للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن الرّبيع بن مُحَمَّد عَن آدم بِهِ.

قَوْله: (وَتقول جَهَنَّم هَل من مزِيد) قَالَ الثَّعْلَبِيّ: يحْتَمل أَن يكون هَذَا مجَازًا مجازه: هَل من مزِيد، وَيحْتَمل أَن يكون استفهاماً بِمَعْنى الاستزادة، وَإِنَّمَا صلح للوجهين لِأَن فِي الِاسْتِفْهَام ضربا من الْجحْد وطرفاً من النَّفْي. قَوْله: (مزِيد) اسْم بِمَعْنى الزِّيَادَة. قَوْله: (قدمه) قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ من المتشابهات، وَقَالَ الْمُهلب: أَي مَا قدم لَهَا من خلقه وَسبق لَهَا بمشيئته ووعده مِمَّن يدخلهَا. وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل، معنى الْقدَم هُنَا الْكفَّار الَّذين سبق فِي علم الله تَعَالَى أَنهم من أهل النَّار، وَحمل الْقدَم على الْمُتَقَدّم لِأَن الْعَرَب تَقول للشَّيْء الْمُتَقَدّم: قدم، وَقيل: الْقدَم خلق يخلقه الله يَوْم الْقِيَامَة فيسميه قدماً ويضيفه إِلَيْهِ من طَرِيق الْفِعْل وَالْملك يَضَعهُ فِي النَّار فتمتلىء النَّار مِنْهُ، وَقيل: المُرَاد بِهِ قدم بعض خلقه فأضيف إِلَيْهِ كَمَا يَقُول: ضرب الْأَمِير اللص، على معنى أَنه عَن أمره، وَسُئِلَ الْخَلِيل عَن معنى هَذَا الْخَبَر فَقَالَ: هم قوم قدمهم الله تَعَالَى إِلَى النَّار. وَعَن عبد الله بن الْمُبَارك: من قد سبق فِي علمه أَنهم من أهل النَّار، وكل مَا تقدم فَهُوَ قدم، قَالَ الله تَعَالَى: {إِن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم} (يُونُس: ٢) يَعْنِي: أعمالاً صَالِحَة قدموها، وَرُوِيَ عَن حسان بن عَطِيَّة: حَتَّى يضع الْجَبَّار قدمه، بِكَسْر الْقَاف، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن وهب بن مُنَبّه، وَقَالَ: إِن الله تَعَالَى قد كَانَ خلق قوما قبل آدم عَلَيْهِ السَّلَام، يُقَال لَهُم: الْقدَم، رؤوسهم كرؤوس الْكلاب وَالدَّوَاب وَسَائِر أعضائهم كأعضاء بني آدم، فعصوا رَبهم فأهلكهم الله تَعَالَى يمْلَأ الله جَهَنَّم مِنْهُم حِين تستزيد فَإِن قلت: جَاءَ فِي مُسلم: حَتَّى يضع تبَارك وَتَعَالَى فِيهَا رجله، فَتَقول: قطّ قطّ. فهنالك تمتلىء.

قلت: الرجل الْعدَد الْكثير من النَّاس وَغَيرهم، وَالْإِضَافَة من طَرِيق الْملك. قَوْله: (قطّ قطّ) ، مر الْكَلَام فِيهِ فِي سُورَة {ق} وَمَعْنَاهُ: حسبي حسبي اكتفيت وامتلئت، وَقيل: إِن ذَلِك حِكَايَة صَوت جَهَنَّم. قَالَ الْجَوْهَرِي: إِذا كَانَ بِمَعْنى حسبي وَهُوَ الِاكْتِفَاء فَهُوَ مَفْتُوح الْقَاف سَاكن الطَّاء، وَقَالَ ابْن التِّين: ورويناه بِكَسْرِهَا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِكَسْر الْقَاف. قَوْله: (ويزوي) بِضَم الْيَاء وَسُكُون الزَّاي وَفتح الْوَاو يَعْنِي: يجمع وَيقبض. قَوْله: (رَوَاهُ شُعْبَة) أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور شُعْبَة عَن قَتَادَة وصل البُخَارِيّ رِوَايَته فِي تَفْسِير سُورَة {ق} فَارْجِع إِلَيْهِ.

٣١ - (بابُ قَوْل الرَّجُلِ: لَعَمْرُ الله)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول الشَّخْص: لعمر الله، وَلم يبين حكمه اعْتِمَادًا على تَخْرِيج الطَّالِب، وَمَعْنَاهُ لحياة الله وبقاؤه، وَقَالَ الزّجاج: لعمر الله، كَأَنَّهُ حلف بِبَقَائِهِ تَعَالَى. قَالَ الْجَوْهَرِي: عمر الرجل بِالْكَسْرِ يعمر عمرا وعمراً على غير قِيَاس لِأَن قِيَاس مصدره التحريك أَي: عَاشَ زَمَانا طَويلا، وَإِن كَانَ المصدران بِمَعْنى إِلَّا أَنه اسْتعْمل فِي الْقسم المفتوح فَإِذا أدخلت عَلَيْهِ اللَّام رفعته بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف، أَي: مَا أقسم بِهِ، فَإِن لم تأت بِاللَّامِ نصبته نصب المصادر، فَقلت: عمر الله مَا فعلت كَذَا، وعمرك الله مَا فعلت، وَمعنى: لعمر الله، وَعمر الله أَحْلف بِبَقَاء الله ودوامه، فَإِذا قلت: عمرك الله، فكأنك قلت: لعمرك الله، أَي: بإقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ، وَأما حكمه فَهُوَ يَمِين عِنْد الْكُوفِيّين وَمَالك، وَقَالَ الشَّافِعِي: هُوَ كِنَايَة، يَعْنِي: لَا يكون يَمِينا إلَاّ بِالنِّيَّةِ، وَبِه قَالَ إِسْحَاق، وَإِذا قَالَ: لعمري، فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَة إِذا حنث فِيهَا، وَسَائِر الْفُقَهَاء لَا يرَوْنَ فِيهَا كَفَّارَة لِأَنَّهَا لَيست بِيَمِين عِنْده.

قَالَ ابنُ عَبَّاس: لَعَمُرُكَ لَعَيْشُكَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن ابْن عَبَّاس فسر: لعمرك، بقرابه: لعيشك. وَوَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الجوزاء عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {لعمرك} أَي: حياتك، فالحياة والعيش وَاحِد.

٢٦٦٦ - حدّثنا الأُوَيْسِيُّ حدّثنا إبْراهِيمُ عنْ صالِحٍ عنْ ابنِ شِهابٍ.

(ح) وحدّثنا حَجاجٌ حَدثنَا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حدّثنا يُونُسُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ وسَعِيدَ بنَ المسَيَّبِ وعَلْقَةَ بنَ وَقَّاصٍ وعُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله عنْ حَدِيثِ عائِشَةَ، زَوْجِ النبيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>