للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٥٥٣ - وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: حدّثنا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أبي عنْ قَتادَةَ عنْ أبي رافِعٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ قَالَ: لَمَّا قَضاى الله الخَلْقَ كَتَبَ كِتاباً عِنْدَهُ غَلَبَتْ أوْ قَالَ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ

ا

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يُشِير بِهِ إِلَى أَن اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَوق الْعَرْش.

ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن طرخان بِفَتْح الْمُهْملَة هُوَ الْمَشْهُور، وَقَالَ الغساني: هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر، وَأَبُو رَافع اسْمه نفيع مصغر نفع الصَّائِغ الْبَصْرِيّ، يُقَال: أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ تحول إِلَى الْبَصْرَة، قَالَ أَبُو دَاوُد: قَتَادَة لم يسمع من أبي رَافع، وَقَالَ غَيره: سمع مِنْهُ.

والْحَدِيث مضى فِي التَّوْحِيد من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه فِي: بَاب {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الَاْوَّلِينَ}

قَوْله: قضى الله أَي: أتم الله خلقه. قَوْله: كتب كتابا إِمَّا حَقِيقَة عَن كِتَابَة اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَمعنى الْكِتَابَة: خلق صورته فِيهِ أَو أَمر بِالْكِتَابَةِ، وَإِمَّا مجَاز عَن تعلق الحكم بِهِ والإخبار بِهِ. قَوْله: عِنْده العندية المكانية مستحيلة فِي حَقه تَعَالَى، فَهِيَ مَحْمُولَة على مَا يَلِيق بِهِ، أَو مفوضة إِلَيْهِ أَو مَذْكُورَة على سَبِيل التَّمْثِيل والاستعارة، وَهِي من المتشابهات. وَقَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ يتَصَوَّر السَّبق فِي الصِّفَات الْقَدِيمَة إِذْ معنى الْقَدِيم هُوَ عدم المسبوقية؟ وَأجَاب بِأَنَّهَا من صِفَات الْأَفْعَال أَو المُرَاد: سبق تعلق الرَّحْمَة، وَذَلِكَ لِأَن إِيصَال الْعقُوبَة بعد عصيان العَبْد بِخِلَاف إِيصَال الْخَيْر فَإِنَّهُ من مقتضيات صِفَاته.

٥٦ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَالله خَلقكُم وَمَا تَعْمَلُونَ} قَالَ الْمُهلب: غَرَض البُخَارِيّ من هَذِه التَّرْجَمَة، إِثْبَات أَن أَفعَال الْعباد وأقوالهم مخلوقة لله تَعَالَى، وَقيل: وَمَا تَعْمَلُونَ من الْأَصْنَام من الْخشب وَالْحِجَارَة، وَقَالَ قَتَادَة: وَمَا تَعْمَلُونَ بِأَيْدِيكُمْ، وَقيل: يجوز أَن تكون كلمة: مَا، نَافِيَة أَي: وَمَا تَعْمَلُونَ وَلَكِن الله خالقه، وَيجوز أَن تكون: مَا، مَصْدَرِيَّة أَي: وعملكم، وَيجوز أَن تكون استفهاماً بِمَعْنى التوبيخ.

{إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}

الظَّاهِر أَنه سقط مِنْهُ: قَوْله تَعَالَى، قَالَ الْكرْمَانِي التَّقْدِير خلقنَا كل شَيْء بِقدر فيستفاد مِنْهُ أَن الله خَالق كل شَيْء.

ويُقالُ لِلْمُصَوِّرِينَ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ.

كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَهُوَ الْمَحْفُوظ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَيَقُول أَي: بقول الله عز وَجل، أَو: يَقُول الْملك بأَمْره، وَهَذَا الْأَمر للتعجيز.

{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَمَاوَاتِ وَالَاْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالَاْمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: بَيَّن الله الخَلْقَ مِنَ الأمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَمَاوَاتِ وَالَاْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالَاْمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}

سَاق فِي رِوَايَة كَرِيمَة الْآيَة كلهَا، وَالْمُنَاسِب مِنْهَا لما تقدم. قَوْله: فيخص بِهِ قَوْله: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالَاْرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لَا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَاْعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُل شَىْءٍ وَكِيلٌ} وَلذَلِك عقبه بقوله: وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان بَين الله الْخلق من الْأَمر بقوله: وَهَذَا الْأَثر وَصله ابْن أبي حَاتِم فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية من طَرِيق بشار بن مُوسَى. قَالَ: كُنَّا عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة فَقَالَ: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} فالخلق هُوَ الْمَخْلُوقَات وَالْأَمر هُوَ الْكَلَام. وَقَالَ الرَّاغِب: الْأَمر لفظ عَام للأفعال والأقوال كلهَا، وَمِنْه قَوْله عز وَجل: {وَللَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالَاْرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الَاْمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} وَيُقَال للإبداع أَمر نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} وَقيل: المُرَاد بالخلق فِي الْآيَة الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا. وبالأمر الْآخِرَة وَمَا فِيهَا، فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>