(أللهم لَا خير إلَاّ خير الْآخِرَة)
وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
وفِيهِ يَزيدُ عنْ سَلَمَةَ
أَي: وَفِي الْبَاب أَيْضا روى يزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد، مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع عَن مَوْلَاهُ سَلمَة بن الْأَكْوَع، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَة خَيْبَر، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
٤٣٠٣ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدَّثنا أبُو الأحْوَصِ قَالَ حدَّثَنَا أبُو إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ رأيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ الخَنْدَقَ وهْوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حتَّى وارَى التُّرَابَ شَعَرَ صَدْرِهِ وكانَ رَجُلاً كَثِيرَ الشَّعَرِ وهْوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ الله بنِ رَوَاحَةَ.
(أللَّهُمَّ لَوْلَا أنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا)
(فأنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا)
(إنَّ الأعْدَاءَ قَدْ بَغَوْا علَيْنَا ... إذَا أرَادُوا فِتْنَةً أبَيْنا)
يرفَعُ بِهَا صَوْتَهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَهُوَ يرتجز برجز عبد الله) ، وَفِي قَوْله: (يرفع بهَا صَوته) وَأَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم الْحَنَفِيّ، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي الْكُوفِي. والْحَدِيث مضى فِي: بَاب حفر الخَنْدَق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: عَن حَفْص ابْن عمر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق ... إِلَى آخِره. وَفِيه: وَقد وارى التُّرَاب بَيَاض بَطْنه، وَهنا زِيَادَة، وَهِي قَوْله: وَكَانَ رجلا كثير الشّعْر. وَفِيه أَيْضا هُنَا: وَهُوَ يرتجز برجز عبد الله، وَهُوَ عبد الله بن رَوَاحَة الْأنْصَارِيّ الْحَارِثِيّ البدري، النَّقِيب الشَّاعِر وَهنا: إِن الْأَعْدَاء، وَهُنَاكَ: إِن الأولى، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (وَهُوَ ينْقل) ، الْوَاو فِيهِ للْحَال، وَكَذَا الْوَاو فِي قَوْله: (وَهُوَ يرتجز) قَوْله: (بغوا) ، من الْبَغي، وَهُوَ الاستطالة وَالظُّلم. قَوْله: (أَبينَا) ، من الإباء وَهُوَ الِامْتِنَاع. قَوْله: (يرفع بهَا صَوته) جملَة وَقعت حَالا من قَوْله: (وَهُوَ يرتجز) .
٢٦١ - (بابُ مَنْ لَا يَثْبُتُ علَى الخَيْلِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر مَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الدُّعَاء فِي حق من لَا يثبت على الْخَيل، وَقَالَ بَعضهم: بَاب من لَا يصبت على الْخَيل، أَي: يَنْبَغِي لأهل الْخَيْر أَن يَدْعُو لَهُ بالثبات. قلت: مَا أبعد هَذَا التَّفْسِير من معنى التَّرْجَمَة على مَا لَا يخفى على المتأمل، بل يَنْبَغِي أَن يُفَسر مثل مَا فسرنا، ثمَّ يُقَال: وَيَنْبَغِي لأهل الْخَيْر أَن يَدْعُو لَهُ بالثبات تأسياً بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ دَعَا لجرير حِين شكا إِلَيْهِ من عدم ثباته على الْخَيل.
٥٣٠٣ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله بنِ نُمَيْرٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ إدْرِيسَ عنْ إسْمَاعِيلَ عنْ قَيْسٍ عنْ جَرِيرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُنْذُ أسْلَمْتُ ولَا رآنِي إلَاّ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي. ولَقَدْ شَكَوْتُ إلَيْهِ أنِّي لَا أثْبُتُ علَى الخَيْلِ فَضَرَب بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ أللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ واجْعَلْهُ هادِياً مَهْدِيَّاً..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا أثبت على الْخَيل) وَابْن إِدْرِيس هُوَ عبد الله بن إِدْرِيس بن يزِيد، مَاتَ سنة ثِنْتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي البَجلِيّ الْكُوفِي، وَقيس بن أبي حَازِم.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَدَب أَيْضا عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن نمير أَيْضا، وَفِي فضل جرير عَن إِسْحَاق الوَاسِطِيّ، وَأخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن عبد الحميد بن بَيَان وَيحيى بن يحيى وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن ابْن نمير، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي المناقب عَن أَحْمد بن منيع، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة.