إِيثَار إبْقَاء آثَار الْعِبَادَة عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا تَركه خوفًا من الدُّخُول فِي أَحْوَال المترفين المتكبرين.
وَاعْلَم أَن البُخَارِيّ قد ذكره قبل هَذَا فِي سِتّ مَوَاضِع، وَهَذَا هُوَ السَّابِع، وسيذكره مرّة أُخْرَى فالجملة ثَمَانِيَة، كلهَا فِي كتاب الْغسْل. الأول: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش. الثَّانِي: عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه عَن جده عَن الْأَعْمَش. الثَّالِث: عَن الْحميدِي عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش. الرَّابِع: عَن مُحَمَّد بن مَحْبُوب عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش. الْخَامِس: عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن أبي عوَانَة عَن الْأَعْمَش. السَّادِس: عَن يُوسُف بن عِيسَى عَن الْفضل بن مُوسَى عَن الْأَعْمَش. السَّابِع: عَن عَبْدَانِ عَن أبي حَمْزَة عَن الْأَعْمَش. الثَّامِن: الَّذِي يَأْتِي عَن عَبْدَانِ عَن عبد الله عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش، وَهَذَا كُله حَدِيث وَاحِد وَلكنه رَوَاهُ عَن شُيُوخ مُتعَدِّدَة بألفاط مُخْتَلفَة، وَترْجم لكل طَرِيق تَرْجَمَة.
وَأَبُو حَمْزَة اسْمه مُحَمَّد بن مَيْمُون السكرِي الْمروزِي، وَلم يكن يَبِيع السكر، وَإِنَّمَا سمي بِهِ لحلاوة كَلَامه. وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ يحمل السكر فِي كمه. وَقَالَ ابْن مُصعب، كَانَ مجاب الدعْوَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وَفِيه: السماع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: مروزيان، عَبْدَانِ وَشَيْخه أَبُو حَمْزَة، وكوفيان الْأَعْمَش وَشَيْخه سَالم بن أبي الْجَعْد ومدنيان: كريب مولى ابْن عَبَّاس وَعبد الله بن عَبَّاس وَفِي الْإِسْنَاد الَّذِي قبله كَذَلِك: يُوسُف بن عِيسَى وَشَيْخه الْفضل بن مُوسَى مروزيان وخراسانيان، وَفِيمَا قبل ذَلِك، مُوسَى وَأَبُو عوَانَة شَيْخه بصريان، وَكَذَا مُوسَى وَعبد الْوَاحِد، وَكَذَا مُحَمَّد بن مَحْبُوب وَعبد الْوَاحِد، وَفِيمَا قبل ذَلِك: مكيان الْحميدِي وَشَيخ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَكلهمْ رَوَاهُ عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش.
قَوْله: (فَانْطَلق) أَي: ذهب. قَوْله: (وَهُوَ ينفض يَدَيْهِ) جملَة من الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر وَقعت حَالا.
١٩ - (بابُ مَنْ بَدَأَ رَأْسِهِ الأيْمَنِ فِي الغُسْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من بَدَأَ، إِلَخ. الشق، بِكَسْر الشين وَتَشْديد الْقَاف، بِمَعْنى الْجَانِب، وَبِمَعْنى نصف الشَّيْء، وَمِنْه: (تصدقوا بشق تَمْرَة) أَي: نصفهَا. وَقَوله: (الْأَيْمن) صفة للشق.
٢٧٧ - حدّثنا خلَاّدُ بنُ يَحْيَى احدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ نافِعٍ عَنِ الحَسَنِ بنِ مُسْلِمٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ كُنَّا إذَا أصابَتْ إحْدانَا جَنَابَةٌ أخَذَتْ بِيَدَيْهَا ثَلَاثًا فَوْقَ رَأْسِهَا ثُمَّ تَأْخُذُ بِيَدِها عَلَى شِقِّهَا الأَيْمَنِ وَبِيَدِها الأُخْرَى عَلَى شَقِّها الأَيْسَرِ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. فَإِن قتل: كَيفَ ظُهُور هَذِه الْمُطَابقَة والترجمة تَقْدِيم الشق الْأَيْمن من الرَّأْس والْحَدِيث تَقْدِيم الْأَيْمن من الشَّخْص. قلت: المُرَاد من أَيمن الشَّخْص أيمنه من رَأسه إِلَى قدمه، فَيدل حِينَئِذٍ على التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: خَلاد، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام، ابْن يحيى بن صَفْوَان الْكُوفِي أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ، سكن مَكَّة مَاتَ سنة سبع عشرَة وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: إِبْرَاهِيم بن نَافِع المحزومي الْمَكِّيّ. الثَّالِث: الْحسن بن مُسلم بن بناق، بِفَتْح الْيَاء آخِر الْحُرُوف وَتَشْديد النُّون وبالقاف، الْمَكِّيّ ثِقَة صَالح الرَّابِع: صَفِيَّة بنت شُعْبَة بن عُثْمَان الحجي الْقرشِي وَاخْتلف فِي أَنَّهَا صحابية، وَالْجُمْهُور على صحبتهَا، رُوِيَ لَهَا خَمْسَة أَحَادِيث اتّفق الشَّيْخَانِ على رِوَايَتهَا عَن عَائِشَة، بقيت إِلَى زمَان ولَايَة الْوَلِيد وَهِي من صغَار الصَّحَابَة، وأبوها شيبَة صَحَابِيّ مَشْهُور. الْخَامِس: عَائِشَة.
ذكر لطائف إِسْنَاده أَن فِيهِ: حَدِيثا بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع أَحدهَا عَن صَفِيَّة، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: أَنه سمع صَفِيَّة. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم مكيون مَا خلا خلاداً وَهُوَ أَيْضا سكن مَكَّة، كَمَا ذكرنَا. وَفِيه: رِوَايَة صحابية عَن صحابية.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد حَدثنَا عُثْمَان بن أبي شيبَة، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن أبي بكير، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن الْحسن ابْن مُسلم عَن صَفِيَّة بنت شيبَة عَن عَائِشَة، قَالَت: (كَانَت إحدانا إِذا أصابتها جَنَابَة أخذت ثَلَاث حفنات، هَكَذَا يَعْنِي بكفيها جَمِيعًا، فتصب على رَأسهَا، وَأخذت بيد وَاحِدَة فصبتها على هَذَا الشق، وَالْأُخْرَى على الشق الآخر) فمجموع هَذَا الْغسْل من ثَلَاث حفنات وغرفتين، الحفنات الثَّلَاث على الرَّأْس والواحدة من الغرفتين على الشق الْأَيْمن وَالْأُخْرَى على الْأَيْسَر. قَوْلهَا: