أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: يغديهم ويعشيهم، وَقَالَ الْحسن وَمُحَمّد بن سِيرِين: يَكْفِيهِ أَن يطعم عشرَة مَسَاكِين أَكلَة وَاحِدَة خبْزًا وَلَحْمًا، وَزَاد الْحسن، فَإِن لم يجد فخبزاً وَسمنًا ولبناً، فَإِن لم يجد فخبزاً وزيتاً وخلاً. حَتَّى يشبعوا، وَقَالَ قوم: يطعم كل وَاحِد من الْعشْرَة نصف صَاع من بر أَو تمر وَنَحْوهمَا، وَهَذَا قَول عمر وَعلي وَعَائِشَة وَمُجاهد وَالشعْبِيّ وَسَعِيد بن جُبَير وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَمَنْصُور بن مهْرَان وَمَالك وَالضَّحَّاك وَالْحكم وَمَكْحُول وَأبي قلَابَة وَمُقَاتِل بن حَيَّان، وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: نصف صَاع من بر أَو صَاع من غَيره، وَهُوَ قَول مُجَاهِد وَمُحَمّد بن سِيرِين وَالشعْبِيّ وَالثَّوْري وَالنَّخَعِيّ وَأحمد، وروى ذَلِك عَن عَليّ وَعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقَالَ الشَّافِعِي: الْوَاجِب فِي كَفَّارَة الْيَمين مد بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: (أَو كسوتهم) قَالَ الشَّافِعِي: لَو دفع إِلَى كل وَاحِد من الْعشْرَة مَا يصدق عَلَيْهِ اسْم الْكسْوَة من قيمص أَو سَرَاوِيل أَو إِزَار أَو عِمَامَة أَو مقنعة أَجزَاء ذَلِك. وَاخْتلف أَصْحَابه فِي القلنسوة: هَل نجزى أم لَا؟ على وَجْهَيْن: وَحكى الشَّيْخ أَبُو حَامِد الإسفرايني فِي الْخُف وَجْهَيْن أَيْضا، وَالصَّحِيح عدم الْإِجْزَاء، وَقَالَ مَالك وَأحمد: لَا بُد أَن يدْفع إِلَى كل وَاحِد مِنْهُم مَا يَصح أَن يُصَلِّي فِيهِ إِن كَانَ رجلا أَو امْرَأَة كل بِحَسبِهِ، وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس: عباءة لكل مِسْكين أَو شملة، وَقَالَ مُجَاهِد: أدناه ثوب وَأَعلاهُ مَا شِئْت، وَعَن سعيد بن الْمسيب: عباءة يلف بهَا رَأسه وعباءة يأتزر بهَا. قَوْله: (أَو تَحْرِير رَقَبَة) أَخذ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بإطلاقها فجوز الْكَافِرَة، وَقَالَ الشَّافِعِي وَآخَرُونَ: لَا يجوز إلَاّ مُؤمنَة. قَوْله: (فَمن لم يجد) أَي: فَإِن لم يقدر الْمُكَلف على وَاحِدَة من هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث (فَصِيَام) أَي: فَعَلَيهِ صِيَام (ثَلَاثَة أَيَّام) . وَاخْتلفُوا فِيهِ: هَل يجب التَّتَابُع أَو يسْتَحبّ؟ فالمنصوص عَن الشَّافِعِي: أَنه لَا يجب التَّتَابُع، وَهُوَ قَول مَالك، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأحمد: يجب التَّتَابُع، ودلائلهم مَذْكُورَة فِي كتب الْفِقْه. قَوْله: (ذَلِك) إِشَارَة إِلَى الْمَذْكُور قبله. قَوْله: (واحفظوا أَيْمَانكُم) عَن الْحِنْث فَإِذا حنثتم فاحفظوها بِالْكَفَّارَةِ.
١٢٦٦ - حدّثنا مُحمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أبُو الحَسَنِ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ: أنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي الله عَنهُ، لَمْ يَكُنْ يحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حتَّى أنْزَلَ الله تَعَالَى كَفَّارَةَ اليَمِينِ. وَقَالَ: لَا أحْلِفُ عَلى يَمِينٍ فَرَأيْتُ غَيْرَها خَيْراً مِنْها إلاّ أتيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ وكَفَّرْتُ عنْ يَمِينِي. (انْظُر الحَدِيث ٤١٦٤) .
مطابقته لِلْآيَةِ الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَشَيْخه مروزي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك مروزي أَيْضا، وَهِشَام بن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ. والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: (أَن أَبَا بكر) الصّديق وَفِي رِوَايَة عبد الله بن نمير عَن هِشَام بِسَنَدِهِ عَن أبي بكر الصّديق. قَوْله: (لم يكن حنث) إِنَّمَا زَادَت لفظ الْكَوْن للْمُبَالَغَة فِيهِ، ولبيان أَنه لم يكن من شَأْنه ذَلِك. قَوْله: (قطّ) ، أَصله: قطط، فأدغمت الطَّاء فى الطَّاء وَمِنْهُم من يَقُول: قطّ، بِضَم الْقَاف تبعا لضم الطَّاء وَمِنْهُم من يخففه. قَوْله: (كَفَّارَة الْيَمين) أَي: آيتها وَهِي الْمَذْكُورَة فِي أول الْبَاب. قَوْله: (لَا أَحْلف على يَمِين) إِلَى آخِره قَالُوا: إِنَّمَا قَالَ أَبُو بكر هَذَا لما حلف أَنه لَا يبرأ مسطحًا لما تكلم فِي قصَّة الْإِفْك، وَأنزل الله تَعَالَى: {أَلا يحبونَ أَن يغْفر الله لكم} (النُّور: ٢٢) قَالَ: بلَى يَا رب {إِنَّا لنحب ذَلِك، ثمَّ عَاد إِلَى بره كَمَا كَانَ أَولا. قَوْله: (غَيرهَا) الضَّمِير يرجع إِلَى الْيَمين بِاعْتِبَار أَن الْمَقْصُود مِنْهَا الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مثل الْخصْلَة المفعولة، أَو المتروكة، إِذْ لَا معنى لقَوْله: (لَا أَحْلف) على الْحق.
٢٢٦٦ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ مُحَمدُ بنُ الفَضْلِ حدّثنا جَرِيرُ بنُ حازِمٍ حدّثنا الحَسَنُ حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ سَمرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ سَمُرَةَ} لَا تَسْألِ الإمارَةَ، فإنّكَ إنْ أوتِيتَها عنْ مَسْألَةٍ وُكِلْتَ إلَيْها، وإنْ أُوتِيتَها مِنْ غَيْرِ مَسْألَةٍ أعنْتَ عَلَيْها، وَإِذا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأيْتَ غَيْرَها خَيْراً مِنْها فَكَفِّرْ عنْ يَمِينَكَ وَأْتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute