للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصُّورَة لكنه رَحْمَة من حَيْثُ أَنه يتَضَمَّن مثل أجر الشَّهِيد فَهُوَ سَبَب الرَّحْمَة لهَذِهِ الْأمة.

٦١ - (بابٌ {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} (الْأَعْرَاف: ٣٤) {لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ} (الزمر: ٧٥)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} وَقَوله تَعَالَى: {لَو أَن الله هَدَانِي لَكُنْت من الْمُتَّقِينَ} إِلَى آخِره هَاتَانِ آيتان، وَحَدِيث الْبَاب نَص على أَن الله تَعَالَى انْفَرد بِخلق الْهدى والضلال، وَأَنه قدر الْعباد على اكْتِسَاب مَا أَرَادَ مِنْهُم من إِيمَان وَكفر، وَأَن ذَلِك لَيْسَ بِخلق للعباد، كَمَا زعمت الْقَدَرِيَّة.

٠٢٦٦ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ أخبرنَا جَرِيرٌ هُوَ ابنُ حازِمٍ عنْ أبي إسْحَاقَ عنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ قَالَ: رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ الخَنْدَقِ يَنْقلُ مَعَنا التُّرابَ وهْوَ يَقُولُ:

(وَالله لَوْلَا الله مَا اهْتدَيْنا ... وَلَا صُمْنا وَلَا صَلْينا)

(فأنْزلَنْ سَكِينَةً عَليْنا ... وثَبِّت الأقْدامَ إنْ لاقَيْنا)

(والمُشْركُونَ قَدْ بَغَوْا عَليْنا ... إِذا أرَادوا فِتْنَةً أبَيْنا)

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله:

لَوْلَا الله مَا اهتدينا

وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْبَصْرِيّ، وَجَرِير بن حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب حفر الخَنْدَق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (قد بغو) أَي: ظلمُوا. قَوْله: (أَبينَا) من الإباء وَهُوَ الِامْتِنَاع. ويروى: أَتَيْنَا، من الْإِتْيَان.

وَالله ولي التَّوْفِيق.

٣٨ - (كِتابُ الأيْمانِ والنُّذُور)

أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَنْوَاع الْأَيْمَان وأنواع النذور، والأيمان جمع يَمِين وَهُوَ لُغَة الْقُوَّة، قَالَ الله عز وَجل: { (٦٩) لأخذنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} (الحاقة: ٥٤) أَي: بِالْقُوَّةِ وَالْقُدْرَة، وَهِي الْجَارِحَة أَيْضا وَفِي الشَّرْع تَقْوِيَة أحد طرفِي الْخَبَر بالمقسم بِهِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْيَمين تَحْقِيق مَا يجب وجوده بِذكر الله تَعَالَى والتزام الْمُكَلف قربَة أَو صفتهَا، وَقَالَ أَصْحَابنَا: النّذر إِيجَاب شَيْء من عبَادَة أَو صَدَقَة أَو نَحْوهمَا على نَفسه تَبَرعا، يُقَال: نذرت الشَّيْء أنذر وأنذر بِالضَّمِّ وَالْكَسْر نذرا.

١ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِى أَيْمَانِكُمْ وَلَاكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الَاْيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذالِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُو اْ أَيْمَانَكُمْ كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (الْمَائِدَة: ٩٨)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله تَعَالَى، هَكَذَا وَقع فِي بعض النّسخ وَلم يَقع لفظ: بَاب عِنْد أَكثر الروَاة، وَذكر الْآيَة كلهَا، إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَة كَرِيمَة. قَوْله: (بِاللَّغْوِ) ، هُوَ قَول الرجل فِي الْكَلَام من غير قصد: لَا وَالله، وبلى وَالله، هَذَا مَذْهَب الشَّافِعِي. وَقيل: هُوَ فِي الْهزْل، وَقيل: فِي الْمعْصِيَة، وَقيل: على غَلَبَة الظَّن. وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد، وَقيل: الْيَمين فِي الْغَضَب، وَقيل: فِي النسْيَان. قَوْله: (بِمَا عقدتم الْأَيْمَان) أَي: بِمَا صممتم عَلَيْهِ من الْأَيْمَان وقصدتموها، قرىء بتَشْديد الْقَاف وتخفيفها، وَالْعقد فِي الأَصْل الْجمع بَين أَطْرَاف الشَّيْء، وَيسْتَعْمل فِي الْأَجْسَام ويستعار للمعاني نَحْو: عقد البيع، وَعَن عَطاء معنى: عقدتم الْأَيْمَان أكدتم. قَوْله: (مَسَاكِين) أَي: محاويج من الْفُقَرَاء وَمن لَا يجد مَا يَكْفِيهِ. قَوْله: (من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم) قَالَ ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة: من أعدل مَا تطْعمُونَ أهليكم، وَقَالَ عَطاء الْخُرَاسَانِي: من أمثل مَا تطْعمُونَ أهليكم، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: خبز وَلبن وَسمن، وبإسناده عَن ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَنه قَالَ: {من أَوسط مَا تطْعمُونَ أهليكم} قَالَ: الْخبز وَاللَّحم والسنم، وَالْخبْز وَاللَّبن، وَالْخبْز وَالزَّيْت، وَالْخبْز والخل. وَاخْتلفُوا فِي مِقْدَار مَا يُطعمهُمْ. فَقَالَ ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>