للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْبَقَرَة، وَيظْهر هُنَا تكْرَار لَا فَائِدَة فِي إِعَادَتهَا وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن كلا مِنْهُمَا فِي سُورَة، وَلِهَذَا توجدان فِي كثير من النّسخ وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

٧٣ - ( {كتابُ الأضاحِي} )

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْأَضَاحِي، وَهِي جمع أضْحِية. قَالَ الْأَصْمَعِي: فِي الْأُضْحِية أَربع لُغَات: أضْحِية، بِضَم الْهمزَة وإضحية، بِكَسْر الْهمزَة وضحية وَجَمعهَا أضاحي، وأضحاة وَجَمعهَا أضحى كَمَا يُقَال: أَرْطَاة وأرطى، قَالَ: وَبِه سمى يَوْم الْأَضْحَى. وَفِي (نَوَادِر اللحياني) وضحية بِكَسْر الضَّاد وَجَمعهَا كجمع الْمَفْتُوحَة الضَّاد وَعند ابْن التياني: أضحاة، بِكَسْر الْهمزَة وَفِي (الدَّلَائِل) لِلسَّرَقُسْطِيِّ: أضْحِية بِضَم الْهمزَة وَتَخْفِيف الْيَاء، وَفِي (نَوَادِر ابْن الْأَعرَابِي) كل ذَلِك للشاة الَّتِي تذبح ضحوة. وَقيل: وَبِه سمى يَوْم الْأَضْحَى وَهُوَ يذكر وَيُؤَنث وَكَانَ تَسْمِيَتهَا اشْتقت من اسْم الْوَقْت الَّذِي تشرع فِيهِ.

١ - (بَابُ: {سَنَّةِ الأضْحِيَّةِ} )

أَي: هَذَا بَاب سنة الْأُضْحِية وَهُوَ من بَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف مثل جرد قطيفة، أَي: القطيفة الَّتِي انجرد خملها، وخلقت.

{قَالَ ابنُ عُمَرَ: هِيَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ}

أَي: قَالَ عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: الْأُضْحِية سنة. قَوْله: (ومعروف) ، الْمَعْرُوف اسْم جَامع لكل مَا عرف من طَاعَة الله عز وَجل والتقرب إِلَيْهِ وَالْإِحْسَان إِلَى النَّاس وَلكُل مَا ندب إِلَيْهِ الشَّرْع وَنهى عَنهُ من المحسنات والمقبحات، وَهُوَ من الصِّفَات الْغَالِبَة أَي: أَمر مَعْرُوف بَين النَّاس إِذا رَأَوْهُ لَا ينكرونه.

وَاخْتلفُوا فِيهَا فَقَالَ سعيد بن الْمسيب وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وعلقمة وَالْأسود وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر: لاتجب فرضا لَكِنَّهَا مَنْدُوب إِلَيْهَا من فعلهَا كَانَ مثابا وَمن تخلف عَنْهَا لَا يكون آثِما وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي بكر وَعمر وَأبي مَسْعُود البدري وبلال. وَقَالَ اللَّيْث وَرَبِيعَة: لَا نرى أَن يَتْرُكهَا الْمُوسر الْمَالِك لأمر الضحية، وَقَالَ مَالك: لَا يَتْرُكهَا فَإِن تَركهَا بئس مَا صنع إلَاّ أَن يكون لَهُ عذر، وَحكى عَن النَّخعِيّ أَنه قَالَ: الْأَضْحَى وَاجِب على أهل الْأَمْصَار مَا خلا الْحجَّاج وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: الْأَضْحَى وَاجِب على كل مُقيم فِي الْأَمْصَار إِذا كَانَ مُوسِرًا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف تجب على الْحر الْمُقِيم الْمُسلم الْمُوسر، وَتَخْصِيص ابْن الْمُنْذر يَقُول مُحَمَّد وَحده لَا وَجه لَهُ، وتحرير مَذْهَبنَا مَا قَالَه صَاحب (الْهِدَايَة) بالأضحية وَاجِبَة على كل مُسلم حر مُقيم مُوسر فِي يَوْم الْأَضْحَى عَن نَفسه وَعَن وَلَده الصغار، أما الْوُجُوب فَقَوْل أبي حنيفَة وَمُحَمّد وَزفر وَالْحسن وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي يُوسُف وَعَن أبي أبي يُوسُف، إِنَّهَا سنة وَذكر الطَّحَاوِيّ إِنَّهَا على قَول أبي حنيفَة وَاجِبَة، وعَلى قَول أبي يُوسُف وَمُحَمّد سنة مُؤَكدَة، وَجه السّنيَّة مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة غير البُخَارِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أم سَلمَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من رأى هِلَال ذِي الْحجَّة مِنْكُم وَأَرَادَ أَن يُضحي فليمسك عَن شعره وأظفاره وَالتَّعْلِيق بالإرادة يُنَافِي الْوُجُوب، وَبِهَذَا اسْتدلَّ ابْن الْجَوْزِيّ فِي التَّحْقِيق لمَذْهَب أَحْمد وَوجه الْوُجُوب مَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من كَانَ لَهُ سَعَة وَلم يضح فَلَا يقربن مصلانا) وَأخرجه الْحَاكِم وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد، وَمثل هَذَا الْوَعيد لَا يلْحق بترك غير الْوَاجِب وَذكر ابْن حزم عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ: هِيَ فرض.

٥٥٤٥ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشارٍ حدَّثنا غُنْدَرٌ حدَّثنا شُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ الأيَامِيِّ عَنِ الشَعْبِيِّ عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إنَّ أوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمنَا هَذَا نُصلي ثُمَّ نَرْجعُ فننحرُ من فعله فقد أصابَ سنتنا وَمن ذبح قبل فَإِنَّمَا هُوَ لحم قدَّمه لأهْلِهِ لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ) ، فَقَامَ أبُو بُرْدَةَ بنُ نُيَارٍ وَقَدْ ذَبَحَ فَقَالَ: إنَّ عَنْدِي جَذَعَةً فَقَالَ: إذْبَحْها وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أحَدٍ بَعْدَكَ.

قَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ عَامِرٍ عَنِ البَراءِ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاةِ ثَمَّ نَسْكُهُ وَأصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>