فِي حَدِيث ابْن عمر السَّابِق. ومعاذ، بِضَم الْمِيم: ابْن فضَالة، بِفَتْح الْفَاء وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة، وَقد مر فِي الصَّلَاة. وَأَبُو عمر، بِضَم الْعين: هُوَ حَفْص بن ميسرَة وَقد مر الْآن، وَزيد هُوَ زيد بن أسلم وَقد مر عَن قريب.
قَوْله (وَكَانَ طعامنا الشّعير) يدل صَرِيحًا على أَن المُرَاد من قَوْله: (صَاعا من طَعَام) أَنه أحد الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة، وَقد حققنا الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَوْله: (قَالَ أَبُو سعيد) منافٍ لما تقدم من قَوْلك: إِن الطَّعَام هُوَ الْحِنْطَة، ثمَّ أجَاب عَن هَذَا نصْرَة لمذهبه بقوله: لَا نزاع فِي أَن الطَّعَام بِحَسب اللُّغَة عَام لكل مطعوم، إِنَّمَا الْبَحْث فِيمَا يعْطف عَلَيْهِ الشّعير وَسَائِر الْأَطْعِمَة، فَإِن الْعَطف قرينَة لإِرَادَة الْمَعْنى الْعرفِيّ مِنْهُ، وَهُوَ الْبر بِخُصُوصِهِ. قلت: لَا نسلم أَن معنى هَذَا الْعَطف هُوَ الَّذِي قَالَه، بل هَذَا الْعَطف يدل على أَن الطَّعَام الَّذِي ذكره أَبُو سعيد هُوَ أحد الْأَصْنَاف الَّتِي ذكرهَا فِيهِ، لِأَنَّهُ مثل التَّفْسِير لما قبله، وَالْأَصْل اسْتِعْمَال الْأَلْفَاظ فِي مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّة، كَمَا عرف فِي مَوْضِعه. ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي أَيْضا: لِمَ لَا يكون من بَاب عطف الْخَاص على الْعَام نَحْو: {فَاكِهَة ونخل ورمان} (الرَّحْمَن: ٨٦) . وَأجَاب بِأَن هَذَا الْعَطف إِنَّمَا هُوَ فِيمَا إِذا كَانَ الْخَاص أشرف، وَهَذَا بعكس ذَلِك. قلت: لَا نسلم دَعْوَى عكس الأشرفية فِيمَا نَحن فِيهِ، وَلَا يَخْلُو هَذَا أما من حَيْثُ اللُّغَة أَو الشَّرْع أَو الْعرف، وكل مِنْهَا منتفٍ، أما اللُّغَة فَلَيْسَ فِيهَا ذَلِك، وَأما الشَّرْع فَعَلَيهِ الْبَيَان فِيهِ، وَأما الْعرف فَهُوَ مُشْتَرك. فَافْهَم.
٧٧ - (بابُ صَدَقَةِ الفِطْرِ عَلَى الحُرِّ وَالمَمْلُوكِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وجوب صَدَقَة الْفطر على الْحر والمملوك، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة أَن الْحر والمملوك يستويان فِي صَدَقَة الْفطر، لَكِن بَينهمَا فرق فِي جِهَة الْوُجُوب، لِأَن الْحر تجب على نَفسه والمملوك على سَيّده، وَلَكِن فِيهِ أَيْضا فرق وَهُوَ أَنه إِذا كَانَ للْخدمَة تجب على سَيّده، وَإِن كَانَ للتِّجَارَة فَلَا تجب خلافًا للشَّافِعِيّ. وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله: إِذا كَانَ: قُلْنَا بقول الْجُمْهُور، أَن صَدَقَة الْفطر على سيد العَبْد لَا على العَبْد، فَهَل وَجَبت على السَّيِّد ابْتِدَاء أَو وَجَبت على العَبْد وتحملها السَّيِّد بالانتقال عَنهُ؟ قَالَ الرَّوْيَانِيّ: ظَاهر الْمَذْهَب هُوَ الأول. قَالَ الإِمَام: وَذكر طَائِفَة من الْمُحَقِّقين أَن هَذَا الْخلاف فِي فطْرَة الزَّوْجَة، وَأما فطْرَة العَبْد فَتجب على السَّيِّد ابْتِدَاء بِلَا خلاف، وَتجب على السَّيِّد سَوَاء كَانَ العَبْد مَرْهُونا أَو مُسْتَأْجرًا أَو خائنا أَو ضَالًّا أَو مَغْصُوبًا أَو آبقا، لِأَن ملكه لَا يَنْقَطِع بذلك. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أجمع من يحفظ عَنهُ من أهل الْعلم أَن لَا صَدَقَة على الذِّمِّيّ عَن عَبده الْمُسلم، وَكَذَا ذكر فِي (الْمُحِيط) لِأَن الْفطْرَة زَكَاة فَلَا تجب على الْكَافِر زَكَاة، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: تجب عَلَيْهِ إِن كَانَ لَهُ مَال، لِأَن العَبْد يملك عِنْده، وَإِن كَانَ عَبده آبقا أَو مأسورا أَو مَغْصُوبًا مجحودا لَا تجب هَكَذَا فِي (الْبَدَائِع) و (الْيَنَابِيع) وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وَالشَّافِعِيّ وَابْن الْمُنْذر، وَعَن أبي حنيفَة: تجب فِي الْآبِق، وَبِه قَالَ عَطاء وَالثَّوْري، وَقَالَ الزُّهْرِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: تجب إِن كَانَ فِي دَار الْإِسْلَام، وَفِي الْمَرْهُون على الْمَشْهُور إِن فضل لَهُ بعد الدّين تجب، وَعَن أبي يُوسُف: لَا تجب حَتَّى يفتكه وَإِن هلك قبله، وَلَا صَدَقَة على الرَّاهِن بِخِلَاف عَبده الْمُسْتَغْرق بِالدّينِ، وَالَّذِي فِي رقبته جِنَايَة. قَالَ أَبُو يُوسُف: ورقيق الأحباس ورقيق القوام الَّذين يقومُونَ على زَمْزَم ورقيق الْفَيْء وَالْغنيمَة والسبي والأسر قبل الْقِسْمَة لَا فطْرَة فيهم، وَالْعَبْد الْمُوصى بِرَقَبَتِهِ لإِنْسَان وبخدمته لآخر تجب على الْمُوصى لَهُ بِالرَّقَبَةِ دون الْخدمَة، كَالْعَبْدِ الْمُسْتَعَار. وَقَالَ ابْن الْمَاجشون: تجب على مَالك الْخدمَة، وَتجب عَن عبيد العبيد، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي. وَقَالَ مَالك: لَا شَيْء فيهم. وَفِي مُعتق الْبَعْض أَقْوَال سِتَّة. الأول: لَا شَيْء فِيهِ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة. وَالثَّانِي: تجب على الْمُعْتق لِأَن لَهُ أَن يعتقهُ كُله إِن كَانَ لَهُ مَال، وَهُوَ قَوْلهمَا لِأَنَّهُ حر عِنْدهمَا، وَالثَّالِث: يُؤَدِّي الْمَالِك نصف صَدَقَة فطره، وَلَا شَيْء على العَبْد فِيمَا عتق. وَالرَّابِع: تجب عَلَيْهِمَا صَدَقَة كَامِلَة إِذا ملكا فضلا عَن قوتهما، قَالَه أَبُو ثَوْر وَالشَّافِعِيّ. وَالْخَامِس: يُؤَدِّي الَّذِي يملك نصِيبه صَدَقَة كَامِلَة، وَهُوَ قَول ابْن الْمَاجشون. وَالسَّادِس: على سَيّده بِقدر مَا يملكهُ، وَفِي ذمَّة الْمُعْتق بِقدر حُرِّيَّته، فَإِن لم يكن لَهُ مَال يزكّى سَيّده كُله.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي المَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ ويُزَكَّى فِي الفِطْرِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، الزُّهْرِيّ وَهُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب، وَهَذَا التَّعْلِيق وصل بعضه أَبُو عبيد فِي (كتاب الْأَمْوَال)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute