ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْمنْهَال، بِكَسْر الْمِيم: اسْمه سيار بن سَلامَة الريَاحي، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف. وَأَبُو بَرزَة، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الزَّاي الْمُعْجَمَة: اسْمه نَضْلَة بن عبيد الْأَسْلَمِيّ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: مُحَمَّد ابْن سَلام، كَذَا وَقع بِذكر أَبِيه فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَوَافَقَهُ ابْن السكن أَنه: ابْن سَلام، وَوَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات: حَدثنَا مُحَمَّد غير مَنْسُوب، وَرِوَايَة أبي ذَر تفسره. وَقَالَ أَبُو نصر: إِن البُخَارِيّ يروي فِي (الْجَامِع) عَن مُحَمَّد بن سَلام وَمُحَمّد بن بشار وَمُحَمّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب وَسَلام، هَذَا بتَخْفِيف اللَّام.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قبل الْعشَاء) . أَي: قبل صَلَاة الْعشَاء. قَوْله:(والْحَدِيث) بِالنّصب عطف على قَوْله: (النّوم) أَي: وَكَانَ يكره الحَدِيث، أَي: المحادثة بعْدهَا، أَي: بعد الْعشَاء. وَهَذَا مَحْمُول على المحادثة الَّتِي لَا مصلحَة فِيهَا وَالَّتِي فِيهَا الْمصلحَة الدِّينِيَّة أَو الدُّنْيَوِيَّة فَلَا كَرَاهَة فِيهِ، وَبِهَذَا ينْدَفع الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ بِمَا ورد أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(كَانَ يتحدث بعد الْعشَاء) . وَأما سَبَب كَرَاهَة النّوم قبلهَا فَلِأَن فِيهِ تعرضا لفَوَات وَقتهَا باستغراق النّوم، وَلِئَلَّا يتساهل النَّاس فِي ذَلِك فيناموا عَن صلَاتهَا جمَاعَة. وَأما كَرَاهَة الحَدِيث بعْدهَا فَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى السهر، وَيخَاف مِنْهُ غَلَبَة النّوم عَن قيام اللَّيْل وَالذكر فِيهِ، أَو عَن صَلَاة الصُّبْح، وَلِأَن السهر سَبَب الكسل فِي النَّهَار عَمَّا يتَوَجَّه من حُقُوق الدّين ومصالح الدُّنْيَا، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: كره أَكثر أهل الْعلم النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء، وَرخّص فِيهِ بَعضهم فِي رَمَضَان خَاصَّة، وَحمل الطَّحَاوِيّ الرُّخْصَة على مَا قبل دُخُول وَقت الْعشَاء، وَالْكَرَاهَة على مَا بعد دُخُوله. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَاخْتلف السّلف فِي ذَلِك، فَكَانَ ابْن عمر يسب الَّذِي ينَام قبلهَا فِيمَا حَكَاهُ ابْن بطال: وَلَكِن رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يرقد قبلهَا، وَذكر عَنهُ: كَانَ ينَام ويوكل من يوقظه. روى معمر عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَنهُ: أَنه كَانَ رُبمَا ينَام عَن الْعشَاء الْآخِرَة وَيَأْمُر أَن يُوقِظُوهُ. وَعَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا نجتنب الْفرش قبل الْعشَاء. وَكتب عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لَا ينَام قبل أَن يُصليهَا، فَمن نَام فَلَا نَامَتْ عَيناهُ. وَكره ذَلِك أَبُو هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وابراهيم وَمُجاهد وطاووس وَمَالك والكوفيون، وَرُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه رُبمَا أغفى قبل الْعشَاء، وَعَن أبي مُوسَى وَعبيدَة، ينَام ويوكل من يوقظه، وَعَن عُرْوَة وَابْن سِيرِين وَالْحكم: أَنهم كَانُوا ينامون نومَة قبل الصَّلَاة، وَكَانَ أَصْحَاب عبد الله يَفْعَلُونَ ذَلِك، وَبِه قَالَ بعض الْكُوفِيّين، وَاحْتج لَهُم بِأَنَّهُ كره ذَلِك لمن خشِي الْفَوات فِي الْوَقْت وَالْجَمَاعَة، أما من وكل بِهِ من يوقظه لوَقْتهَا فمباح، فَدلَّ على أَن النَّهْي لَيْسَ للتَّحْرِيم لفعل الصَّحَابَة، لَكِن الْأَخْذ بِظَاهِر الحَدِيث أحوط.
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم النّوم قبل صَلَاة الْعشَاء، لمن غُلب، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: لمن غلب عَلَيْهِ النّوم، وَتَمام الْكَلَام مُقَدّر، يَعْنِي: لَا بَأْس بِهِ، والْحَدِيث الثَّانِي فِي هَذَا الْبَاب يدل على هَذَا.