للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنه لفُلَان وَلَيْسَ لي فظهرت الْمُطَابقَة، هَذَا كَلَام الْكرْمَانِي، وتحرير الْكَلَام أَن جَوَابه، للرجل عَن طلب الْولَايَة بقوله: قَوْله: سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة إِرَادَة نفي ظَنّه أَنه أثر الَّذِي ولاه عَلَيْهِ، فَبين لَهُ أَن ذَلِك لَا يَقع فِي زَمَانه، وَأَنه لم يخص الرجل بذلك لذاته بل لعُمُوم مصلحَة الْمُسلمين، وَأَن الاستئثار للحظ الدنيوي إِنَّمَا يَقع بعده وَأمرهمْ عِنْد وُقُوع ذَلِك بِالصبرِ.

٣ - (بابُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (هَلَاكُ أُمَّتي عَلى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهاءَ))

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَول النَّبِي إِلَى آخِره، وَفِي بعض النّسخ من قُرَيْش، وَهُوَ فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلم يَقع لغيره، وروى أَحْمد وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة سماك عَن أبي ظَالِم عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: إِن فَسَاد أمتِي على يَدي غلمة سُفَهَاء من قُرَيْش. قَوْله: أغيلمة تَصْغِير غلمة جمع غُلَام، وَوَاحِد الْجمع المصغر: غليم، بِالتَّشْدِيدِ يُقَال للصَّبِيّ من حِين يُولد إِلَى أَن يَحْتَلِم غُلَام، وَجمعه غلْمَان وغلمة وأغيلمة، وَقد يُطلق لفظ غُلَام على الرِّجَال المستحكم الْقُوَّة تَشْبِيها لَهُ بالغلام فِي قوته. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: المُرَاد بالأغيلمة هُنَا الصّبيان، وَلذَلِك صغرهم.

٧٠٥٨ - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا عَمْرُو بنُ يَحْيى بنِ سَعِيدِ بنِ عَمْرِو بنِ سَعيدٍ قَالَ أَخْبرنِي جَدِّي قَالَ: كُنْتُ جالِساً مَع أبي هُرَيْرَةَ فِي مَسْجِدِ النبيِّ بِالمَدِينةِ ومَعَنا مرْوَانُ، قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ المَصْدُوقَ يَقُولُ: هَلَكَةُ أمَّتِي عَلى يَدَيْ غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ مَرْوَانُ: لَعْنَةُ الله عَليْهِمْ غِلْمةً، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لوْ شِئْتُ أنْ أقُولَ بَنِي فُلانٍ وبَني فُلَانٍ لَفَعَلْتُ، فَكُنْتُ أخْرُجُ مَعَ جَدِّي إِلَى بَنِي مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بالشَّأمِ، فإذَا رآهُمْ غِلْماناً أحْدَاثاً قَالَ لَنا عَسَى هاؤُلَاءِ أنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ، قُلْنا: أنْتَ أعْلَمُ.

انْظُر الحَدِيث ٣٦٠٤ وطرفه

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي قَوْله: هلكة أمتِي على يَدي غلمة وَلَكِن لَيْسَ فِي الحَدِيث لفظ: سُفَهَاء، قَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّه بوب ليستذكره فَلم يتَّفق لَهُ، أَو أَشَارَ إِلَى أَنه ثَبت فِي الْجُمْلَة لكنه لَيْسَ بِشَرْطِهِ. قلت: قد ذكرنَا الْآن لفظ: سُفَهَاء، عِنْد أَحْمد وَالنَّسَائِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ. أخرجه مُسلم.

قَوْله: أَخْبرنِي جدي هُوَ سعيد بن عَمْرو بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة. وَعمر بن سعيد هُوَ الْمَعْرُوف بالأشدق قَتله عبد الْملك بن مَرْوَان لما خرج عَلَيْهِ بِدِمَشْق بعد السّبْعين. قَوْله: كنت جَالِسا مَعَ أبي هُرَيْرَة كَانَ ذَلِك زمن مُعَاوِيَة. قَوْله: ومعنا مَرْوَان هُوَ ابْن الحكم بن الْعَاصِ بن أُميَّة الَّذِي ولي الْخلَافَة، وَكَانَ يَلِي لمعاوية إمرة الْمَدِينَة تَارَة، وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَالِد عمر، ويليها لمعاوية تَارَة. قَوْله: الصَّادِق المصدوق أَي: الصَّادِق فِي نَفسه والمصدوق من عِنْد الله، أَو بِمَعْنى الْمُصدق من عِنْد النَّاس. قَوْله: هلكة أمتِي الهلكة بِفتْحَتَيْنِ بِمَعْنى الْهَلَاك، وَفِي رِوَايَة: إِكْمَال هَلَاك أمتِي، قَالَ بَعضهم: هُوَ المطابق للتَّرْجَمَة. قلت: إِذا كَانَ الهلكة بِمَعْنى الْهَلَاك يحصل الْمُطَابقَة وَالْمرَاد بالأمة هُنَا أهل ذَلِك الْعَصْر وَمن قاربهم لَا جَمِيع الْأمة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: على يَدي غلمة كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بالتثنية، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ والكشميهني: على أَيدي، بِالْجمعِ. قَوْله: لعنة الله عَلَيْهِم غلمة بِنصب: غلمة، على الِاخْتِصَاص، وَفِي رِوَايَة عبد الصَّمد: لعنة الله عَلَيْهِم من أغيلمة، وَالْعجب من لعن مَرْوَان الغلمة الْمَذْكُورين مَعَ أَن الظَّاهِر أَنهم من وَلَده، فَكَأَن الله تَعَالَى أجْرى ذَلِك على لِسَانه ليَكُون أَشد فِي الْحجَّة عَلَيْهِم لَعَلَّهُم يتعظون، وَقد وَردت أَحَادِيث فِي لعن الحكم وَالِد مَرْوَان وَمَا ولد، أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ وَغَيره. قَوْله: فَكنت أخرج مَعَ جدي قَائِل ذَلِك عَمْرو بن يحيى. قَوْله: حِين ملكوا بِالشَّام إِنَّمَا خص الشَّام مَعَ أَنهم لما ولوا الْخلَافَة ملكوا غير الشَّام أَيْضا لِأَنَّهَا كَانَت مساكنهم من عهد مُعَاوِيَة. قَوْله: أحداثاً جمع حَدِيث أَي: شباناً، وأولهم يزِيد عَلَيْهِ مَا يسْتَحق وَكَانَ غَالِبا ينْزع الشُّيُوخ من إِمَارَة الْبلدَانِ الْكِبَار ويوليها

<<  <  ج: ص:  >  >>