وَوَصله فِي مَنَاقِب قُرَيْش، وَتَفْسِير سُورَة الشُّعَرَاء، بِتَمَامِهِ من طَرِيق عَمْرو بن مرّة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، وَأورد فِي آخر الْجَنَائِز طرفا مِنْهُ فِي قصَّة أبي لَهب، مَوْصُولَة وَسَيَأْتِي تَفْسِيره، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

١١ - (بابٌ هلْ يَدْخُلُ النِّساءُ والوَلَدُ فِي الأقارِبِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يدْخل ... إِلَى آخِره، وَإِنَّمَا ذكره بِكَلِمَة الِاسْتِفْهَام لمَكَان الِاخْتِلَاف فِيهِ. قَوْله: (فِي الْأَقَارِب) ، أَي: فِي وَصيته للأقارب.

٣٥٧٢ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي سعيدُ بنُ الْمُسَيَّبِ وأبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قامَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حينَ أنْزَلَ الله عزَّ وجَلَّ {وأنْذِرْ عشِيرَتَكَ الأقْرَبِينَ} (الشُّعَرَاء: ٤١٢) . قَالَ يَا معْشَرَ قُرَيْشٍ أوْ كَلِمَةً نحْوَهَا اشْتَرُوا أنْفِسَكُمْ لَا أُغْنِي عنكُمْ مِنَ الله شَيْئاً يَا بَنِي عبْدِ مَنافٍ لَا أُغْنِي عنْكُمْ منَ الله شَيْئاً يَا عبَّاسُ بنَ عبْدِ المُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عنْكَ منَ الله شَيْئا وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رسولِ الله لَا أُغنِي عنْكِ منَ الله شَيْئاً وَيَا فاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مالِي لَا أُغْنِي عنْكِ مِنَ الله شَيْئاً.

قيل: لَا مُطَابقَة هُنَا بَين الحَدِيث والترجمة لِأَن الْآيَة فِي إنذار الْعَشِيرَة، وَقد أَنْذرهُمْ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا تعلق لَهُ فِي دُخُول النِّسَاء وَالْولد فِي الْأَقَارِب. وَقَالَ بَعضهم: مَوضِع الشَّاهِد مِنْهُ يَعْنِي: مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: يَا صَفِيَّة وَيَا فَاطِمَة، فَإِنَّهُ سوى فِي ذَلِك بَين عشيرته، فعمهم أَولا، ثمَّ خص بعض الْبُطُون، ثمَّ ذكر عَمه الْعَبَّاس وَعَمَّته صَفِيَّة وبنته فَاطِمَة، فَدلَّ على دُخُول النِّسَاء فِي الْأَقَارِب، وعَلى دُخُول الْفُرُوع أَيْضا، وعَلى عدم التَّخْصِيص بِمن يَرث وَلَا بِمن كَانَ مُسلما، وَيحْتَمل أَن يكون لفظ الْأَقْرَبين صفة لَازمه للعشيرة، وَالْمرَاد بعشيرته قومه، وهم قُرَيْش، وَفِيه نظر: لَا يخفى لِأَن الدّلَالَة الَّتِي ذكرهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ، أَي: لَا دلَالَة من أَنْوَاع الدلالات. وَكَذَلِكَ قَوْله: (وعَلى عدم التَّخْصِيص) وَكَيف وَجه هَذِه الدّلَالَة؟ فَلَا دلَالَة هُنَا أصلا على مَا ذكره، يعرف ذَلِك بِالتَّأَمُّلِ.

وَأخرج البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث فِي موضِعين من التَّفْسِير بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَصَايَا عَن مُحَمَّد بن خَالِد بن خلي عَن بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أَبِيه بِهِ، كَذَلِك، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا يُونُس، قَالَ: حَدثنَا سَلامَة بن روح، قَالَ: حَدثنَا عقيل حَدثنِي الزُّهْرِيّ، قَالَ: قَالَ سعيد وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن: أَن أَبَا هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أنزل عَلَيْهِ: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} (الشُّعَرَاء: ٤١٢) . يَا معشر قُرَيْش اشْتَروا أَنفسكُم من الله لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا يَا بني عبد منَاف اشْتَروا أَنفسكُم من الله لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا يَا عَبَّاس بن عبد الْمطلب لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا؟) الحَدِيث، قَالَ الطَّحَاوِيّ: فِي هَذَا الحَدِيث أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أمره الله عز وَجل أَن ينذر عشيرته الْأَقْرَبين، دَعَا عشائر قُرَيْش، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد أَبِيه الثَّانِي، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد أَبِيه الثَّالِث، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد أَبِيه الرَّابِع، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد أَبِيه الْخَامِس، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد أَبِيه السَّادِس، وَفِيهِمْ من يلقاه عِنْد آبَائِهِ الَّذين فَوق ذَلِك، إلَاّ أَنه مِمَّن جمعته وإياه قُرَيْش وَقد ذكرنَا عَن الطَّحَاوِيّ فِي أول الْبَاب، أَنه ذكر فِي هَذَا الْبَاب خَمْسَة أَقْوَال، وسَاق دَلِيل كل وَاحِد مِنْهُم، ثمَّ ذكر أَن الصَّحِيح من ذَلِك كُله القَوْل الَّذِي ذهب إِلَيْهِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وأبطل بَقِيَّة الْأَقْوَال، وَصرح بِبُطْلَان مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد، فَهَذَا الَّذِي سلكه هُوَ طَرِيق الْمُجْتَهدين المستنبطين للْأَحْكَام من الْكتاب وَالسّنة، فَلذَلِك ترك تَقْلِيده لأبي حنيفَة وصاحبيه فِي هَذِه الْمَسْأَلَة

<<  <  ج: ص:  >  >>