قَوْله:(وَتقول جَهَنَّم هَل من مزِيد) قَالَ الثَّعْلَبِيّ: يحْتَمل أَن يكون هَذَا مجَازًا مجازه: هَل من مزِيد، وَيحْتَمل أَن يكون استفهاماً بِمَعْنى الاستزادة، وَإِنَّمَا صلح للوجهين لِأَن فِي الِاسْتِفْهَام ضربا من الْجحْد وطرفاً من النَّفْي. قَوْله:(مزِيد) اسْم بِمَعْنى الزِّيَادَة. قَوْله:(قدمه) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ من المتشابهات، وَقَالَ الْمُهلب: أَي مَا قدم لَهَا من خلقه وَسبق لَهَا بمشيئته ووعده مِمَّن يدخلهَا. وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل، معنى الْقدَم هُنَا الْكفَّار الَّذين سبق فِي علم الله تَعَالَى أَنهم من أهل النَّار، وَحمل الْقدَم على الْمُتَقَدّم لِأَن الْعَرَب تَقول للشَّيْء الْمُتَقَدّم: قدم، وَقيل: الْقدَم خلق يخلقه الله يَوْم الْقِيَامَة فيسميه قدماً ويضيفه إِلَيْهِ من طَرِيق الْفِعْل وَالْملك يَضَعهُ فِي النَّار فتمتلىء النَّار مِنْهُ، وَقيل: المُرَاد بِهِ قدم بعض خلقه فأضيف إِلَيْهِ كَمَا يَقُول: ضرب الْأَمِير اللص، على معنى أَنه عَن أمره، وَسُئِلَ الْخَلِيل عَن معنى هَذَا الْخَبَر فَقَالَ: هم قوم قدمهم الله تَعَالَى إِلَى النَّار. وَعَن عبد الله بن الْمُبَارك: من قد سبق فِي علمه أَنهم من أهل النَّار، وكل مَا تقدم فَهُوَ قدم، قَالَ الله تَعَالَى:{إِن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم}(يُونُس: ٢) يَعْنِي: أعمالاً صَالِحَة قدموها، وَرُوِيَ عَن حسان بن عَطِيَّة: حَتَّى يضع الْجَبَّار قدمه، بِكَسْر الْقَاف، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن وهب بن مُنَبّه، وَقَالَ: إِن الله تَعَالَى قد كَانَ خلق قوما قبل آدم عَلَيْهِ السَّلَام، يُقَال لَهُم: الْقدَم، رؤوسهم كرؤوس الْكلاب وَالدَّوَاب وَسَائِر أعضائهم كأعضاء بني آدم، فعصوا رَبهم فأهلكهم الله تَعَالَى يمْلَأ الله جَهَنَّم مِنْهُم حِين تستزيد فَإِن قلت: جَاءَ فِي مُسلم: حَتَّى يضع تبَارك وَتَعَالَى فِيهَا رجله، فَتَقول: قطّ قطّ. فهنالك تمتلىء.