للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْكَاف أَي: نصيب.

١٦ - (بابُ مَا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحَضَّ عَلى اتِّفاقِ أهْلِ العِلْمِ وَمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الحَرَمانِ مَكَّةُ والمَدِينَةُ، وَمَا كانَ بهَا مِنْ مَشاهِدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمُهاجِرِينَ والأنْصار ومُصَلَّى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والمِنْبَرِ والقَبْرِ.)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا ذكر النَّبِي وحض أَي حرض. فَقَوله: ذكر وَقَوله: حض تنَازعا فِي الْعَمَل فِي قَوْله على اتِّفَاق أهل الْعلم، ويروى: وَمَا حض عَلَيْهِ من اتِّفَاق أهل الْعلم، قَالَه الْكرْمَانِي. وَإِذا اتّفق أهل عصر من أهل الْعلم عل قَول حَتَّى ينقرضوا وَلم يتَقَدَّم فِيهِ اخْتِلَاف فَهُوَ إِجْمَاع، وَاخْتلف إِذا كَانَ من الصَّحَابَة اخْتِلَاف ثمَّ أجمع من بعدهمْ على أحد أَقْوَالهم هَل يكون ذَلِك إِجْمَاعًا؟ وَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ بِإِجْمَاع. وَاخْتلف فِي الْوَاحِد إِذا خَالف الْجَمَاعَة: هَل يُؤثر فِي إِجْمَاعهم؟ وَكَذَلِكَ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة من الْعدَد الْكثير. قَوْله: وَمَا اجْتمع عَلَيْهِ الحرمان عطف على مَا قبله. وَقَوله: مَكَّة وَالْمَدينَة أَي: أحد الْحَرَمَيْنِ مَكَّة وَالْآخر الْمَدِينَة، أَرَادَ أَن مَا اجْتمع عَلَيْهِ أهل الْحَرَمَيْنِ من الصَّحَابَة وَلم يُخَالف صَاحب من غَيرهمَا فَهُوَ إِجْمَاع، كَذَا قَيده ابْن التِّين، ثمَّ نقل عَن سَحْنُون أَنه: إِذا خَالف ابْن عَبَّاس أهل الْمَدِينَة لم ينْعَقد لَهُم إِجْمَاع، وَقَالَ ابْن بطال: اخْتلف أهل الْعلم فِيمَا هم فِيهِ أهل الْمَدِينَة حجَّة على غَيرهم من الْأَمْصَار فَكَانَ الْأَبْهَرِيّ يَقُول: أهل الْمَدِينَة حجَّة على غَيرهم من طَرِيق الاستنباط، ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قَوْلهم من طَرِيق النَّقْل أولى من طَرِيق غَيرهم، وهم وَغَيرهم سَوَاء فِي الِاجْتِهَاد، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي. وَذهب أَبُو بكر بن الطّيب إِلَى أَن قَوْلهم أولى من طَرِيق الِاجْتِهَاد وَالنَّقْل جمعياً، وَذهب أَصْحَاب أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، إِلَى أَنهم لَيْسُوا حجَّة على غَيرهم لَا من طَرِيق النَّقْل وَلَا من طَرِيق الِاجْتِهَاد، وَقَالَ الْمُهلب: غَرَض البُخَارِيّ فِي الْبَاب تَفْضِيل الْمَدِينَة بِمَا خصها الله بِهِ من معالم الدّين وَأَنَّهَا دَار الْوَحْي ومهبط الْمَلَائِكَة بِالْهدى وَالرَّحْمَة، وبقعة شرفها الله عز وَجل بسكنى رَسُوله وَجعل فِيهَا قَبره ومنبره وَبَينهمَا رَوْضَة من رياض الْجنَّة. قَوْله: وَمَا كَانَ ... إِلَى آخِره إِشَارَة أَيْضا إِلَى تَفْضِيل الْمَدِينَة بفضائل وَهِي مَا كَانَ من مشَاهد النَّبِي، وَإِنَّمَا جمع المشهد بقوله: من مشَاهد النَّبِي، إِشَارَة إِلَى أَن الْمَدِينَة مشْهد النَّبِي، ومشهد الْمُهَاجِرين ومشهد الْأَنْصَار وَأَصله من شهد الْمَكَان شُهُودًا إِذا حَضَره. قَوْله: ومصلى النَّبِي عطف على مشَاهد النَّبِي والمنبر والقبر معطوفان عَلَيْهِ، وَهَذِه أَيْضا إِشَارَة إِلَى فَضِيلَة الْمَدِينَة بِأُمُور. مِنْهَا: أَن فِيهَا مصلى النَّبِي وَهُوَ مَوضِع يصلى فِيهِ، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا منبره، وَقَالَ فِيهِ: منبري على حَوْضِي، وَمِنْهَا: أَن فِيهَا قَبره الَّذِي بَينه وَبَين منبره رَوْضَة من رياض الْجنَّة، كَمَا ذَكرْنَاهُ.

٧٣٢٢ - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ، عنْ مُحَمَّدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ الله السَّلَمِيِّ، أنَّ أعْرَابِيّاً بايَعَ رسولَ الله عَلى الإسْلامِ، فأصابَ الأعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالمَدِينَةِ فَجاءَ الأعْرَابِيُّ إِلَى رسولِ الله فَقَالَ: يَا رسولَ الله أقِلْنِي بَيْعَتِي، فأباى رسولُ الله ثُمَّ جاءَهُ فَقَالَ: أقِلْني بَيْعَتِي، فأباى، ثُمَّ جاءَهُ فَقَالَ: أقِلْنِي بَيْعتَي فأباى، فَخَرَجَ الأعْرابِيُّ فَقَالَ رسولُ الله إنَّما المَدِينَةُ كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا ويَنْصَعُ طِيبُها

ا

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ الْفَضِيلَة الَّتِي اشْتَمَل على ذكرهَا كل مِنْهُمَا.

وَإِسْمَاعِيل بن أبي أويس. والْحَدِيث مضى فِي الْأَحْكَام فِي: بَاب من بَايع ثمَّ استقال الْبيعَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مَبْسُوطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>