للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهَاب أَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن أَبَا هُرَيْرَة أخبرهُ أَن أَعْرَابِيًا بَال فِي الْمَسْجِد فثار إِلَيْهِ النَّاس ليقعوا بِهِ فَقَالَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعوه وأهريقوا على بَوْله ذنوبا من مَاء أَو سجلا من مَاء فَإِنَّمَا بعثتم ميسرين وَلم تبعثوا معسرين) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأخرجه من طَرِيقين الأول عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ (وَالْآخر) عَن اللَّيْث بن سعد عَن يُونُس بن يزِيد عَن ابْن شهَاب وَهُوَ الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره والْحَدِيث مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي بَاب صب المَاء على الْبَوْل فِي الْمَسْجِد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله فثار إِلَيْهِ من الثوران وَهُوَ الهيجان قَوْله ليقعوا بِهِ أَي ليؤذوه قَوْله دَعوه أَي اتركوه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك لمصلحتين وَهِي أَنه لَو قطع عَلَيْهِ بَوْله لتضرر وَإِن التنجس قد حصل فِي جُزْء يسير فَلَو أقاموه فِي أَثْنَائِهِ لتنجست ثِيَابه وبدنه ومواضع كَثِيرَة من الْمَسْجِد قَوْله وأهريقوا أَي صبوا ويروى " هريقوا " وَأَصله أريقوا من الإراقة فأبدلت الْهَاء من الْهمزَة قَوْله " ذنوبا " بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَضم النُّون وَهُوَ الدَّلْو الملآن قَوْله أَو سجلا شكّ من الرَّاوِي والسجل بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم الدَّلْو فِيهِ المَاء قل أَو كثر

٨١ - (بابُ الإنْبِساطِ إِلَى الناسِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز الانبساط إِلَى النَّاس وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَعَ النَّاس، وَالْمرَاد بِهِ أَن يتلَقَّى النَّاس بِوَجْه بشوش وينبسط مَعَهم بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَا يُنكره الشَّرْع وَمَا يرتكب فِيهِ الْإِثْم، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أحسن الْأمة أَخْلَاقًا وأبسطهم وَجها، وَقد وَصفه الله عز وَجل بذلك بقوله: {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} فَكَانَ ينبسط إِلَى النِّسَاء وَالصبيان ويداعبهم ويمازحهم، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأمزح وَلَا أَقُول إلَاّ حَقًا، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ الِاقْتِدَاء بِحسن أخلاقه وطلاقة وَجهه.

وَقَالَ ابنُ مَسْعُودٍ رَضِي الله عَنهُ: خالِطِ النَّاسَ ودِينَكَ لَا نَكْلِمَنَّهُ

ذكر هَذَا التَّعْلِيق عَن عبد الله بن مَسْعُود إِشَارَة إِلَى أَن الانبساط مَعَ النَّاس والمخالطة بهم مَشْرُوع، وَلَكِن بِشَرْط أَن لَا يحصل فِي دينه خلل وَيبقى صَحِيحا، وَهُوَ معنى قَوْله: وَدينك لَا تكلمنه، من الْكَلم بِفَتْح الْكَاف وَسُكُون اللَّام وَهُوَ الْجرْح، وَيجوز فِي دينك الرّفْع وَالنّصب، أما الرّفْع فعلى أَنه مُبْتَدأ، وَلَا تكلمنه خَبره، وَأما النصب فعلى شريطة التَّفْسِير وَالتَّقْدِير: لَا تكلمن دينك، وَفسّر الْمَذْكُور الْمُقدر فَافْهَم، وَقد وصل التَّعْلِيق الْمَذْكُور الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من طَرِيق عبد الله بن بَابا، بباءين موحدتين عَن ابْن مَسْعُود: خالطوا النَّاس وصافوهم بِمَا يشتهون ودينكم فَلَا تكلمنه.

والدُّعابَةِ مَعَ الأهْلِ

والدعابة بِالْجَرِّ عطفا على: الانبساط، وَهِي من بَقِيَّة التَّرْجَمَة، وَهِي بِضَم الدَّال وَتَخْفِيف الْعين الْمُهْملَة وَبعد الْألف بَاء مُوَحدَة وَهِي الملاطفة فِي القَوْل بالمزاح، من دعب يدعب فَهُوَ دعاب. قَالَ الْجَوْهَرِي: أَي لعاب، والمداعبة الممازحة، وَأما المزاح فَهُوَ بِضَم الْمِيم وَقد مزح يمزح وَالِاسْم المزاح بِالضَّمِّ والمزاحة أَيْضا، وَأما المزح بِكَسْر الْمِيم فَهُوَ مصدر، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُول الله! إِنَّك تلاعبنا؟ إِنِّي لَا أَقُول إلَاّ حَقًا، وَحسنه التِّرْمِذِيّ. فَإِن قلت: قد أخرج من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَفعه: لَا تمارِ أَخَاك، أَي: لَا تخاصمه وَلَا تمازحه ... الحَدِيث. قلت: يجمع بَينهمَا بِأَن الْمنْهِي عَنهُ فِيهِ إفراط أَو مداومة عَلَيْهِ لِأَنَّهَا تؤول إِلَى الْإِيذَاء والمخاصمة وَسُقُوط المهابة وَالْوَقار، وَالَّذِي يسلم من ذَلِك هُوَ الْمُبَاح، فَافْهَم.

٦١٢٩ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ حَدثنَا أبُو التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بن مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>