وَالْمَدينَة يَوْمئِذٍ بَينه وَبَين الْيمن فَأَشَارَ إِلَى نَاحيَة الْيمن وَهُوَ يُرِيد مَكَّة وَالْمَدينَة وَقيل أَرَادَ بِهَذَا القَوْل الْأَنْصَار لأَنهم يمانيون وهم نصروا الْإِيمَان وَالْمُؤمنِينَ وآووهم فنسب الْإِيمَان إِلَيْهِم قَوْله وَغلظ الْقُلُوب بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح اللَّام قَوْله " فِي الْفَدادِين " بِالتَّشْدِيدِ جمع فداد وَهُوَ الشَّديد الصَّوْت وبالتخفيف جمع الفدان وَهُوَ آلَة الْحَرْث وَإِنَّمَا ذمّ أَهله لِأَنَّهُ يشْتَغل عَن أَمر الدّين وَيكون مَعهَا قساوة الْقلب وَنَحْوهَا قَوْله قرنا الشَّيْطَان أَي جانبا رَأسه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ ينْتَصب فِي محاذاة مطلع الشَّمْس حَتَّى إِذا طلعت كَانَت بَين قرنيه فَتَقَع سَجْدَة عَبدة الشَّمْس لَهُ قَوْله ربيعَة وَمُضر بدل من الْفَدادِين وهما قبيلتان مشهورتان
٤٠٣٥ - حدّثنا عَمْرو بنُ زْرَارَةَ أخبرنَا عبْدُ العَزِيزِ بنُ أبِي حازِمِ عنْ أبِيهِ عنْ سَهْلٍ قَالَ رسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنا وكافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هاكَذَا، وأشارَ بالسَّبَّايَةِ والوُسْطَى وفَرَّجَ بَيْنَهُما شَيْئاً.
(الحَدِيث ٤٠٣٥ طرفه فِي: ٥٠٠٦) .
مطابقته للْحَدِيث الَّذِي قبله فِي قَوْله: (وَأَشَارَ) . وَعَمْرو بن زُرَارَة بِضَم الزَّاي وخفة الرَّاء الأولى النَّيْسَابُورِي، وَسَهل هُوَ ابْن سعد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الثَّانِي من أَحَادِيث الْبَاب.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن عبد الله بن عبد الْوَهَّاب. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن عبد الله بن عمرَان.
قَوْله: (كافل الْيَتِيم) أَي: الْقيم بأَمْره ومصالحه. قَوْله: (بالسبابة) ويروى: بالسماحة وَإِنَّمَا فَرح بَينهمَا إِشَارَة إِلَى التَّفَاوُت بَين دَرَجَة الْأَنْبِيَاء وآحاد الْأمة والسباية هِيَ المسبحة، وَيُقَال: لما قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ذَلِك اسْتَوَت سبايته ووسطاه اسْتِوَاء بَينا فِي تِلْكَ السَّاعَة ثمَّ عادتا إِلَى حَالهمَا الطبيعية الْأَصْلِيَّة، وَذَلِكَ لتوكيد أَمر كَفَالَة الْيَتِيم.
٦٢ - (بابٌ إذَا عَرَّضَ بَنَفْي الوَلَدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من عرّض بِالتَّشْدِيدِ بِنَفْي الْوَلَد، وَعرض كِنَايَة تكون مسوقة لأجل مَوْصُوف غير مَذْكُور، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ، التَّعْرِيض أَن تذكر شَيْئا تدل بِهِ على شَيْء لم تذكره، وَالْكِنَايَة أَن تذكر الشَّيْء بِغَيْر لَفظه الْمَوْضُوع لَهُ.
٥٠٣٥ - حدّثنا يَحْيَى بنُ قَزَعَةَ حَدثنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رجُلاً أتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رسولَ الله! وُلِدَ لِي غُلامٌ أسْوَدُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: مَا ألْوَانُها؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيها مِنْ أوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فأنَّى ذالِك؟ قَالَ: لَعَلَّهُ نَزَعَةُ عِرْقٌ قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هاذَا نَزَعَهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (ولد لي غُلَام أسود) فَإِن فِيهِ تعريضاً لنفيه عَنهُ يَعْنِي: أَنا أَبيض وَهَذَا أسود فَلَا يكون مني؟
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْمُحَاربين عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك.
قَوْله: (أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَفِي رِوَايَة أبي مُصعب: جَاءَ أَعْرَابِي، وَكَذَا سَيَأْتِي فِي الْحُدُود عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس عَن مَالك، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: وَجَاء رجل من أهل الْبَادِيَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة أَشهب عَن مَالك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: أَن أَعْرَابِيًا من بني فَزَارَة، وَكَذَا عِنْد مُسلم، وَاسم هَذَا الْأَعرَابِي ضَمْضَم بن قَتَادَة. قَوْله: (أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب صرح بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (حمر) بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْمِيم، وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن مُصعب عَن مَالك عِنْد الدَّارَقُطْنِيّ: رمك، جمع أرمك وَهُوَ الْأَبْيَض إِلَى حمرَة. قَوْله: (أَوْرَق) وَهُوَ الَّذِي فِي لَونه بَيَاض إِلَى سَواد، وَيُقَال: الأورق الأغبر الَّذِي فِيهِ سَواد وَبَيَاض وَلَيْسَ بناصع الْبيَاض كلون الرماد، وَمِنْه سميت الْحَمَامَة: وَرْقَاء، لذَلِك. قَوْله: (فأنَّى ذَلِك؟) أَي: فَمن أَيْن ذَلِك؟ قَوْله: (لَعَلَّه نَزعه عرق) أَي: جذبه إِلَيْهِ وَأظْهر لَونه عَلَيْهِ، يَعْنِي: أشبهه، هَذِه رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ: لَعَلَّ نَزعه عرق، بِدُونِ الضَّمِير، والعرق الأَصْل من النّسَب، قيل: الصَّوَاب لَعَلَّ عرقاً نَزعه عرق. قلت: لَعَلَّه عرق نَزعه أَيْضا صَوَاب لِأَن الْهَاء ضمير الشَّأْن، وَهُوَ: اسْم لَعَلَّ، وَالْجُمْلَة الَّتِي بعد خَبره فَافْهَم. قَوْله: (فَلَعَلَّ ابْنك هَذَا نَزعه) أَي: نزع الْعرق، وَقَالَ الدَّاودِيّ: (لَعَلَّ) هُنَا للتحقيق.
وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيّ، فَقَالُوا: لَا حدّ فِي التَّعْرِيض وَلَا لعان بِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُوجب على هَذَا الرجل الَّذِي عرض بامرأته حدا، وَأوجب مَالك الْحَد بالتعريض وَاللّعان بِهِ أَيْضا إِذا