٣٢ - (بابُ الصَّلاةِ عَلى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا الْإِطْلَاق يحْتَمل حكمهَا وفضلها وصفتها ومحلها. قلت: حَدِيثا الْبَاب يفيدان هَذَا الْإِطْلَاق لِأَنَّهُمَا ينبئان عَن الْكَيْفِيَّة، والمطابقة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث مَطْلُوبَة، وَلَا تَجِيء الْمُطَابقَة إلَاّ بِمَا قُلْنَا: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة الصَّلَاة.
٦٣٥٧ - حدَّثنا آدَمُ حدّثنا شُعْبَةُ حدّثنا الحَكَمُ قَالَ: سَمعْتُ عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ أبي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خَرَجَ عَلَيْنا فَقُلْنا: يَا رسولَ الله {قَدْ عَلِمْنا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلى آل إبْراهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، أللَّهُمَّ بارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بارَكْتَ عَلى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. (انْظُر الحَدِيث ٣٣٧٠ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه أوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِيهَا وَبَين أَن المُرَاد كَيْفيَّة الصَّلَاة.
وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس واسْمه عبد الرَّحْمَن، وَأَصله من خُرَاسَان سكن عسقلان، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ ابْن عتيبة مصغر عتبَة الدَّار وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى من كبار التَّابِعين وَهُوَ وَالِد مُحَمَّد، فَقِيه أهل الْكُوفَة، وَاسم أبي ليلى يسَار خلاف الْيَمين وَقَالَ أَبُو عمر: لَهُ صُحْبَة وَرِوَايَة وَهُوَ مَشْهُور بكنيته، وَكَعب بن عجْرَة البلوي حَلِيف الْأَنْصَار شهد بيعَة الرضْوَان.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن يحيى عَن أَبِيه عَن مسعر عَن الحكم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (علمنَا) أَي: عرفنَا كيفيته وَهِي أَن يُقَال: السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.
٦٣٥٨ - حدَّثنا إبْراهِيمُ بنُ حَمْزَةَ حدّثنا ابنُ أبي حازِمٍ والدَّراوَرْدِيُّ عنْ يَزِيدُ عنْ عَبْدِ الله ابنِ خَبَّابٍ عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قلْنا: يَا رسولَ الله} هَذَا السَّلامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ كَمَا صَلَّيْتَ على إبْراهِيمَ، وبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بارَكْتَ عَلى إبْراهِيمَ وآلِ إبْراهِيمَ. (انْظُر الحَدِيث ٤٧٩٨) .
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق وَإِبْرَاهِيم بن حَمْزَة أَبُو إِسْحَاق الزبيرِي الْمَدِينِيّ، وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي واسْمه سَلمَة بن دِينَار، والدراوردي هُوَ عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن عبد الله بن أُسَامَة بن الْهَاد اللَّيْثِيّ، وَعبد الله بن خباب بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى مولى بني عدي ابْن النجار الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك.
والْحَدِيث مضى أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة الْأَحْزَاب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: شَرط التَّشْبِيه أَن يكون الْمُشبه بِهِ أقوى، وَهَاهُنَا بِالْعَكْسِ لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل من إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام وَأجَاب بِأَن هَذَا التَّشْبِيه لَيْسَ من بَاب إِلْحَاق النَّاقِص بالكامل بل من بَاب بَيَان حَال من لَا يعرف بِمَا يعرف فَلَا يشْتَرط ذَلِك والتشبيه فِيمَا يسْتَقْبل وَهُوَ أقوى، أَو الْمَجْمُوع شبه بالمجموع، وَلَا شكّ أَن آل إِبْرَاهِيم أفضل من آل مُحَمَّد إِذْ فيهم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَلَا نَبِي فِي آل مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
٣٣ - (بابُ هَلْ يُصَلَّى عَلى غَيْرِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يصلى على غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ اسْتِقْلَالا أَو تبعا، وَيدخل فِي قَوْله: غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَلَائِكَة والأنبياء والمؤمنون، وَإِنَّمَا صدر التَّرْجَمَة بالاستفهام للْخلاف فِي جَوَاز الصَّلَاة على غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَمنهمْ من أنكر الصَّلَاة على غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُطلقًا، وَاحْتَجُّوا