٤٣ - (بابُ حَفْرِ الخَنْدَقِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر حفر الصَّحَابَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، الخَنْدَق حول الْمَدِينَة.
٥٣٨٢ - حدَّثنا أبُو مَعْمَرٍ قَالَ حدَّثنا عبدُ الوَارِثِ قَالَ حدَّثنا عبدُ العَزِيزِ عنْ أنَسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ جَعَلَ الْمُهَاجِرُونَ والأنْصَارُ يَحْفِرُونَ الخَنْدَقَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ ويَنْقُلُونَ التُّرَابَ علَى مُتُونِهِمْ ويَقولونَ:
(نَحْنُ الَّذِينَ بايَعُوا مُحَمَّدَاً ... علَى الإسْلَامِ مَا بَقينَا أبَدَاً)
والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجِيبُهُمْ وَيَقُولُ:
(أللَّهُمَّ إنَّهُ لَا خَيْرَ إلَاّ خَيْرُ الآخِرَة ... فَبارِكْ فِي الأنْصَارِ والمُهَاجِرَه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو معمر، بِفَتْح الميمين: عبد الله بن عَمْرو المقعد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْوَارِث بن سعيد الْبَصْرِيّ، وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب الْبَصْرِيّ، وَهَؤُلَاء كلهم بصريون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمَغَازِي عَن أبي معمر أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي المناقب بِتَمَامِهِ وَفِي الرقايق مُخْتَصرا عَن عمرَان بن مُوسَى.
قَوْله: (على متونهم) ، الْمُتُون جمع متن، ومتنا الظّهْر مكتنفا الصلب عَن يَمِين وشمال من عصب وَلحم يذكر وَيُؤَنث، والمتن من الأَرْض مَا صلب وارتفع. قَوْله: (على الْإِسْلَام) ، ويروى: على الْجِهَاد، وَهُوَ الْمَوْزُون، وَالْأول غير مَوْزُون. قَوْله: (وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُجِيبهُمْ) وَفِي الحَدِيث الْمَاضِي فِي الْبَيْت السَّابِق هم يجيبون لَهُ، لِأَنَّهُ كَانَ تَارَة كَذَا وَتارَة كَذَا.
٥٢ - (حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ سَمِعت الْبَراء رَضِي الله عَنهُ يَقُول كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْقل وَيَقُول لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا) هَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه قد مضى عَن قريب فِي أول بَاب قَول الله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن حَفْص بن عمر وَفِي الْمَغَازِي عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم وَفِي التَّمَنِّي عَن عَبْدَانِ عَن أَبِيه وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار عَن غنْدر وَعَن أبي مُوسَى عَن ابْن مهْدي وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير عَن عَليّ بن الْحُسَيْن الدرهمي قَوْله " لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا " كَذَا روى وَهُوَ بِاللَّه لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا
٥٣ - (حَدثنَا حَفْص بن عمر قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْأَحْزَاب ينْقل التُّرَاب وَقد وارى التُّرَاب بَيَاض بَطْنه وَهُوَ يَقُول
(لَوْلَا أَنْت مَا اهتدينا ... وَلَا تصدقنا وَلَا صلينَا)
(فَأنْزل السكينَة علينا ... وَثَبت الْأَقْدَام إِن لاقينا)
(إِن الألى قد بغوا علينا ... إِذا أَرَادوا فتْنَة أَبينَا)
هَذَا طَرِيق آخر عَن الْبَراء بأتم من الطَّرِيق السَّابِق قَوْله " يَوْم الْأَحْزَاب " سمي بِهِ لِاجْتِمَاع الْقَبَائِل واتفاقهم على محاربة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَوْم الخَنْدَق والأحزاب جمع حزب بِالْكَسْرِ وهم الطوائف من النَّاس قَوْله " فأنزلن " بالنُّون المخففة قَوْله " سكينَة " أَي وقارا ويروى فَنزل السكينَة قَوْله " إِن لاقينا " يَعْنِي مَعَ الْكَافِر قَوْله " إِن الأولى " هُوَ من أَلْفَاظ الموصولات لَا من أَسمَاء الإشارات وَهُوَ جمع للمذكر قَوْله " قد بغوا " أَي ظلمُوا من الْبَغي قَوْله " أَبينَا " من الإباء