مَمْنُوعَة لِأَن كلا مِنْهُمَا لَا يكون إلَاّ فِيمَا لَا مَالك لَهُ، فيستويان فِي هَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله بلَغَنَا أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَمَى النَّقِيعَ وأنَّ عُمَرَ حَمى السَّرَفَ والرَّبَذَةَ
وَقع للأكثرين من الروَاة هَكَذَا، وَقَالَ: بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِدُونِ لفظ أَبُو عبد الله، وَلم يَقع: قَالَ أَبُو عبد الله، إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقَالَ ابْن التِّين: وَقع فِي بعض رِوَايَات البُخَارِيّ: وَقَالَ أَبُو عبد الله: وبلغنا، فَجعله من قَول البُخَارِيّ، وَقَالَ بَعضهم: فَظن بعض الشُّرَّاح أَنه من كَلَام البُخَارِيّ المُصَنّف وَلَيْسَ كَذَلِك. قلت: إِن كَانَ مُرَاده من بعض الشُّرَّاح ابْن التِّين فَلَيْسَ كَذَلِك، لَان ابْن التِّين لم يقل إِنَّه من كَلَام البُخَارِيّ، وَإِنَّمَا هُوَ ناقل وَلَيْسَ بقائل، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع فِي قَوْله: فَجعله، يرجع إِلَى ناقل هَذِه الرِّوَايَة من أبي ذَر وَلَيْسَ يرجع إِلَى ابْن التِّين، وَلم يدر نِسْبَة الظَّن إِلَى أَي شَارِح من شرَّاح البُخَارِيّ، وَالْحَاصِل أَن رِوَايَة الْأَكْثَرين هِيَ الصَّحِيحَة، وَأَن الضَّمِير فِي قَوْله: وَقَالَ: بلغنَا، يرجع إِلَى الزُّهْرِيّ، وَأَنه من الْبَلَاغ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ. وَذكر أَبُو دَاوُد أَن الْقَائِل: وبلغنا ... إِلَى آخِره ابْن شهَاب هُوَ الزُّهْرِيّ، رَحمَه الله، وروى فِي (سنَنه) من طَرِيق ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب، فَذكر الْمَوْصُول، والمرسل جَمِيعًا. أما الْمَوْصُول فَرَوَاهُ عَن سعيد بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس عَن الصعب بن جثامة: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمى النقيع، وَقَالَ: لَا حمى إلَاّ لله. وَأما الْمُرْسل فَهُوَ، قَالَ ابْن شهَاب: وَبَلغنِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حمى النقيع. قَوْله: (النقيع) ، بالنُّون، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب. قَوْله: (وَأَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حمى الشّرف والربذة) عطف على قَوْله: (بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَهُوَ أَيْضا من بَلَاغ الزُّهْرِيّ، و: الشّرف، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَفِي آخِره فَاء، وَهُوَ الْمَشْهُور، وَذكر عِيَاض أَنه عِنْد البُخَارِيّ بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء، وَالصَّوَاب الأول، لِأَن الشّرف بِالْمُعْجَمَةِ من عمل الْمَدِينَة، وبالمهملة وَكسر الرَّاء من عمل مَكَّة، وَلَا تدخله الْألف وَاللَّام، بَينهَا وَبَين مَكَّة سِتَّة أَمْيَال، وَقيل: سَبْعَة، وَقيل: تِسْعَة، وَقيل: اثْنَي عشر، والربذة، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة المفتوحات: قَرْيَة قريبَة من ذَات عرق، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة ثَلَاث مراحل، وَقد مر تَفْسِيره فِيمَا مضى أَيْضا. وروى ابْن أبي شيبَة بِإِسْنَاد صَحِيح عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حمى الربذَة لنعم الصَّدَقَة.
٢١ - (بابُ شُرْبِ النَّاسِ وسَقْيِ الدَّوَابِّ مِنَ الأنْهَارِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال شرب النَّاس وَسقي الدَّوَابّ من الْأَنْهَار، مَقْصُوده الْإِشَارَة إِلَى أَن مَاء الْأَنْهَار الْجَارِيَة غير مُخْتَصّ لأحد. وَقَامَ الْإِجْمَاع على جَوَاز الشّرْب مِنْهَا دون اسْتِئْذَان أحد، لِأَن الله تَعَالَى خلقهَا للنَّاس وللبهائم وَلَا مَالك لَهَا غير الله، فَإِذا أَخذ أحد مِنْهَا شَيْئا فِي وعائه صَار ملكه فيتصرف فِيهِ بِالْبيعِ وَالْهِبَة وَالصَّدَََقَة وَنَحْوهَا، فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمَالك: لَا بَأْس بِبيع المَاء بِالْمَاءِ مُتَفَاضلا وَإِلَى أجل، وَقَالَ مُحَمَّد: هُوَ مِمَّا يُكَال أَو يُوزن، وَقد صَحَّ أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يتَوَضَّأ بِالْمدِّ ويغتسل بالصاع، فعلى هَذَا لَا يجوز عِنْده فِيهِ التَّفَاضُل وَلَا النَّسِيئَة لوُجُود عِلّة الرِّبَا، وَهِي الْكَيْل وَالْوَزْن، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، لِأَن الْعلَّة الطّعْم.
١٧٣٢ - حدَّثنا عبدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكُ بنُ أنَسٍ عنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عنْ أبِي صالِحٍ السَّمَّانِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الخَيْلُ لِرَجُلٍ أجْرٌ ولِرَجُلٍ سِتْرٌ وعلَى رجُلٍ وزْرٌ فأمَّا الَّذِي لَهُ أجْر فرَجُلٌ ربَطَها فِي سَبِيلِ الله فأطالَ بِها فِي مَرْجٍ أوْ رَوْضَةٍ فَما أصَابَتْ فِي طِيَلِها ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أوِ الرَّوْضَةِ كانَتْ لَهُ حَسَناتٍ ولوْ أنَّهُ انْقَطَعَ طِيَلُها فاستَنَّتْ شَرَفاً أوْ شَرَفَيْنِ كانَتْ آثارُها وأرْوَاثُها حَسناتٍ لَهُ ولَوْ أنَّها مَرَّت بِنَهْرٍ فشَرِبَتْ مِنْهُ ولَم يُرِدْ أنْ يَسْقِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute