أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ} (يُونُس: ١١) . نزلت هَذِه الْآيَة فِي النَّضر بن الْحَارِث حَيْثُ قَالَ: أللهم إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق، والتعجيل تَقْدِيم الشَّيْء قبل وقته، والاستعجال طلب العجلة، وَالْمعْنَى: لَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ إِذا دَعوه على أنفسهم عِنْد الْغَضَب وعَلى أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ كَمَا يعجل لَهُم الْخَيْر لهلكوا. قَوْله: (وَقَالَ مُجَاهِد) تَعْلِيق وَصله ابْن أبي حَاتِم عَن حجاج بن حَمْزَة حَدثنَا شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، فَذكره. قَوْله: (يعجل الله) فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء بِتَقْدِير مَحْذُوف فِيهِ وَهُوَ إخْبَاره تَعَالَى بقوله: {وَلَو يعجل الله للنَّاس الشَّرّ استعجالهم بِالْخَيرِ} . قَوْله: (قَول الْإِنْسَان) خبر الْمُبْتَدَأ الْمُقدر. قَوْله: (لقضى إِلَيْهِم أَجلهم) ، جَوَاب: لَو قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: مَعْنَاهُ لأميتوا وأهلكوا، وَهُوَ معنى قَوْله: (لأهْلك من دعى عَلَيْهِ وأماته) ، أَي: لأهْلك الله من دعى عَلَيْهِ، وَيجوز فِيهِ صِيغَة الْمَعْلُوم والمجهول. قَوْله: ولأماته عطف على قَوْله: لأهلكه، وَاللَّام فيهمَا للابتداء.
{لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى} مِثْلُها حُسْنَى {وزِيادَةٌ ورِضْوَانٌ}
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى وَزِيَادَة وَلَا يرهق وُجُوههم قتر} (يُونُس: ٢٦) . الْآيَة، وَالَّذِي ذكره قَول مُجَاهِد وَصله عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: قَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أَبُو زرْعَة حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث أخبرنَا بشر عَن أبي روق عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس، قَوْله: {للَّذين أَحْسنُوا الْحسنى} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: المثوبة، وَقَالَ غَيره: الْحسنى قَول لَا إل هـ إلَاّ الله. قَوْله: (مثلهَا حسنى) أَي: مثل تِلْكَ الْحسنى حسنى أُخْرَى مثلهَا تفضلاً وكرماً، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {ويزيدهم من فَضله} (النِّسَاء: ١٧٣) وَفسّر الزِّيَادَة بقوله: {مغْفرَة ورضوان} (فاطر: ٣٠، الشورى: ٢٦) ، وَعَن الْحسن: أَن الزِّيَادَة التَّضْعِيف، وَعَن عَليّ: الزِّيَادَة غرفَة من لُؤْلُؤ وَاحِدَة لَهَا أَرْبَعَة أَبْوَاب، أخرجه الطَّبَرِيّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ النّظَرُ إِلَى وجْهِهِ
هَذَا لم يثبت إلَاّ لأبي ذَر وَأبي الْوَقْت خَاصَّة وَقَالَ بَعضهم: المُرَاد بِالْغَيْر فِيمَا أَظن قَتَادَة، وَقَالَ صَاحب (التشريح) : يَعْنِي غير مُجَاهِد، قلت: الأصوب هَذَا الْمَذْكُور فِيمَا قبله قَول مُجَاهِد فَيكون هَذَا قَول غَيره، وَالَّذِي اعْتمد عَلَيْهِ بَعضهم فِيمَا قَالَه على مَا أخرج الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، قَالَ: الْحسنى هِيَ جنَّة، وَالزِّيَادَة النّظر إِلَى وَجه الرَّحْمَن، وذالا يدل على مَا اعْتَمدهُ على مَا لَا يخفى.
الْكِبْرِيَاءُ المُلْكُ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله: {وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض وَمَا نَحن لَكمَا بمؤمنين} (يُونُس: ٧٨) وَتَفْسِير: الْكِبْرِيَاء، بِالْملكِ قَول مُجَاهِد، قَالَ مُحَمَّد: حَدثنَا حجاج حَدثنَا شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَفِي رِوَايَة عَنهُ الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْض الْعَظِيمَة، وَأول الْآيَة. (قَالُوا أجئتنا لتلفتنا عَمَّا وجدنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكون لَكمَا الْكِبْرِيَاء) أَي: قَالَ فِرْعَوْن وَقَومه لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، أجئتنا لتلفتنا أَي: لتصرفنا. عَمَّا وجدنَا عَلَيْهِ آبَائِنَا؟ يعنون عبَادَة الْأَصْنَام. وَتَكون لَكمَا الْخطاب لمُوسَى وَهَارُون. قَوْله: (فِي الأَرْض) أَي: فِي أَرض مصر. قَوْله: (بمؤمنين) أَي: بمصدقين لَكمَا فِيمَا جئتما بِهِ.
٢ - (بابٌ: {جَاوَزْنَا بِبَنِي إسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأتْبَعُهُمْ فِرْعَوْنِ وَجُنُودُهُ بَغْيا وَعَدْوا حَتَّى إذَا أدُرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أنَّهُ لَا إلاهَ إلَاّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسْرَائِيلَ وَأنَا مِنَ المُسْلِمِينَ} (يُونُس: ٩٠)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وجاوزنا} الْآيَة. وَلَيْسَ عِنْد أَكثر الروَاة لفظ بَاب: وَكلهمْ ساقوا هَذِه الْآيَة إِلَى قَوْله: من الْمُسلمين. قَوْله: (وجاوزنا) ، أَي: قَطعنَا بهم الْبَحْر، وقرىء: وجوزنا. وَالْبَحْر هُوَ القلزم بِضَم الْقَاف وَهُوَ بَين مصر وَمَكَّة، وَحكى ابْن السَّمْعَانِيّ بِفَتْح الْقَاف وكنيته أَبُو خَالِد، وَفِي (الْمُشْتَرك) القلزم بليدَة بساحل بَحر الْيمن من جِهَة مصر وَمن أَعمال مصر ينْسب الْبَحْر إِلَيْهَا، فَيُقَال: بَحر القلزم، وبالقرب مِنْهَا غرق فِرْعَوْن، وَاسم فِرْعَوْن هَذَا الْوَلِيد بن مُصعب بن الريان أَبُو مرّة، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute