أَنَّهَا كَانَت عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأتى بقصعة من ثريد فَأكلت مَعَه وَمَعَهُ ذُو الْيَدَيْنِ فناولها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرقا فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ يَا أم إِسْحَق أصيبي من هَذَا فَذكرت أَنِّي كنت صَائِمَة فبردت يَدي لَا أقدمها وَلَا أؤخرها فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لَك قَالَت كنت صَائِمَة فنسيت فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ الْآن بَعْدَمَا شبعت فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتمي صومك فَإِنَّمَا هُوَ رزق سَاقه الله إِلَيْك " وبشار بن عبد الْملك الْمُزنِيّ ضعفه يحيى بن معِين وَأم حَكِيم اسْمهَا خَوْلَة قَوْله " إِذا نسي " أَي الصَّائِم قَوْله " فَأكل وَشرب " ويروى " أَو شرب " قَوْله " فليتم صَوْمه " وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ " فَلَا يفْطر " قَالَ شَيخنَا يجوز أَن يكون لَا فِي جَوَاب الشَّرْط للنَّهْي وَيفْطر مَجْزُومًا وَيجوز أَن تكون لَا نَافِيَة وَيفْطر مَرْفُوعا وَهُوَ أولى فَإِنَّهُ لم يرد بِهِ النَّهْي عَن الْإِفْطَار وَإِنَّمَا المُرَاد أَنه لم يحصل إفطار النَّاسِي بِالْأَكْلِ وَيكون تَقْدِيره من أكل أَو شرب نَاسِيا لم يفْطر قَوْله " فَإِنَّمَا " تَعْلِيل لكَون النَّاسِي لَا يفْطر وَوجه ذَلِك أَن الرزق لما كَانَ من الله لَيْسَ فِيهِ للْعَبد تحيل فَلَا ينْسب إِلَيْهِ شبه الْأكل نَاسِيا بِهِ لِأَنَّهُ لَا صنع للْعَبد فِيهِ وَإِلَّا فالأكل مُتَعَمدا حَيْثُ جَازَ لَهُ الْفطر رزق من الله تَعَالَى بِإِجْمَاع الْعلمَاء وَكَذَلِكَ هُوَ رزق وَإِن لم يجز لَهُ الْفطر على مَذْهَب أهل السّنة وَقد يسْتَدلّ بِمَفْهُوم هَذَا الحَدِيث من يَقُول بِأَن الْحَرَام لَا يُسمى رزقا وَهُوَ مَذْهَب الْمُعْتَزلَة وَالْمَسْأَلَة مقررة فِي الْأُصُول (فَإِن قلت) كَيفَ وَجه الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث على أَن الْأكل وَالشرب نَاسِيا لَا يُوجب شَيْئا وَلَا ينْقض صَوْمه (قلت) قَوْله " فليتم " أَمر بالإتمام وسمى الَّذِي يتمه صوما وَالْحمل على الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة هُوَ الْوَجْه ثمَّ لَا فرق عندنَا وَعند الشَّافِعِي بَين الْقَلِيل وَالْكثير وَقَالَ الرَّافِعِيّ فِيهِ وَجْهَان كالوجهين فِي بطلَان الصَّلَاة بالْكلَام الْكثير وَحمل بعض الشَّافِعِيَّة الحَدِيث على صَوْم التَّطَوُّع حَكَاهُ ابْن التِّين عَن ابْن شعْبَان وَكَذَا قَالَ ابْن الْقصار لِأَنَّهُ لم يَقع فِي الحَدِيث تعْيين رَمَضَان فَيحمل على التَّطَوُّع وَقَالَ الْمُهلب وَغَيره لم لم يذكر فِي الحَدِيث إِثْبَات الْقَضَاء فَيحمل على سُقُوط الْكَفَّارَة عَنهُ وَإِثْبَات عذره وَرفع الْإِثْم عَنهُ وَبَقَاء نِيَّته الَّتِي بَيتهَا وَالْجَوَاب عَن ذَلِك كُله بِمَا رَوَاهُ ابْن حبَان من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور آنِفا فَإِن فِيهِ تعْيين رَمَضَان وَنفي الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة (فَإِن قلت) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تفرد بِهِ مُحَمَّد بن مَرْزُوق عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ (قلت) أخرجه ابْن خُزَيْمَة أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْبَاهِلِيّ وَأخرجه الْحَاكِم من طَرِيق أبي حَازِم الرَّازِيّ كِلَاهُمَا عَن الْأنْصَارِيّ -
٧٢ - (بابٌ السوَاكُ الرَّطْبُ والْيابِسُ لِلصَّائِمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اسْتِعْمَال السِّوَاك الرطب، وَبَيَان حكم اسْتِعْمَال السِّوَاك الْيَابِس. قَوْله: (الرطب واليابس) ، صفتان للسواك، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَقع: بَاب سواك الرطب واليابس، من قبيل قَوْلهم: مَسْجِد الْجَامِع، وَالْأَصْل فِيهِ أَن الصّفة لَا يُضَاف إِلَيْهَا موصوفها، فَإِن وجد ذَلِك يقدر مَوْصُوف كَمَا فِي هَذِه الصُّورَة، وَالتَّقْدِير: مَسْجِد الْمَكَان الْجَامِع، وَكَذَلِكَ قَوْلهم: صَلَاة الأولى أَي: صَلَاة السَّاعَة الأولى، وَكَذَلِكَ التَّقْدِير فِي: سواك الرطب، سواك الشّجر الرطب. قلت: مَذْهَب الْكُوفِيّين فِي هَذَا أَن الصّفة يذهب بهَا مَذْهَب الْجِنْس، ثمَّ يُضَاف الْمَوْصُوف إِلَيْهَا كَمَا يُضَاف بعض الْجِنْس إِلَيْهِ، نَحْو: خَاتم حَدِيد، فعلى هَذَا لَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير مَحْذُوف، وَقَالَ بَعضهم: وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى الرَّد على من كره للصَّائِم الاستياك بِالسِّوَاكِ الرطب كالمالكية وَالشعْبِيّ قلت: لم يكن مُرَاده أصلا من وضع هَذِه التَّرْجَمَة مَا قَالَه هَذَا الْقَائِل، وَإِنَّمَا لما أورد فِي هَذَا الْبَاب الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا فِيهِ الَّتِي دلّت بعمومها على جَوَاز الاستياك للصَّائِم مُطلقًا، سَوَاء كَانَ سواكا رطبا أَو سواكا يَابسا ترْجم لذَلِك بقوله: بَاب السِّوَاك الرطب ... إِلَى آخِره.
ويُذْكَرُ عنْ عَامِرِ بنِ رَبِيعَةَ قَالَ رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسْتَاكُ وهُوَ صَائِمٌ مَا لَا أُحْصِي أوْ أعُدُّ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَدِيث دلَالَة عُمُوم قَوْله: (يستاك) على جَوَاز الاستياك مُطلقًا، سَوَاء كَانَ الاستياك بِالسِّوَاكِ الرطب أَو الْيَابِس، وَسَوَاء كَانَ صَائِما فرضا أَو تَطَوّعا، وَسَوَاء كَانَ فِي أول النَّهَار أَو فِي آخِره. وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي: بَاب اغتسال الصَّائِم، وَيذكر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه استاك وَهُوَ صَائِم، وَذكر هُنَا: وَيذكر عَن عَامر بن ربيعَة ... إِلَى آخِره، وَذكرنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute