يكسر) بلام التَّأْكِيد وَكلمَة: قد، للتحقيق، و: يكسر، يفعل بِالتَّشْدِيدِ ليدل على كَثْرَة الْكسر، وَهَذِه الصِّيغَة تَأتي متعدية ولازمة، ويروى شَدِيد الْقد، بِإِضَافَة لفظ الشَّديد إِلَى لفظ الْقد بِكَسْر الْقَاف وَتَشْديد الدَّال، وَهُوَ: السّير من جلد غير مدبوغ، وَمَعْنَاهُ: شَدِيد وتر الْقوس فِي النزع وَالْمدّ، وَبِهَذَا جزم الْخطابِيّ، وَتَبعهُ ابْن التِّين، وعَلى هَذِه الرِّوَايَة يقْرَأ: قوسان، بِالرَّفْع على أَنه فَاعل: يكسِّر، على أَن يكون: يكسر، لَازِما. قَوْله:(أَو ثَلَاثًا) ويروى: أَو ثَلَاث، أَيْضا بِالرَّفْع عطفا عطفا عَلَيْهِ، وَكلمَة: أَو للشَّكّ من الرَّاوِي، ويروى: شَدِيد الْمَدّ، بِالْمِيم الْمَفْتُوحَة وَالدَّال الْمُشَدّدَة. قَوْله:(من النبل) أَي: السِّهَام. قَوْله:(فَيَقُول) أَي: فَيَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أنشرها) من النشر بالنُّون الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة من انتشار المَاء وتفرقه، ويروى: نثرها من النثر بالنُّون الْمَفْتُوحَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة ومعناهما وَاحِد. قَوْله:(فَأَشْرَف) من الإشراف وَهُوَ الإطلاع من فَوق. قَوْله:(لَا تشرف) مجزوم لِأَنَّهُ نهي أَي: لَا تطلع. قَوْله:(يصبك) ، مجزوم لِأَنَّهُ جَوَاب النَّهْي نَحْو: لَا تدن من الْأسد يَأْكُلك، ويروى: تصيبك على تَقْدِير: السهْم يصيبك. قَوْله:(سهم) بَيَان للمحذوف وَمن سِهَام القَوْل بَيَان أَن السهْم من الْعَدو. قَوْله:(نحري دون نحرك) ، أَي: صَدْرِي عِنْد صدرك أَي: أَقف أَنا بِحَيْثُ يكون صَدْرِي كالترس لصدرك، هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي. قلت: الْأَوْجه أَن يُقَال: هَذَا نحري قُدَّام نحرك، يَعْنِي: أَقف بَين يَديك بِحَيْثُ أَن السهْم إذاجاء يُصِيب نحري وَلَا يُصِيب نحرك. قَوْله:(وَأم سليم) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي زَوْجَة أبي طَلْحَة وَأم أنس بن مَالك وَخَالَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الرَّضَاع. قَوْله:(لمشمرتان) ، تَثْنِيَة على صِيغَة الْفَاعِل من: شمرت ثِيَابِي أذا رفعتها، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد. قَوْله:(خدم) بِالنّصب. قَوْله:(لِأَنَّهُ) مفعول (أرى) وَهُوَ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالدَّال الْمُهْملَة جمع الْخدمَة وَهِي الخلخال، و: السُّوق، بِالضَّمِّ جمع سَاق، وَهَذَا كَانَ قبل نزُول آيَة الْحجاب. قَوْله:(تنقزان) ، بالنُّون الساكنة وَالْقَاف المضمومة وبالزاي: من النقز وَهُوَ النَّقْل، وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَي تنقلان، وَقَالَ الْخطابِيّ: إِنَّمَا هُوَ تزفران، أَي: تحملان. قَالَ: وَأما النقز فَهُوَ الوثب الْبعيد، وَقَالَ ابْن قرقول: تزفران، بالزاي وَالْفَاء وَالرَّاء، يُقَال: إزفر لنا الْقرب أَي: إحملها ملأى على ظهرك. وَفِي (الْمطَالع) : تنقزان الْقرب على ظهورهما، هَكَذَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي معمر، قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ غَيره: تنقلان، وَكَذَا رَوَاهُ مُسلم، قيل: معنى تنقزان على الرِّوَايَة الأولي تثبان، والنقز الوثب والقفز كَأَنَّهُ من سرعَة السّير، وَضبط الشُّيُوخ: الْقرب، بِنصب الْبَاء وَوَجهه بعيد على الضَّبْط الْمُتَقَدّم. وَأما مَعَ: تنقلان، فَصَحِيح وَكَانَ بعض شُيُوخنَا يقْرَأ هَذَا الْحَرْف بِضَم بَاء الْقرب ويجعله مُبْتَدأ، كَأَنَّهُ قَالَ: والقرب على متونهما وَالَّذِي عِنْدِي فِي الرِّوَايَة اختلال، وَلِهَذَا جَاءَ البُخَارِيّ بعْدهَا بالرواية الْبَيِّنَة الصَّحِيحَة، وَقد تخرج رِوَايَة الشُّيُوخ بِالنّصب على عدم الْخَافِض، كَأَنَّهُ قَالَ: تنقزان الْقرب أَي: تحركان الْقرب بِشدَّة عدوهما بهَا، فَكَانَت الْقرب ترْتَفع وتنخفض مثل الوثب على ظهورهما. قَوْله:(على متونهما) أَي: على ظهورهما، وَهُوَ بِضَم الْمِيم جمع متن، وَهُوَ الظّهْر. قَوْله:(تفرغانه) بِضَم التَّاء يُقَال: أفرغت الْإِنَاء إفراغاً، وفرغته بِالتَّشْدِيدِ تفريغاً إِذا قلبت مَا فِيهِ.
٩١ - (بابُ مَناقِبِ عبْدِ الله بنِ سَلَامٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَنَاقِب عبد الله بن سَلام، بتَخْفِيف اللَّام ابْن الْحَارِث الإسرائيلي، ثمَّ الْأنْصَارِيّ من بني قينقاع، ويكنى أَبَا يُوسُف، وَهُوَ من ذُرِّيَّة ابْن يُوسُف الصّديق، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَالَ أَبُو عمر: وَكَانَ حليفاً للْأَنْصَار، وَيُقَال: كَانَ حليفاً للقواقلة من بني عَوْف بن الْخَزْرَج وَكَانَ اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة: الْحصين فَلَمَّا أسلم سَمَّاهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عبد الله، وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ فِي خلَافَة مُعَاوِيَة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَهُوَ أحد الْأَحْبَار، أسلم إِذْ قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمَدِينَة. وروى أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن يزِيد بن عميرَة فَإِنَّهُ سمع معَاذ بن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. يَقُول: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول لعبد الله بن سَلام: أَنه عَاشر عشرَة فِي الْجنَّة، وَقَالَ أَبُو عمر: هَذَا حَدِيث حسن الْإِسْنَاد صَحِيح.
٣٠٠ - (حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف قَالَ سَمِعت مَالِكًا يحدث عَن أبي النَّضر مولى عمر بن