للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ ذلِكَ حَسناتٍ لَهُ فَهْيَ لِذَلِكَ أجرٌ ورجلٌ ربَطهَا تغَنِّياً وتعَفُّفاً ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ الله فِي رِقابِهَا وَلَا ظُهُورِها فَهْيَ لِذَلِكَ سترٌ ورَجلٌ ربَطَهَا فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأهْلِ الإسْلَامِ فَهْيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ وسُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الحُمُرِ فَقَالَ مَا أُنْزِلَ علَيَّ فِيها شَيءٌ إلَاّ هذهِ الآيَةُ الجامِعَةُ الْفَاذةُ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهْ ومَنْ يَعْملْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهْ} (الزلزلة: ٧، ٨) . .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ) وتوضيحه أَن مَاء النَّهر لَو كَانَ مُخْتَصًّا لأحد لاحتيج إِلَى إِذْنه، وَحَيْثُ أطلقهُ الشَّارِع يدل على أَنه غير مُخْتَصّ بِأحد وَلَا فِي ملك أحد. وَقَالَ بَعضهم: وَالْمَقْصُود مِنْهُ، أَي: من هَذَا الحَدِيث، قَوْله فِيهِ: (وَلَو أَنَّهَا مرت بنهر فَشَرِبت مِنْهُ) وَلم يرد أَن يسْقِي، فَإِنَّهُ يشْعر بِأَن من شَأْن الْبَهَائِم طلب المَاء وَلَو لم يرد ذَلِك صَاحبهَا، فَإِذا أجر على ذَلِك من غير قصد فيؤجر بِقَصْدِهِ من بَاب الأولى. انْتهى. قلت: غَرَض هَذَا الْقَائِل من هَذَا الْكَلَام بَيَان الْمُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث الْمَذْكُور، وَلَكِن بمعزل من ذَلِك وَبعد عَظِيم، لِأَن عقد التَّرْجَمَة فِي بَيَان أَن مَاء الْأَنْهَار لَا يخْتَص بِأحد يشرب مِنْهَا النَّاس وَالدَّوَاب، وَلَيْسَت بمعقودة فِي حُصُول الْأجر بِقصد صَاحب الدَّابَّة وَبِغَيْرِهِ قصد إِذا شربت مِنْهُ.

وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو صَالح ذكْوَان.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد، وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن القعْنبِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الِاعْتِصَام عَن إِسْمَاعِيل، كِلَاهُمَا عَن مَالك عَنهُ بِهِ وَفِي التَّفْسِير أَيْضا عَن يحيى بن سُلَيْمَان عَن ابْن وهب عَن مَالك بِقصَّة الْحمر. وَأخرجه مُسلم فِي الزَّكَاة عَن سُوَيْد بن سعيد وَعَن يُونُس عَن ابْن وهب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْخَيل عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك بِقصَّة الْخَيل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (أجر) : أَي: ثَوَاب. قَوْله: (ستر) أَي: سَاتِر لفقره ولحاله. قَوْله: (وزر) ، أَي: إِثْم وَثقل. قَوْله: (ربطها فِي سَبِيل الله) ، أَي: أعدهَا للْجِهَاد، وَأَصله من ربط الشَّيْء، وَمِنْه المرابط، وَهُوَ الرجل الَّذِي يحبس نَفسه فِي الثغور، والرباط هُوَ الْمَكَان الَّذِي يرابط فِيهِ الْمُجَاهِد ويعد الأهبة لذَلِك، وَقيل: من ربط صَاحبه عَن الْمعاصِي وعقله كمن ربط وعقل. قَوْله: (فَأطَال بهَا فِي مرج) ، أَي: شدها فِي طوله، الطول بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره لَام، وَكَذَلِكَ: الطيل، بِالْيَاءِ مَوضِع الْوَاو، وَهُوَ حَبل طَوِيل يشد أحد طَرفَيْهِ فِي وتد أَو غَيره والطرف الآخر فِي يَد الْفرس ليدور فِيهِ ويرعى، وَلَا يذهب لوجهه. وَقيل: هُوَ الْحَبل تشد بِهِ ويمسك صَاحبه بطرفه ويرسلها ترعى، وَقَالَ ابْن وهب: هُوَ الرسن، والمرج: الأَرْض الواسعة، قَالَ أَبُو الْمعَانِي: يجمع الْكلأ الْكثير وَالْمَاء تمرج فِيهَا الدَّوَابّ حَيْثُ شَاءَت، وَالْجمع: مروج. قَوْله: (طيلها) بِكَسْر الطَّاء، وَقد مر الْآن، وَأنكر يَعْقُوب الْيَاء، وَقَالَ: لَا يُقَال إلَاّ بِالْوَاو. وَعَن الْأَخْفَش: هما سَوَاء، وَزعم الخضراوي: أَن بَعضهم أجَاز فِيهِ: طوال، كَمَا تَقول الْعَامَّة، وَأنكر ذَلِك الزبيدِيّ، وَقَالَ: لَا أعرفهُ صَحِيحا. وَفِي (الْجَامِع) : وَمِنْهُم من يشدد فَيَقُول طول، وَمِنْه قَول الراجز:

(تعرضت لي فِي مَكَان حلي ... تعرض المهرة فِي الطِوَل)

وَقَالَ الْجَوْهَرِي: لم يسمع فِي الطول الَّذِي هُوَ الْحَبل إلَاّ بِكَسْر الأول وَفتح الثَّانِي وشدده الراجز ضَرُورَة، وَقد يَفْعَلُونَ مثل ذَلِك للتكثير، وَيزِيدُونَ فِي الْحَرْف من بعض حُرُوفه. وَفِي (الْمطَالع) : وَعند الْجِرْجَانِيّ: فِي طولهَا، فِي مَوضِع من البُخَارِيّ، وَكَذَا فِي مُسلم. قَوْله: (فاستنت) ، أَي: أفلتت ومرحت، والاستنان: قَالَ فِي (التَّلْوِيح) : الاستنان تفعل من السّنَن وَتَبعهُ على ذَلِك صَاحب (التَّوْضِيح) . قلت: هَذَا غلط، بل هُوَ افتعال، وَالسّنَن الْقَصْد، وَقيل: معنى استنت: لجت فِي عدوها إقبالاً وإدباراً، وَقيل: الاستنان يخْتَص بالجري إِلَى فَوق، وَقيل: هُوَ النشاط والمرح، وَفِي (البارع) : هُوَ كالرقص، وَقيل: استنت رعت، وَقيل: الجري بِغَيْر فَارس. قَوْله: (شرفا) ، بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء: مَا أشرف من الأَرْض وارتفع، وَقيل: الشّرف والشرفان

<<  <  ج: ص:  >  >>