للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَن ذَلِك يحْتَاج إِلَى ذكره لقصد التَّعْرِيف. قَوْله: (ثمَّ انْصَرف) ، أَي: من الصَّلَاة. قَوْله: (أَرَأَيْتكُم) بِفَتْح الرَّاء وتاء الْخطاب، وَقد استقصينا الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب السمر بِالْعلمِ. قَوْله: (فَإِن رَأس) ، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (فَإِن على رَأس مائَة سنة) . قَوْله: (مِنْهَا) ، أَي: من تِلْكَ اللَّيْلَة. قَوْله: (لَا يبْقى) ، خبر: إِن، وَالتَّقْدِير: لَا يبْقى عِنْده أَو فِيهِ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد أَن كل من كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة على الأَرْض لَا يعِيش بعْدهَا أَكثر من مائَة سنة، سَوَاء قل عمره بعد ذَلِك أَو لَا وَلَيْسَ فِيهِ نفي عَيْش أحد بعد تِلْكَ اللَّيْلَة فَوق مائَة سنة. وَقَالَ ابْن بطال: إِنَّمَا أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن هَذِه الْمدَّة تخترم الجيل الَّذين هم فِيهَا، فوعظهم بقصر أعمارهم وأعلمهم أَن أعمارهم لَيست كأعمار من تقدم من الْأُمَم ليجتهدوا فِي الْعِبَادَة. وَقيل: أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْأَرْضِ: الْبَلدة الَّتِي هُوَ فِيهَا: وَقَالَ تَعَالَى: {ألَمْ تكن أَرض الله وَاسِعَة} (النِّسَاء: ٩٧) . يُرِيد الْمَدِينَة. وَقَوله: (مِمَّن هُوَ على وَجه الأَرْض) إحتراز عَن الْمَلَائِكَة، وَقد أمعنا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ البُخَارِيّ وَمن قَالَ بقوله على موت الْخضر، وَالْجُمْهُور على خِلَافه، وَقَالَ السُّهيْلي، عَن أبي عمر بن عبد الْبر: قد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار باجتماع الْخضر بسيدنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا يرد قَول من قَالَ: لَو كَانَ حَيا لاجتمع بنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَيْضًا عدم إِتْيَانه إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ مؤثرا فِي الْحَيَاة وَلَا غَيرهَا، لأَنا عهدنا جمَاعَة آمنُوا بِهِ وَلم يروه مَعَ الْإِمْكَان، وَزعم ابْن عَبَّاس ووهب: أَن الْخضر كَانَ نَبيا مُرْسلا، وَمِمَّنْ قَالَ بنبوته أَيْضا: مقَاتل وَإِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي. وَقيل: كَانَ وليا. وَقَالَ أَبُو الْفرج: وَالصَّحِيح أَنه نَبِي، وَلَا يعْتَرض على الحَدِيث بِعِيسَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ على وَجه الأَرْض، وَلَا بالخضر لِأَنَّهُ فِي الْبَحْر، وَلَا لِأَنَّهُمَا ليسَا ببشر، وَكَذَا الْجَواب فِي إِبْلِيس. وَيُقَال معنى الحَدِيث: لَا يبْقى مِمَّن تَرَوْنَهُ وتعرفونه، فَالْحَدِيث عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص، وَالْجَوَاب الْأَوْجه فِي هَذَا أَن نقُول: إِن المُرَاد مِمَّن هُوَ على ظهر الأَرْض: أمته، وكل من هُوَ على ظهر الأَرْض: أمته الْمُسلمُونَ أمة إِجَابَة، وَالْكفَّار أمة دَعْوَة، وَعِيسَى وَالْخضر ليسَا داخلين فِي الْأمة، والشيطان لَيْسَ من بني آدم.

٢١

- (بابُ وَقْتِ العِشَاءِ إذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ أوْ تَأَخَّرُوا

(

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وَقت الْعشَاء عِنْد اجْتِمَاع الْجَمَاعَة وَعند تأخرهم، فوقتها عِنْد الِاجْتِمَاع أول الْوَقْت، وَعند التَّأَخُّر التَّأْخِير وَأما حد التَّأْخِير فَفِي حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ: وَقتهَا إِلَى نصف اللَّيْل الْأَوْسَط، وَفِي رِوَايَة بُرَيْدَة أَنه صلى فِي الْيَوْم الثَّانِي بَعْدَمَا ذهب ثلث اللَّيْل، وَفِي رِوَايَة: عِنْدَمَا ذهب ثلث اللَّيْل، وَمثله فِي حَدِيث أبي مُوسَى: حِين كَانَ ثلث اللَّيْل، وَفِي حَدِيث جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حِين ذهب سَاعَة من اللَّيْل، وَفِي رِوَايَة ابْن عَبَّاس: إِلَى ثلث اللَّيْل، وَفِي حَدِيث أبي بَرزَة: إِلَى نصف اللَّيْل أَو ثلثه، وَقَالَ مرّة: إِلَى نصف اللَّيْل، وَمرَّة إِلَى ثلث اللَّيْل، وَفِي حَدِيث أنس: شطره، وَفِي حَدِيث ابْن عمر: حِين ذهب ثلثه، وَفِي حَدِيث جَابر: إِلَى شطره، وَعنهُ إِلَى ثلثه، وَفِي حَدِيث عَائِشَة: حِين ذهب عَامَّة اللَّيْل. وَاخْتلف الْعلمَاء بِحَسب هَذَا، وَقَالَ عِيَاض: وبالثلث قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي قَول: وبنصف قَالَ أَصْحَاب الرَّأْي وَأَصْحَاب الحَدِيث وَالشَّافِعِيّ فِي قَول، وَابْن حبيب من أَصْحَابنَا. وَعَن النَّخعِيّ: الرّبع، وَقيل: وَقتهَا إِلَى طُلُوع الْفجْر، وَهُوَ قَول دَاوُد، وَهَذَا عِنْد مَالك وَقت الضَّرُورَة. قلت: مَذْهَب أبي حنيفَة: التَّأْخِير أفضل إلَاّ فِي ليَالِي الصَّيف، وَفِي (شرح الْهِدَايَة: تَأْخِيرهَا إِلَى نصف اللَّيْل مُبَاح، وَقيل: تَأْخِيرهَا بعد الثُّلُث مَكْرُوه، وَفِي (الْقنية) : تَأْخِيرهَا على النّصْف مَكْرُوه كَرَاهَة تَحْرِيم. وَقَالَ بَعضهم: أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى الرَّد على من قَالَ: إِنَّهَا تسمى الْعشَاء إِذا عجلت، وَالْعَتَمَة إِذا أخرت. قلت: هَذَا كَلَام واه، لِأَن التَّرْجَمَة لَا تدل على هَذَا أصلا، وَإِنَّمَا أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن اخْتِيَاره فِي وَقت الْعشَاء التَّقْدِيم عِنْد الإجتماع، وَالتَّأْخِير عِنْد التَّأَخُّر، وَهُوَ نَص الشَّافِعِي أَيْضا فِي (الْأُم) أَنهم إِذا اجْتَمعُوا عجل، وَإِذا أبطأوا أخر.

٤٢ - (حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن سعد بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد بن عَمْرو وَهُوَ ابْن الْحسن بن عَليّ قَالَ سَأَلنَا جَابر بن عبد الله عَن صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

<<  <  ج: ص:  >  >>