٥٨ - (بابُ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أنْ يبْدُو صَلَاحُهَا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الثِّمَار، بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة، حمع ثَمَرَة بِفَتْح الْمِيم: وَهُوَ يتَنَاوَل الرطب وَغَيره. قَوْله: (قبل أَن يَبْدُو) ، بِنصب الْوَاو أَي: قبل أَن يظْهر، وَلَا يهمز كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَإِنَّمَا لم يجْزم بِحكم الْمَسْأَلَة بِالنَّفْيِ أَو بالإثبات لقُوَّة الْخلاف فِيهَا بَين الْعلمَاء، فَقَالَ ابْن أبي ليلى وَالثَّوْري: لَا يجوز بيع الثَّمَرَة قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا مُطلقًا، وَمن نقل فِيهِ الْإِجْمَاع فقدوهم، وَقَالَ يزِيد بن أبي حبيب: يجوز مُطلقًا، وَلَو شَرط التبقية. وَمن نقل فِيهِ الْإِجْمَاع أَيْضا فقد وهم. وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد وَمَالك فِي رِوَايَة: إِن شَرط الْقطع لم يبطل وإلَاّ بَطل. وَقَالَت الْحَنَفِيَّة: يَصح إِن لم يشْتَرط التبقية، وَالنَّهْي مَحْمُول على بيع الثِّمَار قبل أَن يُوجد أصلا. وَقيل: هُوَ على ظَاهره، لَكِن النَّهْي فِيهِ للتنزيه، وَقد ذكرنَا مَذْهَب أَصْحَابنَا وَمذهب مخالفيهم فِي: بَاب بيع الْمُزَابَنَة، بدلائلهم.
٣٩١٢ - وَقَالَ اللَّيْثُ عنْ أبِي الزِّنادِ كانَ عُرْوَة بنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عنْ سَهْلِ بنِ أبِي حَثْمَةَ الأنْصَارِيِّ منْ بَنِي حارِثَةَ أنَّهُ حَدَّثَهُ عنْ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ كانَ النَّاسُ فِي عَهْد رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَبَايَعُونَ الثِّمارَ فإذَا جَذَّ النَّاس وحَضَرَ تَقاضيهِمْ قَالَ المُبْتَاعُ إنَّهُ أصَابَ الثَّمَرَ الدُّمَّانُ أصَابَهُ مُرَاضٌ أصَابَهُ قُشَامٌ عاهَات يَحْتَجُّونَ بِها فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمَّا كَثُرَتْ عِنْدَهُ الخُصُومَةُ فِي ذالِكَ فإمَّا لَا فَلَا تَتَبايَعُوا حَتَّى يَبْدُو صلَاحُ الثَّمَرِ كالمَشُورَةِ يُشِيرُ بِهَا لِكَثْرَةِ خُصُومَتِهِمْ قَالَ وأخْبرنِي خارِجَةُ ابنُ زَيْدِ بنِ ثابِتٍ أنَّ زيْدَ بنَ ثَابِتٍ لَمْ يَكُنْ يَبِيعُ ثِمارَ أرْضِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الثرَيَّا فيَتَبَيَّنَ الأصْفَرُ مِنَ الأحْمَرِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلَا تتبايعوا حَتَّى يَبْدُو صَلَاح الثَّمر) ، وَاللَّيْث هُوَ ابْن سعد، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون: هُوَ عبد الله بن ذكْوَان، وَهَذَا كَمَا رَأَيْت غير مَوْصُول.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا عَنْبَسَة بن خَالِد، قَالَ: حَدثنِي يُونُس، قَالَ: سَأَلت أَبَا الزِّنَاد عَن بيع الثَّمر قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه، وَمَا ذكر فِي ذَلِك، فَقَالَ: كَانَ عُرْوَة بن الزبير يحدث عَن سهل بن أبي حثْمَة عَن زيد بن ثَابت، قَالَ: كَانَ النَّاس يتبايعون الثِّمَار قبل أَن يَبْدُو صَلَاحهَا، فَإِذا جذ النَّاس وَحضر تقاضيهم قَالَ الْمُبْتَاع: قد أصَاب الثَّمر الدمَان وأصابه قشام وأصابه مراض، عاهات يحتجون بهَا، فَلَمَّا كثرت خصومتهم عِنْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute