للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذِه الْمَرْأَة عَلَيْهِ، أَو لَا تبْكي فَإِن الْمَلَائِكَة قد أظلته بأجنحتها، فَلَا يَنْبَغِي الْبكاء لأَجله لحُصُول هَذِه الْمنزلَة بل يَنْبَغِي أَن يفرح بذلك.

٥٣ - (بابٌ لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الجُيُوبَ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ لَيْسَ منا من شقّ الْجُيُوب، وَإِنَّمَا ذكر شقّ الْجُيُوب فِي التَّرْجَمَة خَاصَّة مَعَ أَن الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْبَاب ثَلَاثَة أَشْيَاء تَنْبِيها على أَن النَّفْي الَّذِي حَاصله التبري يَقع بِكُل وَاحِد من الثَّلَاثَة، وَلَا يشْتَرط وُقُوع الْمَجْمُوع. فَإِن قلت: الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة مَذْكُورَة بِالْوَاو، وَهُوَ لمُطلق الْجمع. قلت: الْوَاو بِمَعْنى: أَو، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث مَسْرُوق عَن عبد الله، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَيْسَ منا من ضرب الخدود أَو شقّ الْجُيُوب أَو دَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّة) . وَله فِي رِوَايَة: بِالْوَاو، فَإِذا كَانَت رِوَايَتَانِ إِحْدَاهمَا بِأَو، وَالْأُخْرَى: بِالْوَاو، تحمل الْوَاو على أَو فَإِن قلت: مَا وَجه تَخْصِيص شقّ الْجُيُوب من بَين الثَّلَاثَة؟ قلت: هُوَ أَشد الثَّلَاثَة قبحا وأبشعها، مَعَ أَن فِيهِ خسارة المَال فِي غير وَجه.

٤٩٢١ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدثنَا سُفْيَانُ قَالَ حدثَنا زُبَيْدٌ اليَامِيُّ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ مَسْرُوقٍ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ وشَقَّ الجُيُوبَ ودَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم سِتَّة: الأول: أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن. الثَّانِي: سُفْيَان الثَّوْريّ. الثَّالِث: زبيد، بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال: ابْن الْحَارِث بن عبد الْكَرِيم اليامي، بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف مِيم مَكْسُورَة: من بني يام بن رَافع بن مَالك من هَمدَان، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني الأيامي، بِهَمْزَة فِي أَوله، مر فِي: بَاب خوف الْمُؤمن، فِي كتاب الْإِيمَان. الرَّابِع: إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. الْخَامِس: مَسْرُوق بن الأجدع. السَّادِس: عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم كوفيون. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ، وَإِبْرَاهِيم رأى عَائِشَة وَسمع الْمُغيرَة، قَالَه ابْن حبَان.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي (مَنَاقِب قُرَيْش) عَن ثَابت بن مُحَمَّد عَن سُفْيَان. وَأخرجه فِي الْجَنَائِز أَيْضا عَن بنْدَار، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن يحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، وَعَن عُثْمَان بن جرير، وَعَن إِسْحَاق وَعلي بن خشرم، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن بشار وَبُنْدَار عَن يحيى بن سعيد وَعَن إِسْحَاق بن مَسْعُود عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، كِلَاهُمَا عَن سُفْيَان بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور بِهِ، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد عَن وَكِيع وَعَن مُحَمَّد بن بشار عَن يحيى وَابْن مهْدي، ثَلَاثَتهمْ عَن سُفْيَان بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَيْسَ منا) ، أَي: لَيْسَ من أهل سنتنا وَلَا من المهتدين بهدينا، وَلَيْسَ المُرَاد الْخُرُوج بِهِ من الدّين جملَة، إِذْ الْمعاصِي لَا يكفر بهَا عِنْد أهل السّنة، أللهم إلَاّ أَن يعْتَقد حل ذَلِك، وسُفْيَان الثَّوْريّ أجراه على ظَاهره من غير تَأْوِيل لِأَن إجراءه كَذَلِك أبلغ فِي الإنزجار مِمَّا يذكر فِي الْأَحَادِيث الَّتِي صيغها: لَيْسَ منا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا للتغليظ، أللهم إلَاّ أَن يُفَسر دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة بِمَا يُوجب الْكفْر، نَحْو تَحْلِيل الْحَرَام وَعدم التَّسْلِيم لقَضَاء الله تَعَالَى، فَحِينَئِذٍ يكون النَّفْي حَقِيقَة. وَقَالَ ابْن بطال: مَعْنَاهُ: لَيْسَ مقتديا بِنَا وَلَا مستنا بسنتنا. وَقيل: مَعْنَاهُ: لَيْسَ على سيرتنا الْكَامِلَة وهدينا. وَقيل: مَعْنَاهُ مَحْمُول على المستحل لذَلِك. قَوْله: (من لطم الخدود) ، ويروى: (من ضرب الخدود) ، وَهُوَ جمع: خد، وَخص بذلك لكَون اللَّطْم أَو الضَّرْب غَالِبا يكون فِي الخد، وإلَاّ فَضرب بَقِيَّة الْوُجُوه دَاخل فِي ذَلِك. قَوْله: (وشق الْجُيُوب) ، بِضَم الْجِيم: جمع: جيب وَهُوَ مَا يفتح من الثَّوْب ليدْخل فِيهِ الرَّأْس، وَهُوَ الطوق فِي لُغَة الْعَامَّة. وَقَالَ بَعضهم: المُرَاد بشقه إِكْمَال فَتحه إِلَى آخِره، وَهِي من عَلَامَات التسخط،

<<  <  ج: ص:  >  >>