سرى عَنهُ فَعرفت ذَلِك عَائِشَة فَسَأَلته فَقَالَ لَعَلَّه يَا عَائِشَة كَمَا قَالَ قوم عَاد {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} . وَأما حَدِيث أبي بن كَعْب رَضِي الله تعنه فَرَوَاهُ. وَأما حَدِيث عُثْمَان بن الْعَاصِ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ قَالَ " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اشتدت الرّيح الشمَال قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا أرْسلت بِهِ ". (وَمن فَوَائِد حَدِيث الْبَاب) الاستعداد بالمراقبة لله عز وَجل والالتجاء إِلَيْهِ عِنْد اخْتِلَاف الْأَحْوَال وحدوث مَا يخَاف بِسَبَبِهِ وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
(بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصرت بالصبا)
أَي هَذَا بَاب قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصرت بالصبا وَذكر أَبُو حنيفَة فِي كتاب الأنواء أَن خَالِد بن صَفْوَان قَالَ الرِّيَاح أَربع الصِّبَا ومهبها فِيمَا بَين مطلع الشَّرْطَيْنِ إِلَى القطب ومهب الشمَال فِيمَا بَين القطب إِلَى مسْقط الشَّرْطَيْنِ وَمَا بَين مسْقط الشَّرْطَيْنِ إِلَى القطب الْأَسْفَل مهب الدبور وَمَا بَين القطب الْأَسْفَل إِلَى مطلع الشَّرْطَيْنِ مهب الْجنُوب وَحكي عَن جَعْفَر بن سعد بن سَمُرَة أَنه قَالَ الرِّيَاح سِتّ الْقبُول وَهِي الصِّبَا مخرجها مَا بَين المشرقين وَمَا بَين المغربين الدبور وَزَاد النكباء ومحوة وَقَالَ الْجَوْهَرِي الصِّبَا ريح مهبها المستوى مَوضِع مطلع الشَّمْس إِذا اسْتَوَى اللَّيْل وَالنَّهَار وَالدبور الرّيح الَّذِي يُقَابل الصِّبَا وَيُقَال الصِّبَا مَقْصُورَة الرّيح الشرقية وَالدبور بِفَتْح الدَّال الرّيح الغربية وَيُقَال الصِّبَا الَّتِي تَجِيء من ظهرك إِذا اسْتقْبلت الْقبْلَة وَالدبور الَّتِي تَجِيء من قبل وَجهك إِذا استقبلتها وَعَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ مهب الصِّبَا من مطلع الثريا إِلَى بَنَات نعش ومهب الدبور من مسْقط النسْر الطَّائِر إِلَى سُهَيْل وَالصبَا ريح الْبرد وَالدبور ريح الصَّيف وَعَن أبي عُبَيْدَة الصِّبَا للإلذاذ وَالدبور للبلاء وأهونه أَن يكون غبارا عاصفا يقذي الْأَعْين وَهِي أقلهن هبوبا وَفِي التَّفْسِير ريح الصِّبَا هِيَ الَّتِي حملت ريح يُوسُف عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قبل البشير إِلَيْهِ فإليها يستريح كل محزون وَالدبور هِيَ الرّيح الْعَقِيم يُقَال صبا وصبيان وصبوات وأصباء وكتابتها بِالْألف لقَولهم صبَّتْ الرّيح تصبو أصبا إِذا هبت وَقَالَ أَبُو عَليّ الصِّبَا وَالدبور يكونَانِ اسْما وَصفَة وَالدبور يجمع على دبر وأدبار ودبائر وَيجمع قبُول على قبائل يُقَال قبلت الرّيح تقبل قبولا ودبرت تدبر دبورا وَيُقَال أَقبلنَا من الْقبُول وأصبينا من الصِّبَا وأدبرنا من الدبور فَنحْن مصبون ومدبرون فَإِذا أردْت أَنَّهَا أصابتنا قلت قبلنَا فَنحْن مقبولون وصبينا فَنحْن مصبون ومصبيون ودبرنا فَنحْن مدبرون -
٥٣٠١ - حدَّثنا مُسْلِمٌ قَالَ حدَّثنا شُعْبَة عنِ الحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبِيَّ قَالَ نُصِرْتُ بِالصبَا وَأُهْلِكَتْ عادٌ بِالدَّبُورِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم، وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ ابْن عتيبة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي بَدْء الْخلق عَن آدم وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، عَن مُحَمَّد بن عرْعرة وَفِي الْمَغَازِي عَن مُسَدّد عَن يحيى. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي مُوسَى وَبُنْدَار، ثَلَاثَتهمْ عَن غنْدر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: (نصرت بالصبا) ، ونصرته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالصبا كَانَ يَوْم الخَنْدَق، بعث الله الصِّبَا ريحًا بَارِدَة على الْمُشْركين فِي ليَالِي شَاتِيَة شَدِيدَة الْبرد، فأطفأت النيرَان وَقطعت الْأَوْتَاد والأطناب وَأَلْقَتْ الْمضَارب والأخبية، فَانْهَزَمُوا بِغَيْر قتال لَيْلًا، قَالَ الله تَعَالَى: {إِذا جاءتكم جنود فارسلنا عَلَيْهِم ريحًا وجنودا لم تَرَوْهَا} (الْأَحْزَاب: ٩) . وَأما عَاد فَإِنَّهُ: ابْن عوص بن أرم بن سَام بن نوح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فتفرعت أَوْلَاده، فَكَانُوا ثَلَاث عشرَة قَبيلَة ينزلون الْأَحْقَاف وبلادها، وَكَانَت دِيَارهمْ بالدهناء وعالج وبثرين ووبار إِلَى حَضرمَوْت، وَكَانَت أخصب الْبِلَاد، فَلَمَّا سخط الله تَعَالَى عَلَيْهِم جعلهَا مفاوز، فَأرْسل الله عَلَيْهِم الدبور فأهلكتهم، وَكَانَت {عَلَيْهِم سبع لَيَال وَثَمَانِية أَيَّام حسوما} (الحاقة: ٧) . أَي: متتابعة ابتدأت غدْوَة الْأَرْبَعَاء وسكنت فِي آخر الثَّامِن، وَاعْتَزل هود نَبِي الله، عَلَيْهِ السَّلَام، وَمن مَعَه من الْمُؤمنِينَ فِي حَظِيرَة لَا يصيبهم مِنْهَا إلاّ مَا يلين الْجُلُود وتلذ الْأَعْين، وَقَالَ مجاهذ: وَكَانَ قد آمن مَعَه أَرْبَعَة آلَاف، فَذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute