وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة مصغر نصر بن أبي الْأَشْعَث بالشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة القرادي بِضَم الْقَاف وبالراء وبالدال الْمُهْملَة، وَلَيْسَ لنصير فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الْوَضع، وَابْن موهب هُوَ عُثْمَان بن عبد الله بن موهب.
قَوْله: (أرته) من الإراءة.
٦٧ - (بابُ الخِضابِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان تَغْيِير لون الشيب فِي الرَّأْس واللحية بالخضاب، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الخضاب مَا يختضب بِهِ، وَقد خضبت الشَّيْء أخضبه خضباً واختضبت بِالْحِنَّاءِ وَنَحْوه، وكف خضيب وَوجه ذكر هَذَا الْبَاب هُنَا لِأَن فِيهِ نوع زِينَة.
٥٨٩٩ - حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا الزُّهْرِيُّ عنْ أبي سَلَمَةَ وسُلَيْمانَ بنِ يَسارٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ اليَهُودَ والنَّصارَى لَا يَصْبُغُونَ، فَخالِفُوهُمْ. (انْظُر الحَدِيث ٣٤٦٢) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فخالفونهم) لِأَن مخالفتهم بالخضاب. والحمدي قد تكَرر ذكره، وَهُوَ عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى حميد أحد أجداده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم، وَأَبُو سَلمَة ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَسليمَان بن يسَار ضد الْيَمين.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الزِّينَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَغَيره. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي اللبَاس عَن أبي بكر بن أبي شيبَة.
قَوْله: (فخالفوهم) يَعْنِي بالصبغ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فخالفوا عَلَيْهِم، واصبغوا. قيل: ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُوَافق أهل الْكتاب مَا لم ينزل عَلَيْهِ شَيْء بِخِلَافِهِ، وَلِهَذَا قيل: شرع من قبلنَا يلْزمنَا مَا لم يقْض الله بالإنكار.
وَأجِيب بِأَنَّهُ كَانَ ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام ائتلافاً لَهُم وَمُخَالفَة لعبدة الْأَوْثَان، فَلَمَّا أغْنى الله عَن ذَلِك وَأظْهر الْإِسْلَام على الدّين كُله أحب الْمُخَالفَة، وَقَالَ ابْن أبي عَاصِم: قَوْله: (فخالفوهم) إِبَاحَة مِنْهُ أَن يُغير الشيب بِكُل مَا شَاءَ المغير لَهُ، إِذْ لم يتَضَمَّن قَوْله: (فخالفوهم) أَن اصبغوا بِكَذَا وَكَذَا دون كَذَا وَكَذَا، وَرُوِيَ من حَدِيث الْأَجْلَح عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أبي الْأسود الدؤَلِي عَن أبي ذَر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أحسن مَا غيرتم بِهِ الشيب الْحِنَّاء والكتم، وَفِي رِوَايَة: إِنَّه أفضل، وَعَن ابْن عَبَّاس وَأنس وَعبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه مثله، وَمن حَدِيث الضَّحَّاك ابْن حَمْزَة عَن غيلَان بن جَامع وإياد بن لَقِيط عَن أبي رمثة قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَله شعر مخضوب بِالْحِنَّاءِ والكتم، وروى أَحْمد بِسَنَد حسن عَن أبي أُمَامَة قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، على مشيخة من الْأَنْصَار بيض لحاهم، فَقَالَ: يَا معشر الْأَنْصَار حمروا وصفروا وخالفوا أهل الْكتاب، وروى ابْن أبي عَاصِم من حَدِيث هِشَام عَن أَبِيه عَن الزبير بن الْعَوام قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: غيروا الشيب وَلَا تشبهوا باليهود، وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: اخضبوا فَإِن الْيَهُود وَالنَّصَارَى لَا يخضبون.
وَالْكَلَام فِي هَذَا الْبَاب على نَوْعَيْنِ.
الأول: فِي تَغْيِير الشيب، وَاخْتلفُوا فِيهِ، فروى شُعْبَة عَن الركين بن الرّبيع قَالَ: سَمِعت الْقَاسِم بن مُحَمَّد يحدث عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ، أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يكره تَغْيِير الشيب، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: من شَاب شيبَة فِي الْإِسْلَام كَانَت لَهُ نورا يَوْم الْقِيَامَة إلَاّ أَن ينتفها أَو يخضبها، وَعَن ابْن مَسْعُود: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكره خِصَالًا، فَذكر مِنْهَا: تَغْيِير الشيب، وَقد غير جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الشيب، فَروِيَ عَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ: كَانَ أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ، يخرج إِلَيْنَا وَكَانَ لحيته ضرام العرفج من الْحِنَّاء والكتم، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: اختضب أَبُو بكر بِالْحِنَّاءِ والكتم، واختضب عمر رَضِي الله عَنهُ، بِالْحِنَّاءِ بحتاً بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، أَي: صرفا خَالِصا، وَكَانَ الشّعبِيّ وَابْن أبي مليكَة يختضبان بِهِ، وَمِمَّنْ كَانَ يصْبغ بالصفرة عَليّ وَابْن عمر والمغيرة وَجَرِير البَجلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَعَطَاء وَأَبُو وَائِل وَالْحسن وطاووس وَسَعِيد بن الْمسيب، وَقَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ: وَالصَّوَاب عندنَا أَن الْآثَار الَّتِي رويت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بتغييره وَالنَّهْي عَنهُ صِحَاح، وَلَكِن بَعْضهَا عَام وَبَعضهَا خَاص، فَقَوله: خالفوا الْيَهُود وغيروا الشيب، المُرَاد مِنْهُ الْخُصُوص أَي: غيروا الشيب الَّذِي هُوَ نَظِير شيبَة أبي قُحَافَة، وَأما من كَانَ أشمط فَهُوَ الَّذِي أمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن لَا يُغَيِّرهُ. وَقَالَ: