مَا سَبَب لعنهم فَأُجِيب بقوله اتَّخذُوا قَوْله " يحذر مَا صَنَعُوا " مقول الرَّاوِي لَا مقول الرَّسُول وَهِي أَيْضا جملَة مستأنفة وَإِنَّمَا كَانَ يُحَذرهُمْ من ذَلِك الصَّنِيع لِئَلَّا يفعل بقبره مثله وَلَعَلَّ الْحِكْمَة فِيهِ أَنه يصير بالتدريج شَبِيها بِعبَادة الْأَصْنَام
٧٣٤ - ح دّثنا عَبْدُ اللَّه بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالكٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدٍ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ قَالَ قاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ اتَّخَذوا وقُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق. وَرِجَاله مَشْهُورُونَ قد ذكرُوا غير مرّة، وَابْن شهَاب هُوَ: مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ. وَفِي إِسْنَاده صِيغَة الْجمع بِالتَّحْدِيثِ، وَالْبَاقِي بالعنعنة، وَرُوَاته مدنيون، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن سعيد بن هَارُون عَن ابْن وهب عَن مَالك وَيُونُس، كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجَنَائِز عَن القعْنبِي بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَفَاة عَن عَمْرو بن سَواد بن الْأسود عَن مَالك بِهِ.
ذكر مَعْنَاهُ وَمَا يستنبط مِنْهُ قَوْله: (قَاتل االيهود) ، أَي: قَتلهمْ ا، لِأَن فَاعل يَجِيء بِمَعْنى فعل أَيْضا، كَقَوْلِهِم: سَافر وسارع بِمَعْنى: سفر وسرع، وَيُقَال: مَعْنَاهُ لعنهم ا، وَيُقَال: عاداهم ا، وَيُقَال: الْقِتَال هَهُنَا عبارَة عَن الطَّرْد والإبعاد عَن الرَّحْمَة، فمؤداه ومؤدي اللَّعْنَة وَاحِد، وَإِنَّمَا خصص الْيَهُود هَهُنَا بِالذكر بِخِلَاف مَا تقدم لأَنهم أسسوا هَذَا الاتخاذ وابتدؤوا بِهِ، فهم أظلم، أَو لأَنهم أَشد غلوًّا فِيهِ. وَقد اسْتشْكل بَعضهم ذكر النَّصَارَى فِي الحَدِيث الأول لأَنهم لَيْسَ لَهُم نَبِي بَين عِيسَى وَبَين نَبينَا، غير عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلَيْسَ لَهُ قبر لِأَنَّهُ فِي السَّمَاء. وَأجِيب: عَنهُ: بِأَنَّهُ كَانَ فيهم أَنْبيَاء أَيْضا لكِنهمْ غير مرسلين كالحواريين وَمَرْيَم فِي قَول. قلت: هَذَا الْجَواب فِيهِ نظر لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة عَن عِكْرِمَة وَقَتَادَة وَالزهْرِيّ أَن الثَّلَاثَة الَّذين أَتَوا إِلَى أنطاكية الْمَذْكُورين فِي قَوْله تَعَالَى: {إِذْ أرسلنَا إِلَيْهِم اثْنَيْنِ فكذبوهما فعززنا بثالث} (يس: ٤١) كَانُوا رسلًا من اتعالى وهم: صَادِق وصدوق وشلوم، وَعَن قَتَادَة إِنَّهُم كَانُوا رسلًا من عِيسَى، فعلى هَذَا لم يَكُونُوا أَنْبيَاء فضلا عَن أَن يَكُونُوا رسلًا من اتعالى، وَأما مَرْيَم فَزعم ابْن حزم وَآخَرُونَ أَنَّهَا نبية، وَكَذَلِكَ سارة أم إِسْحَاق وَأم مُوسَى، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَعند الْجُمْهُور، كَمَا حَكَاهُ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَغَيره من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة: أَن النُّبُوَّة مُخْتَصَّة بِالرِّجَالِ وَلَيْسَت فِي النِّسَاء نبية.
وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ: منع الْبناء على الْقَبْر، لِأَن أَبَا دَاوُد أخرج هَذَا الحَدِيث فِي بَاب الْبناء على الْقَبْر، وَرُوِيَ أَيْضا عَن أَحْمد بن حَنْبَل: حدّثنا عبد الرَّزَّاق أخبرنَا ابْن جريج أَخْبرنِي ابْن الزبير أَنه سمع جَابِرا يَقُول: (سَمِعت رَسُول ا، نهى أَن يقْعد على الْقَبْر وَأَن يُقَصَّص وَأَن يبْنى عَلَيْهِ) . وَأخرجه مُسلم أَيْضا وَالتِّرْمِذِيّ، وَفِي رِوَايَته: (وَأَن يكْتب عَلَيْهَا) . وَالنَّسَائِيّ أَيْضا وَفِي رِوَايَته: (وَأَن يُزَاد عَلَيْهِ) .
٦٥ - (بابُ قوْلِ النَّبيِّ جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَول النَّبِي: (جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا) ، وإيراد هَذَا الْبَاب عقيب الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة إِشَارَة إِلَى أَن الْكَرَاهَة فِيهَا لَيست للتَّحْرِيم، لِأَن عُمُوم قَوْله: (جعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا) ، يدل على جَوَاز الصَّلَاة على أَي جُزْء كَانَ من أَجزَاء الأَرْض. وَقَالَ ابْن بَطل: فَدخل فِي عُمُوم هَذَا: الْمَقَابِر والمرابض وَالْكَنَائِس وَغَيرهَا.
٩٨ - (حَدثنَا مُحَمَّد بن سِنَان قَالَ حَدثنَا هشيم قَالَ حَدثنَا سيار هُوَ أَبُو الحكم قَالَ حَدثنَا يزِيد الْفَقِير قَالَ حَدثنَا جَابر بن عبد الله قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْطَيْت خمْسا لم يُعْطهنَّ أحد من الْأَنْبِيَاء قبلي نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر وَجعلت لي الأَرْض مَسْجِدا وَطهُورًا وَأَيّمَا رجل من أمتِي أَدْرَكته الصَّلَاة فَليصل وَأحلت لي الْغَنَائِم وَكَانَ النَّبِي